النهار

التعبئة العسكريّة الروسيّة... نتائج بطيئة وغير مؤكدة
المصدر: أ ف ب
التعبئة العسكريّة الروسيّة... نتائج بطيئة وغير مؤكدة
شعار وزارة الدفاع الروسية مرفوعا عند مقرها في موسكو (30 آب 2022، أ ف ب).
A+   A-
التعبئة الجزئية التي أعلنتها روسيا الأربعاء في أوكرانيا، لها أبعاد رمزية كبيرة. إلا أن مفاعليها لن تتجلى قبل أشهر على الأرجح، فيما يتوقع أن تطغى عليها مشاكل لوجستية وتدريبية كبيرة.

ويشمل إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بداية 300 ألف عسكري احتياط.

وقد يبدو هذا العدد كبيرا مقارنة بنحو 220 ألف جندي أرسلوا إلى الجبهة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط، بحسب تقديرات جيمس راند المحلل لدى وكالة الاستخبارات العسكرية البريطانية الخاصة "جاينز".

إلا أن بين إعلان موسكو والتطبيق على ساحة المعركة مسافة فاصلة كبيرة بحسب مراقبين غربيين. وأكد جيمس راند لوكالة فرانس برس "لا يمكن حصول تعبئة بين ليلة وضحاها"، مشيرا إلى أن مهلة ثلاثة أشهر لا يمكن اختصارها بين صدور أمر التعبئة وإرسال جندي مدرب إلى القتال.

وأكد كريسوفر ميلر الخبير في الشؤون الروسية لدى معهد فيلادلفيا للعلاقات الدولية "لن يسجل فرق، هذا في حال حصل هذا الفرق، إلا بعد أشهر عدة".

وأضاف "ما عرفناه حتى اليوم عن إمكانات روسيا البشرية يشير إلى أنهم سيواجهون صعوبات في التعبئة والتدريب وفي نشر قوات على الجبهة مع العتاد الضروري".

- تدريب على القتال -
منذ بدايات النزاع، واجه الجيش الروسي صعوبات كبيرة في التنسيق بين وحداته وأسلحته المختلفة من مشاة وسلاح جو وبحرية، وفي توفير الدعم اللوجستي الأساسي في إدارة المعارك. 

كذلك، عانى على صعيد نقل الأوامر من هيئة الأركان إلى العسكريين على الأرض وفي الاتجاه المعاكس أيضا.

إلا ان استدعاء 300 ألف جندي إضافي سيرغم الجيش الروسي على بذل جهود هائلة في هذه المجالات.

ويرى مراقبون أن جنود احتياط قد يرسلون سريعا لاستكمال وحدات دمرت جزئيا أو القيام بمهام بسيطة مثل قيادة شاحنات أو دوريات مراقبة.

في المقابل، فإن تدريب جندي وتحفيزه على المشاركة في القتال مهمة أكثر تعقيدا بكثير خصوصا إذا كان مجهزا بعتاد الحد الأدنى.

وأوضح جيمس راند "لا تتوافر الكثير من البزات الشتوية والمعدات الطبية ووجبات الطعام" وثمة شكوك أيضا حول من سيدير هؤلاء. وتساءل الخبير "كيف عساهم يحشدون الضباط وضباط الصف لهذه القوة؟"، معددا أيضا بعض المهام اٍلاساسية التي لا غنى عنها مثل عناصر الاستكشاف أو المدفعية.

ويستشف من التعبئة المعلنة الأربعاء عزم على التصعيد وسد الثغرات في آن واحد.

وأكد المؤرخ العسكري الفرنسي سيدريك ماس في تغريدة "الجيش الروسي مهزوم عسكريا. إلا أن لروسيا عمقا استراتيجيا وديموغرافيا أكبر من أوكرانيا. وهو يعول على هذا +الثقل+ لينتصر".

- قتلى وجرحى وفارون -
قبل حوالى 15 عاما، قلصت موسكو مدة الخدمة العسكرية إلى سنة وحاولت التركيز على جيش محترف بنسبة  80%. إلا أن هذه النسبة أقل بكثير في الواقع.

وبموجب القانون الروسي لا يرسل المجندون إلى الجبهة. لكن هيئة الأركان انتهكت ذلك وذهبت إلى حد حمل مجندين مع ممارسة بعض الضغوط عليهم، على توقيع عقود أصبحوا من خلالها بين ليلة وضحاها على الصعيد الإداري أقله، جنودا محترفين.

واليوم باتوا عالقين بسبب أمر التعبئة الصادر عن الكرملين. وأكد المؤرخ المستقل كريس أوين أن "مرسوم بوتين يحرم على أي شخص المغادرة" ورأى ان التعبئة تهدف كذلك إلى "وضع حد لتراجع عديد الجيش الروسي" إن بسبب القتلى او الجرحى أو المصابين بصدمات أو الفارين.

وأضاف "تظهر أدلة مثبتة أن الفاعلية في القتال تنهار بشكل سريع نسبيا بعد 140 إلى 180 يوما. إلا أن جنودا كثيرين اليوم يقاتلون منذ اكثر من 200 يوم".

على الصعيد العسكري البحت، يوفر اعلان فلاديمير بوتين أسئلة أكثر منه أجوبة. وثمة عنصر يجب أخذه في الاعتبار هو أن فصل الشتاء القاسي بات على الأبواب.

ولاحظ كريس أوين "ستتباطأ العمليات الهجومية، وسيبدأ المعسكران في الأسابيع المقبلة بالاختباء إلى حين يتراجع الصقيع في شباط أو آذار".
 
وأعتبر أن بوتين "يمكنه خلال هذه الفترة أن يوفر قسطا من الراحة لجيشه المنهك حاليا وإعادة تنظيم صفوفه" خلال برد الشتاء القارس.

وحتى ذلك الحين، سيستمر الجيش الأوكراني في جهوده مواصلا هجومه المضاد في شمال شرق البلاد وجنوبها.

ورأى كريس ميلر أن "لدى الأوكرانيين فرصة فعلية لاستعادة أراض إضافية في الأسابيع المقبلة في دونباس وفي الجنوب".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium