النهار

قرار "تاريخي" للمحكمة الأميركية العليا بإلغاء حق الإجهاض: بايدن يعتبره "يوماً حزيناً" والجمهوريون يحتفون بـ"انتصار"
المصدر: "النهار"
قرار "تاريخي" للمحكمة الأميركية العليا بإلغاء حق الإجهاض: بايدن يعتبره "يوماً حزيناً" والجمهوريون يحتفون بـ"انتصار"
ناشطون مؤيدون للحق في الإجهاض يحتجون خارج مبنى المحكمة الاتحادية العليا في واشنطن (أ ف ب).
A+   A-
اتخذت المحكمة العليا في الولايات المتحدة أمس الجمعة خطوة جذرية وأبطلت حكماً تاريخياً صدر في عام 1973 اعترف بحق المرأة الدستوري في الإجهاض وقننه على مستوى البلاد، بما يشكل نصراً للجمهوريين والمحافظين الذين يريدون الحد من الأمر أو حظره كلياً، في حين وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الحكم بأنه "يوم حزين للمحكمة والبلاد".

وفي حكم صدر بتأييد ستة مقابل رفض ثلاثة أعضاء، أيدت المحكمة بأغلبيتها المحافظة قانوناً صدر في ولاية مسيسيبي ودعمه الجمهوريون وتم بموجبه حظر الإجهاض بعد 15 أسبوعاً من بدء الحمل.

وجاء التصويت بتأييد خمسة مقابل رفض أربعة لإبطال حكم قضية "رو ضد وايد" إذ كتب كبير القضاة جون روبرتس بشكل مستقل إنه يدعم تأييد القانون الصادر في ولاية مسيسيبي لكنه لا يؤيد الخطوة الإضافية التي تلغي السابقة القانونية كلياً.

وفي الحيثيات أن الحكم الصادر عام 1973 في قضية "رو ضد وايد" والذي سمح بالإجهاض قبل أن يتمكن الجنين من الحياة خارج الرحم، اي ما بين 24 و28 أسبوعاً من الحمل، كان خاطئاً لأن الدستور الأميركي لا يأتي بالتحديد على ذكر حقوق الإجهاض.

وكانت مسودة للحكم كتبها القاضي صامويل أليتو وأشارت إلى أن المحكمة ستبطل على الأرجح حكم قضية "رو ضد وايد" قد تسربت في أيار مما أثار عاصفة سياسية. وجاء نص الحكم أمس، الذي كتبه أليتو، مطابقاً الى حد كبير للتسريب.

وكتب أليتو في الحكم: "لا يشير الدستور للإجهاض وليس هناك حماية ضمنية لمثل هذا الحق في أي من بنود الدستور".

واعترف الحكم الصادر في قضية "رو ضد وايد" بأن حق الخصوصية الشخصية في الدستور الأميركي يحمي قدرة المرأة على إنهاء حملها. وفي عام 1992 أصدرت المحكمة العليا حكماً أعاد التأكيد على حقوق الإجهاض ومنع صدور قوانين تفرض "أعباء غير ضرورية" للحصول عليه.

ومن خلال إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض، يعيد الحكم للولايات الأميركية قدرتها على تمرير قوانين تحظره. ويعتقد أن نحو 26 ولاية ستحظر الإجهاض قطعاً أو ترجيحاً.

وأصدر القضاة الثلاثة الليبراليون في المحكمة اعتراضاً مشتركاً، وقالوا "أياً كان المدى الفعلي للقوانين المقبلة فهناك نتيجة واحدة مؤكدة لقرار اليوم (أمس) وهي الحد من حقوق النساء وبوضعهن كمواطنات لديهن الحرية والمساواة".

وأضافوا أن الحكم سينتج عنه "من أول لحظة في التخصيب ليس لدى المرأة حقوق تذكر. ويمكن لولاية أن تجبرها على إتمام الحمل حتى في ظل أصعب الآثار على المستوى الشخصي والأسري".

وكان الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب قد وعد في حملته الانتخابية في 2016 بتعيين قضاة في المحكمة العليا سيبطلون حكم "رو ضد وايد"، وتمكن بالفعل من تعيين ثلاثة قضاة محافظين خلال ولايته التي استمرت أربع سنوات مما رجح كفة اليمينيين في المحكمة وأسس لأغلبية محافظة من ستة قضاة مقابل ثلاثة ليبراليين.



بايدن
وانتقد بايدن القرار قائلاً إنه يعود بالبلاد ١٥٠ عاماً إلى الوراء، محذراً من أن صحة النساء وحياتهن في الولايات المتحدة صارت في خطر، معتبراً "إنه يوم حزين للمحكمة والبلاد".

