أثارت وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني خلال احتجازها لدى الشرطة بالعاصمة الإيرانية طهران موجة غضب في أنحاء البلاد وسلطت الضوء على حالة مجتمعها العرقي.
وبحسب منظمة حقوقية كردية، قُتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص في المنطقة الكردية بإيران أمس الاثنين عندما فتحت قوات الأمن النار خلال احتجاجات على مقتل مهسا، في ثالث يوم من الاضطرابات على خلفية الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي.
وفاقمت وفاة مهسا أميني التوتر بين النظام والأقلية الكردية التي تقول جماعات حقوقية إنها تتعرض للقمع منذ فترة طويلة على يد القيادة الإيرانية. وتنفي الجمهورية الإسلامية اضطهاد الأكراد.
وفي ما يلي بعض الحقائق بشأن أكراد إيران، الذين يمثلون جزءا من مجتمع منتشر في العديد من دول الشرق الأوسط ويشكل واحدا من أكبر شعوب العالم التي بدون دولة.
* التاريخ
تتحدث الأقلية الكردية، ومعظم أفرادها من المسلمين السُنة الذين يعيشون في إيران ذات الأغلبية الشيعية، لغة مرتبطة بالفارسية ويعيشون غالبا في منطقة جبلية تمتد عبر حدود أرمينيا والعراق وإيران وسوريا وتركيا.
وصعدت النزعة القومية الكردية في تسعينيات القرن التاسع عشر عندما كانت الإمبراطورية العثمانية في مرحلة الأفول. ووعدت معاهدة سيفر لعام 1920، التي فرضت تسوية وتقسيما استعماريا لتركيا بعد الحرب العالمية الأولى، الأكراد بالاستقلال.
وبعد ذلك بثلاث سنوات، مزق الزعيم التركي كمال أتاتورك المعاهدة. ووزعت معاهدة لوزان، التي تم التصديق عليها عام 1924، الأكراد بين الدول الجديدة في الشرق الأوسط.
وبرزت النزعة الانفصالية الكردية في إيران للمرة الأولى على السطح مع جمهورية مهاباد عام 1946، وهي دولة مدعومة من الاتحاد السوفياتي تمتد عبر حدود إيران مع تركيا والعراق. وقد استمرت لعام واحد قبل أن تستعيد الحكومة المركزية السيطرة مرة أخرى.
وتسببت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 في إراقة الدماء في منطقة كردستان إذ دارت اشتباكات عنيفة بين الثوريين الشيعة والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني الذي قاتل من أجل الاستقلال.
وبعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، ضاعفت القوات المسلحة الإيرانية النظامية والحرس الثوري قمعهم للأكراد حتى لا يكونوا طابورا خامسا في قتال طهران ضد صدام حسين.
وظهرت مجموعات مسلحة جديدة على غرار حزب الحياة الحرة الكردستاني على مدى العقدين الماضيين، ودارت في بعض الأحيان اشتباكات بينها وبين قوات الأمن. وكثيرا ما لجأ قادتها إلى كردستان العراق واستهدفتهم صواريخ إيرانية.
وتأرجحت مطالب الأكراد بين الانفصالية الكاملة والحكم الذاتي داخل دولة إيرانية متعددة الأعراق تشمل طيفا سياسيا واسعا من العلمانية ذات الميول اليسارية إلى الفكر الإسلامي اليميني.
* المجتمع
في ظل وجود ما يتراوح بين ثمانية وعشرة ملايين كردي في إيران، تخشى السلطات من تزايد الضغوط من أجل الانفصال بين أبناء أقلية لديها تاريخ طويل من الكفاح من أجل حقوقها السياسية.
وتقول جماعات حقوقية إن الأكراد، الذين يشكلون نحو عشرة بالمئة من السكان، إلى جانب أقليات دينية وعرقية أخرى يواجهون تمييزا في ظل حكم المؤسسة الدينية الشيعية في إيران.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير "الأكراد في إيران يعانون من تمييز متجذر منذ فترة طويلة. يتم قمع حقوقهم الاجتماعية والسياسية والثقافية شأنها شأن تطلعاتهم الاقتصادية".
وأضافت أن "المناطق الكردية مهملة اقتصاديا، مما أدى إلى ترسيخ الفقر. كما أن عمليات الإجلاء القسري وتدمير المنازل قوضت وصول الأكراد لسكن مناسب".
ويقمع الحرس الثوري الاضطرابات في المجتمع الكردي منذ عقود، كما يصدر القضاء الكثير من الأحكام بالسجن لفترات طويلة أو حتى بالإعدام على كثير من النشطاء فيه.