ماكرون مستقبلاً لوبن (أ ف ب).
يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، مشاوراته مع المعارضة وحلفائه لتشكيل غالبية بعدما أرغمه الفرنسيون على السعي لتسويات بنتيجة الانتخابات التشريعية، فيما باتت فكرة حكومة وحدة وطنية التي طرحت لبعض الوقت، مستبعدة.
كذلك، سيلقي ماكرون خطاباً عند الساعة 18,00 بتوقيت غرينتش بعد المشاورات قبل مغادرته البلاد لحضور سلسلة من الاجتماعات الدولية اعتبارا من الخميس.
بعد ثلاثة أيام على الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، لا يزال الوضع السياسي في فرنسا معقدا لرئيس الدولة الذي اضطر لإعادة النظر في خططه بسبب عدم التمكن من الفوز بغالبية واضحة في الجمعية الوطنية.
ماكرون الذي بقي صامتاً منذ الأحد ويدخل اعتباراً من الخميس في سلسلة التزامات دولية، من انعقاد المجلس الأوروبي ومجموعة السبع وصولا الى قمة حلف شمال الأطلسي، يجري مشاورات في كل الاتجاهات.
وقد أعلنت الرئاسة الفرنسية أنه سيتوجه بكلمة إلى الأمة في وقت لاحق الأربعاء.
وسيستقبل مسؤولين بارزين من المعارضة، الناشط البيئي جوليان بايو ورئيسة كتلة فرنسا الأبية (يسار راديكالي) في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو وكذلك حليفه رئيس الوزراء السابق ادوار فيليب زعيم حزب "آفاق".
وأمس الثلثاء، استقبل عدة قادة أحزاب آخرين من الغالبية والمعارضة "لتحديد الحلول البناءة" من أجل الخروج من المأزق السياسي وفق ما أعلنت الرئاسة.
وتعتبر عملية دقيقة لرئيس تتهمه المعارضة بأنّه أدار السلطة بشكل عمودي في بلد اجتاز عدة أزمات بينها أزمة "السترات الصفر".
من جهته، رأى رئيس المجلس الأعلى في البرلمان جيرار لارشيه (يمين) أنّ البلاد "قد يكون من الصعب حكمها"، داعياً إلى "تغيير عميق في موقف" الرئيس وذلك في مقابلة مع صحيفة "لوباريزيان".
لم يحتفظ الإئتلاف الوسطي الليبرالي الذي كان يملك الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية السابقة والذي استند اليه الرئيس ماكرون طوال ولايته الاولى من خمس سنوات، إلّا بـ245 مقعداً من أصل 577 بنتيجة انتخابات الأحد، وتبلغ الغالبية المطلقة 289 نائباً.
توزعت المقاعد الأخرى في الجمعية الوطنية بشكل أساسي بين تحالف اليسار (150 مقعداً تقريباً) واليمين المتطرف (89) واليمين (61).
وحدة أم لا؟
وأشار زعيم الشيوعيين فابيان روسيل في ختام لقائه الثلثاء إلى أنّ الرئيس ماكرون "يفكر في" تشكيل "حكومة وحدة وطنية" من أجل إيجاد "سبل للخروج من الوضع السياسي" في الجمعية الوطنية.
ردّاً على سؤال لوكالة "فرانس برس" قالت النائبة اليمينية المتطرفة مارين لوبن، التي هزمها ماكرون في الانتخابات الرئاسية في نيسان، إنّ الرئيس تطرّق إلى هذه الفرضية.
لكن صباح الأربعاء يبدو أنّ فكرة حكومة وحدة وطنية قد تبددت.
واعتبرت لوبن أنّ "الوضع لا يبرر ذلك" فيما من جانب اليمين لدى حزب "الجمهوريين"، رفض الامين العام أوريليان برادييه ما لن يكون أكثر من "زواج قسري".
من جهته، استبعد وزير العلاقات مع البرلمان أوليفييه فيران اليمين المتطرف وحزب فرنسا الأبية من هذه الغالبية لأنهم حسب قوله "ليسوا ضمن القوس الجمهوري".
وعرض عدة فرضيات مثل "توسيع" الغالبية و"استمرار تجاوز الوسط اليسار والوسط اليمين" و"توسيع بشكل أكبر" او "نظام غالبية مشروعا بعد مشروع، تارة مع اليسار وطوراً مع اليمين".
وفرنسا الغارقة في عدم اليقين غير معتادة على مثل هذا النوع من السيناريوهات.
وقال خبير استطلاعات الرأي جان-دانيال ليفي: "لدينا ثقافة صراع، بدلا من إيجاد اتفاق للصالح العام. وسيكون من المفاجىء أن يتيغر هذا الأمر مع البرلمان الجديد".
اليمين المتطرف دخل بقوة
في انتظار حل الموقف، أعاد ماكرون رئيسة حكومته إليزابث بورن التي كانت قدمت استقالتها، لأنّه يجب العمل من أجل اعتماد الاجراءات الموعودة لفصل الصيف لحماية القوة الشرائية للفرنسيين من التضخم في إطار دولي متوتر. لكن القدرة الشرائية يبدو انها أضعفت كثيراً.
وقال فرنسوا بايرو وهو أحد المقربين من ماكرون الأربعاء: "يتطلّب الوقت الراهن أن يكون رئيس الوزراء او رئيسة الوزراء سياسيين، لكي لا يتولد لدينا الشعور بان التقنية هي التي تحكم البلاد".
من جانب آخر، دخل النواب الـ89 من اليمين المتطرف من حزب لوبن الجمعية الوطنية صباحا مع تعليمات بارتداء بدلة وربطة عنف والتعامل "بجدية". في المقابل وصل نواب اليسار الراديكالي بلباس اكثر استرخاء قبل ذلك بيوم.
وحذرت لوبن من أنّ "ثقافة ارتداء قصمان كرة القدم، مرفوضة".