اتّهمت الولايات المتحدة روسيا، الثلثاء، بالسعي لتكثيف هجماتها على أوكرانيا فيما دعت فرنسا إلى عدم إظهار "أي ضعف" أمام موسكو بينما يدخل النزاع شهره السابع.
وارتفعت النبرة أيضا في روسيا حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلثاء أن بلاده ستتعامل "بلا رحمة" مع المسؤولين عن تفجير السيارة الذي أسفر عن مقتل ابنة المفكر القومي المتشدد المؤيد للكرملين ألكسندر دوغين.
من جانبها، حذّرت السفارة الأميركية في كييف الثلثاء من أن روسيا قد تضرب منشآت مدنية ومبانَي حكومية في أوكرانيا "في الأيام المقبلة"، داعية المواطنين الأميركيين إلى "مغادرة أوكرانيا اعتبارا من الآن".
وقالت السفارة في رسالة نشرتها على موقعها الالكتروني الثلثاء "تملك وزارة الخارجية معلومات مفادها أن روسيا تكثّف جهودها لشنّ ضربات على منشآت مدنية وحكومية في أوكرانيا في الأيام المقبلة".
منذ تراجع القوات الروسية من محيط كييف نهاية آذار، تتركّز معظم المعارك في شرق أوكرانيا، حيث تباطأ تقدم القوات الروسية قبل أن يتعثر. وتقدّمها بطيء أيضا في الجنوب حيث تقول القوات الأوكرانية إنها تشنّ هجوما مضادا.
وفي غضون ذلك، تواصل روسيا استهداف المدن الأوكرانية بصواريخ بعيدة المدى، لكن الضربات نادرا ما تستهدف العاصمة أو المناطق المحيطة بها.
من جانبه، قدّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلثاء أن "كل يوم" هناك تهديدا بضربات روسية على كييف.
- "لا يمكن أن يكون هناك أي ضعف" -
وأضاف خلال مؤتمر صحافي "نعلم أنهم يستهدفون خصوصا البنى التحتية والمباني الحكومية لكنّ شيئا لم يتغير بشكل جذري منذ 24 شباط" وهو اليوم الأول للغزو.
من المقرر أن يلتقي الرئيس الأوكراني خلال اليوم نظيره البولندي أندريه دودا الذي وصل إلى كييف في الصباح في إطار "منصة القرم" التي تجمع أبرز الدول الداعمة لأوكرانيا، وهي مبادرة قائمة منذ ما قبل بدء الغزو الروسي في 24 شباط.
وقال رئيس الإدارة الرئاسية البولندية بافيل شروت خلال مؤتمر صحافي الثلثاء "سيبحث الرئيسان بالطبع في الطريقة التي يمكن من خلالها لبولندا أن تساعد، بما في ذلك على المستوى السياسي، بهدف إقناع دول أخرى بتقديم دعمها ومواصلة ذلك".
وبولندا هي إحدى الدول الأكثر دعما لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي ومن الأشدّ معارضة لروسيا، على عكس ألمانيا وفرنسا اللتين تبديان أحيانا مزيدا من ضبط النفس في مواقفهما، ما يثير انتقادات كييف.
بدوره، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلثاء أن يتواصل دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا التي تواجه الغزو الروسي "على الأمد الطويل".
وبعد ستة أشهر من بدء النزاع، قال ماكرون في خطاب عبر الفيديو أمام المشاركين في مؤتمر منصة القرم في كييف "لم يتغير تصميمنا ونحن مستعدون لمواصلة هذا الجهد على الأمد الطويل".
وتابع "لا يمكن أن يكون هناك أي ضعف أو روح تنازل في مواجهة ذلك، لأن الأمر مرتبط بحريتنا، من أجل الجميع، وبالسلام في كل مكان حول العالم".
- "توقف العمليات" -
وفي كلماتهم خلال القمة، واصل القادة الغربيون الآخرون إدانة الغزو الروسي بشدة وحذّروا موسكو من ضم أجزاء أخرى من الأراضي الأوكرانية بعد شبه جزيرة القرم.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس "لن نعترف بأي محاولة لتغيير وضع أي جزء من أوكرانيا" فيما صرح رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون "يجب أن نواصل تزويد أوكرانيا كل المساعدات الضرورية (الاقتصادية والعسكرية...) حتى تنهي روسيا هذه الحرب وتسحب قواتها من كل أنحاء أوكرانيا".
