بات الجنرال سيرغي سوروفيكين، صاحب الوجه المتجهم والمحارب المخضرم منذ الاجتياح السوفياتي لأفغانستان، يمثل في بضعة ايام وجه "العملية الخاصة" لروسيا في أوكرانيا.
فالرجل الذي يقف وراء حملة القصف الواسعة التي استهدفت مدنا أوكرانية مؤخرا ويطلق عليه لقب "جنرال يوم القيامة" في وسائل الإعلام الغربية، تم تعيينه قائدا للقوات الروسية في أوكرانيا في 8 تشرين الأول.
ومهمته الأساسية تتمثل بقلب المعادلة بعد سلسلة من الهزائم التي منيت بها القوات الروسية في ساحة المعركة وأجبرتها على التراجع على جبهات عدة.
وبينما التزم الجيش الروسي الصمت حول نكساته على الأرض، فإن سوروفيكين ظهر على شاشة التلفزيون الرسمي الروسي الثلثاء.
وقال الجنرال البالغ 56 عاما وهو يرتدي زيه العسكري وتحيط به الأعلام الروسية في حديثه عن سير العمليات في أوكرانيا إن "الوضع متوتر".
وأضاف "لن نستبعد اتخاذ أصعب القرارات".
- "القائد القاسي" -
وُلد سوروفيكين في سيبيريا وشارك في حرب أفغانستان في الثمانينيات وأيضا في الانقلاب ضد ميخائيل غورباتشوف عام 1991 الذي بشر بسقوط الاتحاد السوفياتي.
واصل القتال في الحرب الشيشانية الثانية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والعملية العسكرية في سوريا عام 2015.
وصرّح خبير عسكري روسي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته "انه معروف جدا. الجيش يتحدث عنه كثيرا. وله سمعة بأنه قائد مجنون ومصاب بصدمات الحرب وقاس".
وأضاف أن الرئيس فلاديمير "بوتين يوقره. وفي سوريا طرد الضباط من هيئة الأركان العامة ليذهب هو ويقود الهجمات".
وقال فاسيلي كاشين الخبير في الجغرافيا السياسية بكلية موسكو العليا للاقتصاد إنه يتمتع "بصفات إدارية واستراتيجية".
وأضاف "من الواضح أن القادة الروس يعتبرون سوروفيكين القائد الأفضل لقيادة مثل هذا الجهد العسكري الكبير".
وأشار المحلل المستقل ألكسندر كرامتشيخين إلى أن سوروفيكين كان يقود في السابق القوات الروسية في جنوب أوكرانيا والتي كانت "الأكثر نجاحا"، موضحا "هذا هو المطلب الوحيد في الوضع الحالي".
وتغيير الاستراتيجية بات ملحوظا بالفعل.
فبعد يومين من إسناد المهمة في أوكرانيا لسوروفيكين، شن الجيش الروسي موجة هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على البنى التحتية الأوكرانية، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي والمياه في مدن عدة.
والقصف الذي لم يتوقف وسط شتاء قاس على الأبواب دفع بالمسؤولين الأوكرانيين الى حض الناس على تقنين استخدامهم للكهرباء.
- أحكام بالسجن -
قبل تعيينه قائدا للقوات الروسية في منطقة العمليات العسكرية الخاصة في أوكرانيا، كان سوروفيكين أحد قادة القوات الروسية في سوريا.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 2020 إنه كان من بين الضباط الروس "الذين قد يتحملون مسؤولية" الانتهاكات هناك، بما في ذلك الهجمات على المدارس والمستشفيات.
وهو معروف في روسيا قبل كل شيء بدوره في الانقلاب الفاشل عام 1991.
وسُجن سوروفيكين بعد أن قتلت مجموعة تأتمر به ثلاثة متظاهرين مؤيدين للديموقراطية، لكن أطلق سراحه بعد بضعة أشهر.
وقال الخبير الذي طلب عدم ذكر اسمه "المرة الثانية التي سُجن فيها كانت في نهاية التسعينات بتهمة الاتجار غير المشروع بالأسلحة ولكن تم تعليق الحكم عند الاستئناف".
وحاز سوروفيكين على احترام أولئك الذين يسعون إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة في أوكرانيا.
وقال الزعيم الشيشاني رمضان قديروف الذي انتقد الجيش الروسي إنه "راض تماما" عن تعيينه.
واتهم المعارض الروسي ليونيد فولكوف سوروفيكين بأنه "لص أسطوري" أثرى من القطع غير القانوني للأشجار. وكتب على تويتر "إنه رجل أعمال وليس جنرالا".
وسيتم الحكم على سوروفيكين في حال تمكن من قلب مصير روسيا في أوكرانيا وتصحيح المشاكل والأخطاء التي تراكمت منذ بدء الهجوم في شباط.
ونظرا للتقدم الأوكراني الأخير على الجبهة الجنوبية، فإنه يواجه تحديات صعبة خاصة في الأيام المقبلة، أولها إما التخلي عن مدينة خيرسون التي تحتلها القوات الروسية أو البقاء والقتال.