ولفت في خطاب في البيت الأبيض تعليقاً على القرار إلى أن المحكمة العليا "أخذت حقاً دستورياً من الأميركيين كان معترفاً به بالفعل (...)، لم يقيّدوه ولكنهم ألغوه، وهذا لم يحدث لأي حق مهمّ للغاية للأميركيين، ولكنهم فعلوا ذلك".

وتعهد بايدن بمواصلة الكفاح من أجل الحقوق الإنجابية وقال إنه ليس هناك أمر تنفيذي يمكنه ضمان حق المرأة في الاختيار.

وحث الناخبين على التصويت لصالح النواب الذين سيعملون في الكونغرس على تقنين حقوق الإجهاض كقانون أساسي في عموم البلاد.

وقال بايدن: "هذا الخريف التصويت على رو. الحريات الشخصية هي محل التصويت" في إشارة لقضية "رو ضد وايد" التي صدر عليها الحكم الذي قنن حق الإجهاض على مستوى البلاد في 1973 والذي أبطلته المحكمة العليا أمس.

وشدد بايدن على أن تكون الدعوة لأي احتجاجات سلمية، وقال "لا ترهيب. العنف ليس مقبولاً على الإطلاق".



ردود فعل تعكس الانقسام
وردّت شخصيات عامة من مختلف الأطياف السياسية على حكم المحكمة العليا. وفي بيان، قالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، المنتمية إلى الحزب الديموقراطي، إن "هذا الحكم القاسي شائن ومؤلم. ثقوا تماماً أن حقوق النساء وجميع الأميركيين ستطرح في الاقتراع في تشرين الثاني (انتخابات التجديد النصفي للكونغرس)".

واعتبر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل في بيان أن الحكم "شجاع وصحيح"، قائلاً "هذا انتصار تاريخي للدستور وللطرف الأضعف في مجتمعنا".

وعدّ الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قرار المحكمة "هجوماً على الحريات الأساسية لملايين الأميركيين"، وقال: "اليوم، لم تبطل المحكمة العليا سابقة تعود إلى ما يقرب من 50 عاماً فحسب، بل عطلت القرار الشخصي، الأكثر قوة، والذي يمكن لأي شخص اتخاذه لحساب أهواء السياسيين وأصحاب الأيديولوجيات".

وعلى النقيض، قال نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس في بيان: "اليوم، الحياة فازت. بإلغاء قضية رو ضد وايد، أعطت المحكمة العليا للولايات المتحدة الشعب الأميركي بداية جديدة للحياة، إنني أثني على القضاة في الأغلبية لشجاعتهم في قناعاتهم (...). بعدما أتيحت لنا هذه الفرصة الثانية للحياة، يجب ألا نرتاح ولا نلين حتى يتم استعادة قدسية الحياة إلى مركز القانون الأميركي بكل ولاية في البلاد".


"ضربة قاصمة"
وقال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند بعد حكم المحكمة العليا إن وزارة العدل ستستخدم كل الوسائل التي تحت تصرفها لحماية الحرية الإنجابية، وإن الوكالات الاتحادية قد تستمر في تقديم خدمات الصحة الإنجابية إلى أقصى حد يسمح به القانون الاتحادي.

وقال غارلاند في بيان: "هذا القرار يوجه ضربة قاصمة للحرية الإنجابية في الولايات المتحدة. سيكون له تأثير مباشر لا رجعة له على حياة الناس في جميع أنحاء البلاد. سيكون تأثيره غير متناسب إلى حد كبير في ظل الأعباء الكبرى التي يتحملها الأشخاص من غير أصحاب البشرة البيضاء وذوو الموارد المالية المحدودة".


تعليقات خارجية
وفي ردود الفعل الخارجية، اعتبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه أن الحكم "يشكل ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء".

وقالت في بيان إن "الحق في الإجهاض الآمن والقانوني والفاعل متجذر بعمق في القانون الإنساني الدولي، وهو في صلب استقلالية النساء وقدرتهن على القيام بخياراتهن بأنفسهن"، مبدية أسفها لقرار "يشكل تراجعاً كبيراً".

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اعتبر القرار "خطوة كبيرة للوراء". وقال في مؤتمر صحافي في كيغالي حيث يحضر اجتماع دول منظمة الكومنولث: "إنه قرار مهم للغاية. ينبغي أن أقول لكم إنه، في اعتقادي، خطوة كبيرة إلى الوراء".

وأضاف: "أؤمن على الدوام بحق المرأة في الاختيار ورأيي لم يتغير".



اقرأ في النهار Premium