النهار

الناجون من زلزال أفغانستان ينتظرون المساعدات بقلق من دون طعام ولا مياه... هزة أرضيّة تقتل خمسة في غايان
المصدر: أ ف ب
الناجون من زلزال أفغانستان ينتظرون المساعدات بقلق من دون طعام ولا مياه... هزة أرضيّة تقتل خمسة في غايان
رجل يقف بين انقاض منزل في غايان بولاية بكتيكا بعد زلزال ضرب أفغانستان (23 حزيران 2022، أ ب).
A+   A-
تصل المساعدات، الجمعة، ببطء إلى القرى المنكوبة في جنوب شرق أفغانستان، في حين ما زال الناجون من الزلزال الأعنف الذي شهدته البلاد منذ أكثر من عقدين، محرومين من المسكن والطعام والمياه.

ضرب الزلزال الذي بلغت شدّته 5,9 درجات على مقياس ريشتر، المنطقة الفقيرة والنائية على الحدود مع باكستان، وأودى بحياة أكثر من ألف شخص وتسبب بإصابة ثلاثة آلاف آخرين وبتشريد الآلاف.

لم تصمد المنازل الهشّة المبنية من الطين أمام الهزّة الأرضية ووجد الناجون أنفسهم محرومين من كل شيء. فهم بحاجة إلى ملاجئ للاحتماء من الشتاء والبرد وهي ظروف مناخية غير مألوفة في هذا الموسم، وإلى طعام ومياه ومعدّات الإسعافات الأولية.

وقال صيت الله غورزيوال وهو من سكان بيرمال الواقعة في إقليم بكتيكا الأكثر تضرّرًا، "ليست لدينا بطانيات ولا خيم ولا ملاجئ... نحن بحاجة إلى طعام ومياه. شبكة توزيع المياه بأكملها دُمّرت. كلّ شي منهار، المنازل مدمّرة. الناس لا يمكنهم سحب موتاهم (من تحت الأنقاض) ودفنهم".

شعر الأفغان منذ الأربعاء بهزّات أرضية عدة قُتل خمسة أشخاص صباح الجمعة من جراء إحداها في غايان، وفق مدير الهيئة الصحية في هذه المنطقة المنكوبة مقبول لقمانزاي.

وعمليات الإنقاذ معقّدة بسبب صعوبة الوصول إلى هذه المنطقة والأحوال الجوية. فقد تسببت الأمطار بانزلاقات أرضية أبطأت وصول المساعدات وألحقت أضرارًا بخطوط الاتصالات وكابلات الكهرباء.

إلا أن صحافيي فرانس برس شاهدوا سبع شاحنات لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة محمّلة بالخيم وبعض البسكويت المغذي تصل صباح الجمعة إلى قرية ووشكاي في منطقة غايان بعد رحلة استمرّت أكثر من يوم انطلاقًا من كابول.

وتتبع هذه القافلة شاحنات أخرى تحمل حصصًا غذائية أساسية، مثل الزيت والأرز، بحسب عضو في المنظمة. وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" حاضرة أيضًا مع شاحنتين محملتين بخيم وأدوية.

- تحد لطالبان -
يشكل هذا الزلزال تحديًا كبيرًا لحركة طالبان التي استحوذت على الحكم منتصف آب 2021 بعد تمرد استمرّ عشرين عامًا وتندد الأسرة الدولية برؤيتها المتشددة جدًا للإسلام.

أُوقفت المساعدات الدولية الغربية التي تعتمد عليها البلاد منذ عشرين عامًا وأصبحت اليوم تقدم بالقطارة منذ عودة طالبان للسلطة.  وغرقت البلاد مذاك في أزمة مالية وإنسانية عميقة.

أعلنت حكومة طالبان أنها تبذل أقصى الجهود لمساعدة الضحايا وطلبت مساعدة المجتمع الدولي الذي رفض الاعتراف بها حتى الآن، والمنظمات الإنسانية.

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الأمم المتحدة "في حالة تأهب كامل" لمساعدة أفغانستان مع نشر فرق للإسعافات الأولية وإرسال أدوية ومواد غذائية. 

وأعلن مكتبه الإعلامي أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وزّعت خيمًا وبطانيات وأغطية بلاستيكية كما أن برنامج الأغذية العالمي أوصل طعامًا لنحو 14 ألف شخص في بكتيكا ومنظمة الصحة العالمية قدّمت عشرة أطنان من المعدّات الطبية تكفي لإجراء 5400 عملية جراحية.

وقدّر الاتحاد الأوروبي أن 270 ألف شخص يعيشون في المناطق المتضررة من الزلزال يحتاجون إلى مساعدة وقدّم مساعدة طارئة أولية بقيمة مليون يورو.

وأرسلت أيضًا باكستان وإيران وقطر مساعدات للمنكوبين. وأعلنت الولايات المتحدة التي انسحبت من أفغانستان أواخر آب بعد حرب استمرّت 20 عامًا، أنها تعمل مع شركائها الإنسانيين على إرسال فرق طبية.

ولا ترغب بعض الدول في إرسال المساعدات إلى طالبان بشكل مباشر، خشية أن يتمّ استخدامها لأغراض أخرى.

- توزيع "شفاف" للمساعدات -
وقال مساعد المتحدث باسم حكومة طالبان بلال كريمي لوكالة فرانس برس إن "توزيع المساعدات سيكون شفافًا"، مضيفًا أن "العديد من الدول دعمتنا ووقفت إلى جانبنا".

في منطقة بيرمال، دُمّرت قرى بأكملها، وفق ما أفاد فريق وكالة فرانس برس. وتقدّر السلطات أن قرابة عشرة آلاف منزل في المجمل تضررت. وتؤوي هذه المنازل أحيانًا عشرين شخصًا.

في مقبرة تطل على قرية ووتشكاي، تم حفر 11 قبرًا على وجه  السرعة لدفن أفراد عائلة قُتلت جراء الزلزال، ومن بينها جثث أطفال.

في بلدة صيت الله، الواقعة على طريق ترابي وعر متعرّج في منطقة جبلية متوسطة على طول نهر كبير شبه جاف، ارتسم الإنهاك واليأس على وجوه الناس الذين فقدوا كل شيء.

وروى صيت الله "لم يكن لدينا معول حتى، لحفر (القبور)، ولا أي معدات، فاستخدمنا جرارًا".

والوضع مأساوي بالنسبة للأكثر ضعفًا وهم المسنّون والأطفال.

وقدّرت منظمة "سايف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) الخميس بأن أكثر من 118 ألف طفل تأثروا بالكارثة. وقالت "الكثير من الأطفال ما عادوا قادرين الآن على الأرجح على الحصول على مياه الشرب ولا الطعام ولا على مكان آمن للنوم".

تشهد أفغانستان بشكل متكرر زلازل خصوصا في سلسلة جبال هندو كوش التي تقع عند تقاطع الصفائح التكتونية الأوراسية والهندية. ويمكن أن تكون هذه الكوارث مدمرة بشكل خاص بسبب ضعف بنية المنازل الأفغانية الريفية.

وقع أعنف زلزال في تاريخ أفغانستان الحديث في أيار 1998 وأودى بحياة خمسة آلاف شخص في ولايتي تخار وبدخشان (شمال شرق).

اقرأ في النهار Premium