قبل أيام قليلة على عطلة نهاية العام اكتست شوارع وسط واشنطن ليس بزينة أعياد الميلاد فقط، بل بأعلام أوكرانيا بمناسبة الزيارة المفاجئة التي قام بها الرّئيس فولوديمير زيلينسكي للعاصمة الأميركية.
وقطعت حركة المرور على جادة بنسلفانيا الكبيرة الممتدّة بين البيت الأبيض والكونغرس، في إطار ترتيبات زيارة الرّئيس الأوكراني التي استمرّت يوماً واحداً، فيما رفعت إلى جانب الأعلام الأميركية ذات الألوان الأحمر والأبيض والأزرق، الأعلام الأوكرانية الصفراء والزرقاء.
أمام البيت الأبيض، المحطّة الأولى لزيلينسكي في ذلك اليوم، تجمّعت طواقم التلفزيونات من أنحاء العالم لتوثيق وقائع الزّيارة الأولى له خارج بلاده منذ الغزو الروسي لها قبل 300 يوم بالتمام.
ووصفه الأميركيّون بالبطل، وقارنوا زيارته بتلك التي أجراها رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل إلى واشنطن في 1941 عندما خاطب الكونغرس حول التعاون في زمن الحرب بين الحليفين، كما فعل زيلينسكي مساء الأربعاء.
وقبل كلمته أمام الكونغرس بمجلسيه، استقبله الرّئيس جو بايدن في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض حيث جلسا قرب المدفأة المشتعلة.
ووسط البرد القارس في الخارج، اصطفّ مؤيّدون خلف حواجز أمنيّة لإظهار الدّعم.
ولفّت الطالبة الأوكرانية ياريما (17 عاماً) التي تدرس في الولايات المتّحدة نفسها بالعلم الأوكراني أملاً في رؤية زيلينسكي، ولزيارة المدينة.
وقالت "أردت أن أظهر دعمي لرئيسنا ولأوكرانيا".
وردّاً على سؤال بشأن ما يمكن أن يطلبه زيلينسكي من بايدن أجابت ياريما "أسلحة، أسلحة بل المزيد من الأسلحة".
- تدابير أمنية مشدّدة -
وقال بختيار منديباي الذي قطع مسافة ساعة مع أولاده من فرجينيا إلى البيت الأبيض، إنه لم يكن بإمكانه تفويت الحدث.
وكان يمسك بيد عربة أطفال وبالثانية لافتة يبدو فيها زيلينسكي مطالباً بمزيد من الأسلحة.
وقال الرّجل وهو من كازاخستان التي مثّل أوكرانيا كانت جزءاً من الاتّحاد السوفياتي ولا تزال تحت نفوذ روسي كبير "أنا هنا اليوم لتحية أعظم رجل على قيد الحياة".
وأضاف منديباي المقيم في الولايات المتحدة منذ عشر سنوات إنّ "الأوكرانيّين يُقاتلون من أجل الجميع، ومن ضمنهم بلدي، شعبي. أقصد أنّهم يقفون بوجه الإمبريالية الروسية".
وتم تشديد الإجراءات الأمنيّة ونُشر المئات من عناصر الشّرطة والاستخبارات بمناسبة الزيارة.
وقال مسؤول بارز في شرطة الكابيتول الأميركي لمحطة "إيه بي سي" التلفزيونية "ندرك جيّداً أن لروسيا موارد في هذا البلد وقد تحاول القيام بشيء ما".
- سلافا أوكرايني -
في الجهة الأخرى من جادة بنسلفانيا ما بعد مبنى بلديّة واشنطن الذي أُضيء بألوان العلم الأوكراني، تجمع المشرّعون وكبار المسؤولين في إدارة بايدن لسماع خطاب زيلينسكي أمام أعضاء الكونغرس.
وكان العديد من الحاضرين يرتدون سترات زرقاء أو يضعون علامات صفراء بمناسبة الزيارة، فيما ثبّت بعضهم دبوس العلم الأوكراني على ستراتهم.
ولدى دخوله قاعة مجلس النواب حيث من المتوقّع أن يقرّ النوّاب على حزمة مساعدة أخرى ضخمة لأوكرانيا في وقت لاحق هذا الأسبوع، وقف الحاضرون وصفقوا لزيلينسكي.
لكن عدداً من الجمهوريين المؤيّدين للرّئيس السّابق دونالد ترامب ممن عبّروا عن قلق إزاء الدعم الأميركي لأوكرانيا، امتنعوا عن التصفيق.
واستمرّ خطاب زيلينسكي الذي ألقاه بالانكليزية لأكثر من 20 دقيقة، وقف خلاله الحاضرون وصفّقوا مرّات عدّة، وتخلّله نوبات ضحك عندما تلاعب زيلينسكي، الممثّل السّابق، باسم الرئيس فلاديمير بوتين.
وبعدما سلّم علماً أوكرانيّاً من جبهة الحرب واستلم علماً أميركيّاً رفرف الأربعاء فوق الكابيتول،، غادر الرئيس الأوكراني على وقع موجة تصفيق أخرى.
وهتفت مجموعة من الأوكرانيّين في المساحة المخصّصة للزوّار "سلافا أوكرايني" (عاشت أوكرانيا) وانضم إليهم الكثير من المشرعين في قاعة المجلس.