قالت بينار سيليك، عالمة الاجتماع التركية-الفرنسية المقيمة في فرنسا، إنّها لن تذهب إلى تركيا لمحاكمتها، فيما تخوض معركة قانونية منذ 25 عاما بعد اتهامها بالضلوع بانفجار أسفر عام 1998 عن مقتل سبعة أشخاص.
وحتى بعد أربعة أحكام بالبراءة، تريد السلطات التركية جلبها للمثول في قفص الاتهام مرة أخرى بعد إصدار مذكرة توقيف دولية بحقها في كانون الثاني.
وفي مقابلة أجرتها معها وكالة فرانس برس في مدينة نيس في جنوب فرنسا حيث تدرِّس علم الاجتماع، قالت سيليك "لا يمكن أن نعتاد على الظلم".
وعلى الرغم من أن المحاكمات المتتالية وعمليات التبرئة وإعادة المحاكمة بدأت قبل وقت طويل من وصول الرئيس رجب طيب إردوغان إلى السلطة، إلا أنّ سيليك ترى أنّها "مثال على استمرارية النظام القمعي والأدوات الجديدة للنظام".
وسيليك، البالغة من العمر 51 عاماً والمعروفة بدراساتها النقدية للنزاع الكردي في تركيا وعملها مع أطفال الشوارع، اعتقلت للمرة الأولى في عام 1998 واتُّهمت بالانتماء إلى حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا وحلفاؤها الغربيون - بما في ذلك الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي - منظمة إرهابية.
ثم اتُهمت بتفجير سوق للتوابل يقصده السيّاح في اسطنبول، وهي تهمة أُبلغت بها فقط "بعد أن وُضعت في الزنزانة".
وبعد ذلك، سحب شاهد أقواله التي تدينها، وخلص تقرير خبير إلى أن الانفجار كان حادثًا، وأطلق سراح سيليك في عام 2000 لعدم كفاية الأدلة، لكن المحاكمة لم تنته.
انتقلت إلى فرنسا وواصلت أبحاثها في علم الاجتماع، في البدء في مدينة ستراسبورغ في الشرق، ثم في نيس في الجنوب، وحصلت على الجنسية الفرنسية عام 2017.
- أمان في فرنسا -
وفي تركيا، استمرت المحاكمات وبُرئت مجدّداً عام 2006، ثم عام 2008 ومرة أخرى في عام 2011. ولكن في كل مرة، ألغت المحكمة العليا أحكام البراءة.
وفي عام 2012، قرّرت محكمة في اسطنبول إعادة المحاكمة، وبعد عام، حكمت عليها بالسجن مدى الحياة.
وألغت المحكمة العليا هذا الحكم، وأمرت بإعادة المحاكمة مرة أخرى لتنتهي ببراءة أخرى في عام 2014.
ثم في حزيران 2022، ألغت المحكمة العليا جميع أحكام البراءة السابقة. ثم صدرت مذكرة توقيف دولية بحقها وحُدّد موعد جديد لمحاكمتها في 31 آذار.
وقالت في المقابلة "لن أذهب إلى محاكمتي، ولا يمكنني الذهاب إلى تركيا. أشعر بالأمان في فرنسا، نصحني المحامون بعدم مغادرة البلد".
لكنّها قالت إن نحو مئة شخص سيمثّلونها، "برلمانيون وزملاء أكاديميون ونشطاء من دول عدة. هناك تعبئة لا تصدّق".
وقالت سيليك إنها تأمل الفوز في معركتها ضد القضاء، وتمنّت أن تدخل تركيا في "عملية إحقاق العدالة للجميع".
وقالت "صار هذا البلد سجناً ضخماً. الأشخاص الذين لم يمسّهم أحد من قبل هم الآن خلف القضبان من سينمائيين وكُتاب ونشطاء وأكراد والعديد من النساء. أحاول أن أفعل ما بوسعي لأكون صوتهم".
وسيتولّى الدفاع عنها والدها، وهو محام يبلغ من العمر 93 عامًا، وشقيقتها، وهي محامية وخبيرة اقتصادية سابقة. وعن شقيقتها قالت "إنها مثل والدي، لا تريد مغادرة تركيا لأنهما يريدان تغيير الأمور من الداخل".
وردّاً على سؤال عما إذا كانت ستعود إلى تركيا في حال انتخاب رئيس آخر، أجابت "لا أعتقد أنّ مسألة عودتي تتوقّف كليًا على إردوغان".
وأوضحت أنّ محنتها بدأت بسبب منظمة "الذئاب الرمادية" القومية المتطرفة الموجودة منذ فترة طويلة وما زال لها تأثير في مؤسسات الحكم، بحسب قولها.