بعد استعراض الخلافات، حاول المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد طي صفحة خلافاتهما وأعلنا في باريس وحدة "المحرك" الفرنسي-الألماني ليصبح "رائدا في إعادة تأسيس أوروبا".
بمناسبة الذكرى الستين لتوقيع معاهدة المصالحة بين البلدين، فيما تجد القارة العجوز نفسها غارقة من جديد في الحرب منذ 11 شهرًا، أكد الرئيس الفرنسي أن هذا "الثنائي" سيقوم "باختيار المستقبل" كما "فعل عند كل نقطة تحول في البناء الأوروبي".
وقال في كلمة القاها بهذه المناسبة في جامعة السوربون إن "ألمانيا وفرنسا، لأنهما مهدتا الطريق إلى المصالحة، يجب أن تصبحا رائدتين في إعادة تأسيس أوروبا" واصفاً الجارين بأنهما "روحان في صدر واحد".
وأشار المستشار الألماني، من جانبه، إلى أن "المستقبل، كما الماضي، يعتمد على تعاون بلدينا كمحرك لأوروبا موحدة" قادر على تجاوز "خلافاتهما" متحدثاً عن "الثنائي الشقيق".
ووصف "المحرك الفرنسي-الألماني" بأنه "آلية تسوية" "تعمل بهدوء" و"ليس بعبارات الإطراء" ولكن من خلال "الإرادة القوية التي تسمح بتحويل الخلافات والمصالح المتباينة إلى عمل متقارب".
ثم عقد الزعيمان اجتماعاً لمجلس الوزراء الفرنسي الألماني في الإليزيه.
ماكرون (إلى اليمين) وشولتس يصلان لحضور اجتماع لمجلس الوزراء في إطار الاحتفال بالذكرى الستين لمعاهدة الإليزيه، في قصر الاليزيه في باريس (22 ك2 2023، أ ف ب).
- طي صفحة الخلافات؟ -
في تشرين الأول، تعين تأجيل هذا الاجتماع السنوي بسبب وجود خلافات حول سلسلة من القضايا الرئيسية، من الطاقة إلى الدفاع، والتي ظهرت في أعقاب الحرب التي شنتها روسيا في أوكرانيا.
وبالتالي تتجه الأنظار نحو هذا الاجتماع بين زعيمي أقوى دولتين في الاتحاد الأوروبي للكشف عن مدى اتفاقهما، على رغم اختلاف مزاجهما الشخصي الذي ينعكس على علاقة البلدين.
ويطفو سوء التفاهم بينهما منذ أن خلف أولاف شولتس أنغيلا ميركل في نهاية عام 2021، فكل منهما مستاء من المبادرات التي اتخذها الآخر بدون استشارة مسبقة.
تاريخ الاجتماع رمزي للغاية، فهو يوافق مرور ستين عامًا على توقيع معاهدة الإليزيه من قبل شارل ديغول وكونراد أديناور، هذا "العمل التأسيسي" لـ "المصالحة" بين البلدين "اللذين كانا ألد عدوين" و"قررا أن يصبحا الحليفين المقربين"، على قول ماكرون.
أكد أولاف شولتس وإيمانويل ماكرون بصوت واحد أن الهدف هو "سيادة" أوروبا من خلال زيادة الاستثمار في الدفاع والصناعة.
ومن المتوقع أن يناقش الزعيمان ما إذا كان سيرسلان دبابات ثقيلة إلى كييف، في الوقت الذي يتزايد الضغط على برلين لتسليم دبابات ليوبارد إلى الجيش الأوكراني.
في جامعة السوربون، أكتفى شولتس بالتأكيد أن فرنسا وألمانيا ستواصلان "تقديم كل الدعم الذي تحتاج اليه أوكرانيا ما دام ذلك ضروريا" مؤكداً أن "إمبريالية فلاديمير بوتين لن تنتصر!".
تزداد المطالبات في باريس بأن تكون فرنسا "قدوة" بإرسال "عدد محدود من دبابات لوكلير لخلق دينامية".
وتحذر فرنسا من "تراجع التصنيع" ما لم يستجب الاتحاد الأوروبي بقوة وبتمويل كبير للخطة الأميركية الضخمة لدعم الطاقات المتجددة، عبر قانون خفض التضخم. ويأمل الرئيس الفرنسي بذلك في كسب المستشار.
قال الأخير في كلمته إنه "يشارك" ماكرون "الأهداف" الرامية للقيام بـ "الاستثمارات" اللازمة لتصبح القارة العجوز "قطباً عالميًا لتقنيات المستقبل" وأول طرف "محايد مناخيًا" في العالم.
كما يتعين على الجارتين السعي للتوصل إلى اتفاق على إصلاحات أوروبية للحد من ارتفاع أسعار الطاقة المرتبطة خصوصا بالحرب في أوكرانيا ووضع مشاريع مشتركة تتعلق بالابتكار. كما سيتم إطلاق تذكرة قطار مخصصة لتشجيع الشباب على السفر بين البلدين.
وإلى جانب الحكومتين، اجتمعت وفود برلمانية من البلدين في باريس. وزارت رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيه ونظيرتها في البوندستاغ باربل باس ضريح سيمون فيل في البانثيون، وأشادتا بهذه المرأة "الأوروبية العظيمة"مشيرتين إلى أنهما تريدان حمل شعلتها.