أشار السير ماكس هاستينغز، صحافي ومؤرخ عسكري بريطاني، إلى أن موازين القوى العسكرية تميل لصالح الجيش الروسي. مع أن الأرقام تصب في مصلحة الغرب عند مقارنتها مع روسيا، حيث أن الناتج المحلي الإجمالي لحلف شمال الأطلسي يساوي 30 مرة حجم ناتج روسيا، كما يساوي إنفاقه الدفاعي 15 ضعفاً حجم إنفاقها، يتحتم على أوروبا تحرير نفسها من الاعتماد على الطاقة الروسية وإعادة التسلح.
وكتب هاستينغز في شبكة "بلومبرغ" أن الخطوتين تتطلبان وقتاً بينما يتقدم الجنود الروس في منطقة دونباس. في الوقت الحالي، حتى أفضل الحلفاء الأوروبيين تسلحاً، أو أقلهم ضعفاً، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، سيحتاجون إلى أشهر لوضع فرقة واحدة جديرة بالقتال في الميدان.
ولفت إلى أنّ الالتزام والقوة الأميركيين لا يمكن الاستغناء عنهما.
في المدى القريب، يبدو من المرجح أن تنجح سياسة الحديد والدم التي يعتمدها بوتين، فالجيش الروسي المتخبط يظل أفضل من الجيش الأوكراني. وقال أصدقاء الكاتب الذين يخدمون في الجيش البريطاني إنه يجدر بقوات زيلينسكي أن تكون قادرة على منع غزو روسيا الكامل لأوكرانيا. لكنهم أشاروا أيضاً إلى أن فرص كييف في استعادة دونباس هي "صفر" مهما كان نوع السلاح الذي ستحصل عليه. وتقوم روسيا بتعزيز المناطق التي تسيطر عليها.
على الرغم من ضعف معنويات جيشه، لا يزال بحوزة بوتين مخزون من الأسلحة غير المستخدمة من بينها ما هو مريع. إن تدخلاً غربياً عسكرياً قادر وحده على تقديم احتمال تغيير موازين القوى ضد روسيا. لكن الكاتب يستبعد ذلك. يظن العديد من الأميركيين أن بلادهم تربط نفسها كثيراً بأوروبا في وقت تشكل الصين أخطر عدو. لا يريد المشككون رؤية بلادهم منخرطة في نزاع فوضوي في دولة بعيدة.
ومن المؤكد أن بوتين يُدخل في حساباته عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أو نسخة عنه يرفض أي تورط مع أوروبا في مواجهة روسيا. إن انسحاباً أميركياً سيترك أوكرانيا معتمدة على الأوروبيين عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وهو احتمال قاتم لأن واشنطن تمدها بأكثر من 80% من المساعدات. وغالبية أوروبا يائسة بشكل محرج للتوصل إلى تسوية تخفف أزمة الطاقة قبل بدء الشتاء.
وألحقت روسيا أضراراً بالبنية التحتية الأوكرانية تفوق 100 مليار دولار. وجد الكاتب أن حق روسيا بإلحاق الضرر في أوكرانيا بينما هي تبقى محصنة أمر ظالم. وتواصل الهند والصين شراء النفط الروسي الرخيص.
رأى الكاتب أن بوتين تخلى بالتأكيد عن هدفه الأساسي المتمثل بالقضاء على أوكرانيا كدولة سيدة لكن من المرجح أن يحقق آماله بتقسيمها بحكم الأمر الواقع. يبقى بوتين مقتنعاً بأن الغرب الناعم سيقرر عاجلاً أم آجلاً أن راحته وحاجته إلى الطاقة كما خوفه من السلاح النووي ستضطره للإذعان.
التحدي التاريخي هو إثبات أن حسابات بوتين خاطئة لأن نجاح الرئيس الروسي سيوجه ضربة صادمة لقضية الديموقراطية والحرية والعدالة في القرن الواحد والعشرين. ودعا هاستينغز الغرب إلى مواصلة دعم زيلينسكي بالأسلحة والاقتصاد ليس طوال فترة استمرار الأوكرانيين بالقتال بل إلى ما بعد ذلك بكثير.
وإن لم يكن هنالك أمل على المدى القصير في الفوز على بوتين فيجب مواصلة فرض العقوبات والعزلة الاجتماعية على روسيا طوال سنوات مع ضخ المزيد من الأموال لتعزيز الناتو.
اليوم، يجب الاعتراف بضآلة آفاق تخليص أوكرانيا من "الشر" عبر الوسائل العسكرية وحدها. لكن غداً، أو السنة التالية أو العقد التالي، إذا انتصرت استراتيجية الدم والحديد التي يعتمدها بوتين فسيكون النجاح التاريخي للديموقراطيات الأوروبية الغربية أجوف بالفعل.