من جانبه، أكّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن على أن رد الاتحاد الأوروبي الموحّد على غزوه لأوكرانيا سيتصدّع إذ أن الأسعار المرتفعة تؤثر بشدة على الناخبين الأوروبيين.
وفي مواجهة هذه الحرب التي "يبدو أنها مستمرة"، أشار الاتحاد الأوروبي الاثنين إلى أنه يدرس مهمة "تدريب" الجيش الأوكراني و"مساعدته" في الدول المجاورة، وهو اقتراح سيناقشه الأسبوع المقبل في براغ وزراء الدفاع الأوروبي.
بدورها، أعلنت كييف أنها تجهز قواتها لخوض صراع طويل الأمد. وقال مستشار الرئاسة الاوكراني ميخايلو بودولياك لوكالة فرانس برس الاثنين، إن موسكو، رغم دعواتها لأوكرانيا إلى التفاوض، تريد في الواقع الحصول على "وقف العمليات العسكرية" لإراحة جيشها قبل شن "هجوم جديد".
- "ماتت في الجبهة" -
وفي روسيا، حضر مئات الأشخاص الثلثاء في موسكو جنازة داريا دوغينا، ابنة المفكّر الروسي القومي البارز التي اغتيلت في انفجار سيارتها في عملية تتهم روسيا الاستخبارات الأوكرانية بتدبيرها.
ويرجّح أن يكون ألكسندر دوغين، وهو من كبار مؤيّدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ويقول إن علاقة وطيدة تربطه بالرئيس فلاديمير بوتين، هو من كان مستهدفا بالانفجار الذي أودى بحياة ابنته البالغة 29 عاما.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "كانت جريمة همجية لا يمكن التسامح معها (...) لا يمكن أن تكون هناك أي رحمة تجاه أولئك الذين نظّموا وأصدروا الأوامر ونفّذوا" عملية التفجير.
وصرح ألكسندر دوغين في بداية الجنازة "ماتت فداء لروسيا، أمّة وشعبا، في الجبهة. والجبهة هي هنا".
وقالت موسكو إن الاستخبارات الأوكرانية هي من دبّر عملية الاغتيال. لكن كييف تنفي تلك الاتهامات.
- اختطاف أطفال -
على الصعيد الانساني، حذّر الصليب الأحمر الثلثاء من أن الصراع في أوكرانيا يلقي بثقله على النظام الإنساني بكامله وقد تكون له آثار دائمة على قدرة المنظمات على التعامل مع حالات الطوارئ في كل أنحاء العالم.
وأوضح فرانشيسكو روكا رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر "تزداد آثار الصدمات المدمرة مع استمرار الصراع فيما ترتفع أسعار الغذاء والطاقة".
وأضافت بيرجيت بيشوف إيبسين المديرة الإقليمية للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لأوروبا وآسيا الوسطى خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت "امتدت الأزمة إلى كل المنظومة الإنسانية ووضعتها تحت ضغط هائل وسيكون لذلك تأثير دائم على قدرة المنظمات الإنسانية والجهات المانحة على الاستجابة لحالات الطوارئ في أماكن أخرى" حول العالم.
من جانب آخر، ذكرت وزارة الداخلية الألمانية الثلثاء أن حوالى مليون لاجئ فروا من أوكرانيا بعد بدء الغزو الروسي قبل ستة أشهر سجّلوا في ألمانيا رغم أن "عددا كبيرا" منهم لم يبق في البلاد.
ووجد 967,546 شخصا، غالبيتهم من الجنسية الأوكرانية، ملجأ "موقتا على الأقل" في ألمانيا، وفق إحصاءات الوزارة.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الليتواني غابرييلوس لانسبيرغس الثلثاء إن بلاده قد تسعى إلى "حل إقليمي" لحظر دخول السياح الروس إلى الاتحاد الأوروبي إذا فشلت الدول الأعضاء في الاتفاق على عقوبات تشمل الاتحاد الأوروبي بأسره.
من جانب آخر، اتهمت أوكرانيا الثلثاء موسكو بتنظيم عمليات تبني جماعية غير قانونية لأطفال أوكرانيين نقلوا من مناطق محتلة إلى روسيا.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان "تواصل روسيا خطف الأطفال من الأراضي الأوكرانية وترتيب عمليات تبنيهم غير القانونية من مواطنين روس".