"لم أتعاطَ المخدرات قطّ في حياتي، ولا حتى خلال فترة المراهقة". وجدت رئيسة وزراء فنلندا سانا مارين نفسها مضطرّة لتبرير ظهورها شبه ثملة في حفلة خاصة، في مقطع فيديو مسرّب ظهرت فيه وهي ترقص مع ثلّة من الأصدقاء. واجهت مارين دعوات لإجراء اختبار المخدرات من سياسيّين في ائتلافها الحكوميّ ومن معارضين، كأنّ الحياة الشخصيّة للسياسيّ مستباحة وتخضع لتقييم بديهيّ من شرطة الأخلاق.
أقرّت رئيسة الوزراء الأصغر في العالم (36 عاماً) بتناولها الكحول، وأكّدت عدم تعاطيها المخدّرات. وعلى أيّ حال، جاءت نتائج الفحص الذي خضعت له - رغبةً منها في "تبديد أيّ شك" - سلبيةً.
وحضّ النائب الفنلنديّ ميكو كارنا، من حزب الوسط الشريك لمارين في الائتلاف، رئيسة الوزراء التي عُيّنت في 2019 على إجراء اختبار المخدرات ونشر النتائج علناً. وغرّد بالآتي: "مسموح للناس أيضاً أن يتوقّعوا ذلك من رئيس وزرائهم".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن المستشارة الخاصة لها تأكيدها أنّه تمّ اختبار بول رئيسة الوزراء للكشف عن وجود مخدرات مثل الكوكايين والأمفيتامين والقنّب والمواد الأفيونيّة.
ليست المرّة الأولى التي تتعرّض فيها مارين لانتقادات، فقد طالتها موجة مماثلة بعد إقامة حفلات في مقرّها الرسميّ. وفي كانون الأول 2021، لاحقتها انتقادات لاذعة بعد كشفها أنّها رقصت حتى ساعات الفجر الأولى بعد أن خالطت مصاباً بكوفيد-19. يومها، أظهر استطلاع للرأي أُجري بطلب من قناة "MTV3" الفنلنديّة أنّ ثلثي المستطلعين اعتبروا أنّ ما فعلته كان "خطأً فادحاً".
وأثارت المقاطع المسرّبة ردود فعل متباينة، إذ انتقد بعض مستخدمي وسائل التواصل مارين لإظهارها "سلوكاً غير مسؤول"، بينما توقّع آخرون "قفزة محتملة" في شعبيّتها.
في مقابل الاستهجان، غصّت مواقع التواصل بفيديوات لنساء يرقصن ويغنّين ويحتسين مشروباً للتعبير عن تضامنهنّ مع سانا مارين التي قالت لمنصّة "Yle" المحلّيّة: "لديّ حياة عائليّة، ولديّ عمل، ولديّ وقت فراغ أقضيه مع أصدقائي. تماماً مثل العديد من الأشخاص في عمري".
ضرب ردّ الفعل السلبيّ على وتر حسّاس خاصّ لبعض النساء اللواتي يسعين لكسر الصور النمطيّة للمرأة، ففي المجلّة النسائيّة الأسبوعيّة الدنماركيّة "Alt for Damerne" جمعت الموظّفات مقاطع فيديو لأنفسهنّ يرقصن لإظهار الدعم.
"كانت فكرتنا الأولى كتابة عمود أو افتتاحيّة"، قالت رئيسة التحرير ريكي دال ستوتروب لـ"NPR"، "لكنّنا فكّرنا بأن نقدّم نوعاً من الفكاهة، ونُظهر أنّ لنا مقاطع مماثلة لتلك التي لم يكن من المفترض أن ترى الضوء".
وفي هولندا، نشرت منسّقة الشؤون العامة ريكست فان دونغيرا مقطع فيديو لها في مهرجان "Lowlands" مع وسم "#SolidaritywithSanna" (تضامن مع سانا).
مسألة جندريّة
ولفت عدد من داعمي مارين إلى دور الجندر والتمييز الجنسيّ في ردّ الفعل العنيف، وتساءل ناشطون عمّا إذا كان السياسيّ الذكر سيخضع لفحص أخلاقيّ مماثل.
بالنسبة لميريام رولينجر، محلّلة البيانات الجغرافية التي صمّمت رقصة "الرول بليد" في برلين، فإن انتقاد مارين "يرمز لقضيّة أكبر"، ويشمل الضغط على النساء عندما يظهرن بحرّيّة في الأماكن العامّة.
ونقلت عنها صحيفة "الوول ستريت جورنال" قولها: "أشعر بالغضب لأنّه في بعض الأحيان، يتمّ الحكم على حريّتي: حريّتي في التعبير عن فرحتي بالرقص، وفرحة العيش، وفرحة الشعور بالراحة في جسدي، حتى داخل المجموعة".
وأضافت: "عندما حُكم على سانا مارين لرقصها مع أصدقائها، شعرت بالغضب نفسه".