صعدت القوات الروسية الثلثاء هجومها على آخر جيوب المقاومة في محيط لوغانسك الواقعة في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا في وقت دخلت الحرب شهرها الرابع.
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر شباط تمكنت كييف بمساعدة من دول الغرب من التصدي لتقدم قوات جارتها في العديد من المناطق، ومنها العاصمة كييف. غير أن روسيا تركّز الآن على تأمين وتوسيع مكاسبها في دونباس والساحل الشرقي الأوكراني.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الإثنين في كلمته اليومية إن "الأسابيع المقبلة من الحرب ستكون صعبة، وينبغي أن نكون مدركين لذلك"، وجاءت تصريحاته بعدما أفاد مسؤولون محليون وسكان عن قصف كثيف.
وأكد أن "الوضع القتالي الأكثر صعوبة الآن هو في دونباس"، مشيرا بالتحديد إلى بلدات باخموت وبوبسانا وسيفيرودونيتسك الأكثر تضررا.
وقال حاكم لوغانسك، في دونباس، إن روسيا استقدمت آلاف الجنود للاستيلاء على الإقليم بكامله وأن سيفيرودونيتسك تتعرض لهجوم مكثف محذرا الأهالي من فوات الأوان للمغادرة.
وقال سيرغي غايدي على تلغرام "في هذه المرحلة لن أقول: اخرجوا، غادروا. الآن سأقول: ابقوا في ملجأ" موضحا "لأن كثافة القصف لن تسمح لنا بحشد الناس بهدوء والقدوم من أجلهم".
وأفاد أهالي باخموت، القرية الواقعة عند تقاطع محوري يمثل مركز قيادة لجزء كبير من الجهد الأوكراني في الحرب، وكالة فرانس برس عن تعرضهم لقصف جوي.
وقالت ماريا ماياشلابكا (82 عاما) وهي جالسة قرب أنقاض منزلها المدمر "رفعت رأسي بينما كنت أصلي وسمعت صوتا مروعا".
أضافت "كل يوم أتضرع لله كي يجنبنا الإصابات. والله استجاب لي. الله يحرسني".
نداء لقادة دافوس
قال زيلينسكي في كلمته إن روسيا نفذت قرابة 1500 ضربة صاروخية وأكثر من 3000 ضربة جوية ضد أوكرانيا في الأشهر الثلاثة الأولى للحرب.
وقبل ذلك حذر المسؤولين المجتمعين في "المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس"، والذي مُنعت روسيا من المشاركة فيه هذه العام، من أن المساعدة العسكرية البطيئة تتسبب بوفيات غير مبررة فيما الأوكرانيون "يدفعون ثمنا باهظا من أجل الحرية والاستقلال".
وأعلن أن 87 شخصا قتلوا في ضربة روسية في وقت سابق هذا الشهر على قاعدة عسكرية في الشمال، قد تكون من أكبر الضربات المسجلة خلال الحرب.
وأرسلت دول الغرب كميات كبيرة من الاسلحة والأموال إلى أوكرانيا لمساعدتها في صد الهجوم الروسي، وردت على موسكو بعقوبات اقتصادية غير مسبوقة.
غير أن زيلينسكي قال في الكلمة التي ألقاها عبر الفيديو إنه كان من الممكن إنقاذ عشرات آلاف الأشخاص لو أن كييف حصلت على "100 في المئة من احتياجاتنا مرة واحدة في شباط" عندما شنت روسيا الغزو.
وصعّد أيضا مطالبه بعزل روسيا عن الاقتصاد العالمي داعيا إلى فرض حظر نفطي دولي عليها وعقوبات على جميع مصارفها، ومقاطعة قطاع تكنولوجيا المعلومات التابع لها.
إدانة بجريمة حرب
دانت محكمة في كييف الإثنين جندياً روسياً يبلغ 21 عاما بارتكاب جريمة حرب لقتله مدنياً أعزل وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة، في أول حكم يصدر بحقّ عسكري روسي منذ بدأت روسيا غزو جارتها قبل ثلاثة أشهر.
واستمع الجندي إلى تلاوة الحكم وحيدا في قفص زجاجي.
وأقرّ فاديم شيشيمارين أمام المحكمة بأنّه قتل أوكرانياً يبلغ 62 عاما ويدعى أليكسندر شيليبوف في قرية شوباخيفكا بشمال شرق أوكرانيا.
وأفاد الأسبوع الماضي أنه أطلق النار على شيليبوف بضغط من جندي آخر بينما حاولا الانسحاب والهرب إلى روسيا في سيارة مسروقة في 28 شباط.
غير أن المدعين قالوا إنه أطلق ثلاث أو أربع رصاصات بنية قتل المدني، وحكم عليه القاضي سيرغي أغافونوف بالسجن مدى الحياة.
وأفادت النيابة العامة الأوكرانية عن فتح أكثر من 12 ألف تحقيق في قضايا جرائم حرب منذ بدء الغزو.
وتجري هيئات دولية أيضا تحقيقات في انتهاكات مفترضة تتهم القوات الروسية بارتكابها في أماكن مثل بوتشا وماريوبول، اللتان باتتا رمز للدمار والمعاناة خلال الحرب.
استقالة ديبلوماسي
في السياق، أعلن المستشار في بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف، بوريس بونداريف، استقالته من منصبه بعد 20 عاما على توليه مهامه الديبلوماسية، احتجاجا على الغزو الروسي.
ودان في رسالة تلقاها عدد من البعثات الديبلوماسية في جنيف واطلعت عليها وكالة فرانس برس، الحرب "ليس فقط بوصفها جريمة بحق الشعب الأوكراني، إنما أيضا، ربما، أكثر الجرائم خطورة بحق الشعب الروسي".
وقال "لم يسبق أن خجلت ببلادي بهذا القدر".
وفر أكثر من ستة ملايين شخص إلى خارج أوكرانيا فيما نزح ثمانية ملايين في الداخل منذ اندلاع الحرب، وفق أرقام الأمم المتحدة.