اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب، الثلثاء، في خطابه السنوي للأمة، باستخدام النزاع في أوكرانيا لـ"القضاء" على روسيا، معتبراً أنّ الغربيين يتحمّلون "مسؤولية" التصعيد.
وقال في خطاب قبل ثلاثة أيام من الذكرى الأولى لبدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، "النخب الغربية لا تخفي هدفها: إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، أي القضاء علينا مرة واحدة وإلى الأبد".
وأضاف الرئيس الروسي أنّ "المسؤولية عن تأجيج النزاع الأوكراني وتصعيده وعن عدد الضحايا... تقع بالكامل على النخب الغربية"، مردّداً ما كان قد أدلى به سابقاً عن أنّ الغرب يدعم قوى النازيين الجدد في أوكرانيا لتعزيز دولة معادية لروسيا فيها.
وأكد بوتين أنه مصمّم على مواصلة الهجوم على أوكرانيا، بينما يكافح جيشه منذ أشهر في ساحة المعركة، على الرغم من تعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط.
وقال "لضمان أمن بلدنا، والقضاء على تهديدات نظام النازيين الجدد القائم في أوكرانيا منذ انقلاب العام 2014، تَقرَّر تنفيذ عملية عسكرية خاصة. وسنتعامل مع الأهداف التي تقع أمامنا خطوة بخطوة وبعناية ومنهجية".
وأمام النخبة السياسية في البلاد وعسكريين حاربوا في أوكرانيا، شكر بوتين "كلّ الشعب الروسي على شجاعته وتصميمه".
وفي إشارة إلى العقوبات الدولية على بلاده، اعتبر بوتين أنّ الغرب "لم يحقّق شيئاً ولن يحقّق شيئاً"، في الوقت الذي قاوم فيه الاقتصاد الروسي بشكل أفضل ممّا توقعه الخبراء.
وقال "لقد حرصنا على استقرار الوضع الاقتصادي وحماية المواطنين"، معتبراً أنّ الغرب فشل في "زعزعة استقرار مجتمعنا".
واعتبر أن تراجع الناتج المحلي الإجمالي عام 2022 بنسبة 2,1% فقط هو إنجاز، مؤكدًا أن معدّل التضخم سيستقرّ قريبًا عند قرابة هدفه السنوي البالغ 4%.
وكان بوتين يخاطب رجال أعمال روساً أثرياء جداً تعرّضت ممتلكاتهم ويخوتهم وحساباتهم المصرفية في الخارج للعقوبات الغربية. وقال إن "لا أحد من الناس العاديين اشتكى" من العقوبات مذكّرًا كيف اغتنت نخبة من الأوليغارشيين عند سقوط الاتحاد السوفياتي.
ودعا الرئيس الروسي هؤلاء إلى التحلي بالوطنية في ما يخصّ الاقتصاد فقال إن "مصادر الرفاهية والمستقبل يجب أن تكون هنا، في البلد الأصلي، روسيا". وتابع "استثمروا في روسيا ... الدولة والمجتمع سيدعمانكم".
وتوعد بملاحقة "الخونة" في روسيا، وسط قمع أيّ صوت ينتقد الكرملين والصراع في أوكرانيا، عبر اعتقالات وفرض أحكام سجن قاسية.
وقال "كلّ الذين اختاروا خيانة روسيا يجب أن يُحاسَبوا أمام القانون"، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ الأمر ليس عبارة عن "مطاردة ساحرات".
وأخيرًا، قدّم بوتين الغرب، كما يفعل منذ سنوات، على أنه منحطّ، معتبراً أن الاعتداء الجنسي على الأطفال أصبح "القاعدة".
وأردف "أنظروا إلى ما يفعلونه في شعوبهم: فقد أصبح تدمير العائلات والهويات الثقافية والوطنية، الشذوذ وسوء معاملة الأطفال وحتى الاعتداء الجنسي عليهم، القاعدة... والكهنة مرغمون على مباركة زواج المثليين".
- "سخافة" -
وتعكس تصريحات الرئيس الروسي رؤية للصراع تختلف عن تلك التي كشفها بايدن في اليوم السابق في كييف، والذي من المتوقّع أن يردّ على بوتين في خطابه المرتقب من القلعة الملكية في وارسو الثلثاء عند حوالى الساعة 4,30 بعد الظهر بتوقيت غرينتش.
وكان الرئيس الأميركي أكّد خلال زيارته إلى أوكرانيا أنّ "كييف لا تزال صامدة. الديموقراطية لا تزال صامدة".
في هذه الأثناء، ندّد البيت الأبيض بـ"سخافة" خطاب بوتين المعادي للغرب. وقال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان للصحافيين "لا أحد يهاجم روسيا. هناك نوع من السخافة في فكرة أنّ روسيا كانت تتعرّض لشكل من أشكال التهديد العسكري من أوكرانيا أو من أي طرف آخر".
- الصين "قلقة للغاية" -
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا، لا تزال موسكو بعيدة عن تحقيق أهدافها، حتى لو كثّفت قوّاتها جهودها في الأسابيع الأخيرة للتقدّم في الشرق، وخصوصاً حول مدينة باخموت.
تطالب أوكرانيا بشكل متكرّر بالحصول على أسلحة متطوّرة من حلفائها، في مواجهة هجمات وضربات ممنهجة على البنى التحتية للطاقة. وحتى الآن، وافق الغربيون على تزويدها بالدبابات الثقيلة، ولكن ليس بالطائرات المقاتلة.
والإثنين، أعلن بايدن أنّ بلاده ستزيد مرّة أخرى هذه المساعدة بمبلغ 500 مليون دولار.
ومن المقرّر أن يلتقي بايدن في وارسو الرئيس أندريه دودا، ثمّ يجتمع الأربعاء مع قادة مجموعة "بوخارست التسع" من الكتلة الشيوعية السابقة التي انضمّت إلى حلف شمال الأطلسي.
وسيتحدّث عبر الهاتف مع قادة المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا، حسبما أفاد البيت الأبيض.
يبقى أنّه يمكن لموسكو أن تعوّل على دعم الصين، التي من المتوقّع أن يزور كبير دبلوماسييها روسيا يومي الثلثاء والأربعاء.
ولكن في إشارة إلى نفاد صبرها، دعت بيجينغ إلى "تعزيز الحوار" في أوكرانيا، مؤكدةً أنها "قلقة للغاية" من النزاع الذي "يتفاقم بل يخرج عن السيطرة".