يعتقد الباحث البارز في "مؤسسة جيمس تاون" ومؤلف 21 كتاباً عن روسيا وأوروبا والعلاقات العابرة للأطلسي جانوسز بوغاجيسكي أن هنالك ثلاثة تفسيرات لاغتيال ابنة المفكر الروسي ألكسندر دوغين، داريا دوغينا. وجّه جهاز "أف أس بي" اللوم سريعاً إلى عملاء أوكرانيين لكنّ ذلك قد يهدف إلى إخفاء ما هو أكثر خطورة بالنسبة إلى الكرملين.
كتب بوغاجيسكي في مجلة "واشنطن إكزامينر" أن جميع التفسيرات المحتملة للتفجير – أكان عبارة عن هجوم أوكراني أو تمرد عسكري متزايد أو صراع داخلي على السلطة – قد تزيد حدة الأزمة الداخلية للكرملين.
نفت كييف أي تورط في تفجير موسكو، لكن اتهامات "أف أس بي" ستزيد من احترام قدرات القوات الأوكرانية الخاصة وترفع معنويات البلاد في مواجهة روسيا. إنّ مقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بلوم كييف قد يهيئ الأرضية لتعبئة عسكرية كاملة تفاداها لغاية اليوم لأنها ستكون اعترافاً بالإخفاق العسكري.
تنفد موسكو من المجندين المقتدرين بفعل استمرار تصاعد الخسائر العسكرية بينما ستسمح التعبئة العامة بتحويل المزيد من الموارد لإنتاج الأسلحة.
يفضل الكرملين لوم جهة خارجية على الاعتراف باحتمال قيام تمرد داخلي أو صراع داخل أجنحة النظام. سيجعل أي من هذين السيناريوهين بشأن "السلطة العمودية" المزعومة معرضة للاضطراب. بعد فترة وجيزة على اغتيال دوغينا، تبنت مجموعة تسمي نفسها بالجيش الجمهوري الوطني مسؤولية الهجوم قائلة إنه جزء من حملة مستدامة لإسقاط نظام بوتين.
لكن حرب الظل داخل روسيا اشتدت خلال الأسابيع الأخيرة مع عشرات حالات التخريب التي تم الإبلاغ عنها من مناطق مختلفة. يرى الكاتب أن تفجير مخازن الوقود والأسلحة القريبة من الحدود الأوكرانية هو من عمل القوات الأوكرانية الخاصة بشكل واضح، لكن الهجمات ضد مكاتب التجنيد العسكري في مناطق بعيدة وخروج القطارات العسكرية عن مسارها وأعمال تخريبية أخرى تبدو عمل حركة مقاومة داخلية متزايدة.
التفسير الثالث لهجوم موسكو هو تصاعد الصراع على السلطة بين النخب الروسية السياسية والاقتصادية. قد يرسل رجال أمن بوتين إشارة إلى المتشددين مثل دوغين بعدم انتقاد طريقة خوض الكرملين الحرب.
يمكن أن يصبح الانقسام الداخلي النخبوي المعارض بين صقور يريدون حرباً كاملة النطاق مع أوكرانيا وفصائل تريد تخفيف الأعمال العدوانية والتسوية مع كييف لتخفيف العقوبات الدولية ومنع المزيد من الانكماش الاقتصادي. وقد يكون الاغتيال إشارة من بوتين إلى جميع هذه الفصائل بعدم معارضة سياسة الكرملين علناً.
الأخبار الأسوأ للكرملين بحسب الكاتب ستكون مزيجاً من التهديدات الثلاثة – الأوكرانية والداخلية والنظامية – وسط تباطؤ اقتصادي متسارع وخسائر اقتصادية متزايدة.