واصلت أوكرانيا جهودها اليوم لاستئناف تصدير الحبوب من أوديسا وموانئ أخرى على البحر الأسود، بعد هجوم صاروخي أثار شكوكاً بشأن ما إذا كانت روسيا ستلتزم اتّفاقاً يهدف إلى تخفيف نقص الغذاء العالمي الناجم عن الحرب.
ندّد الرئيس الأوكرني فولوديمير زيلينسكي بالهجمات على أوديسا ووصفها بأنّها "بربريّة" صارخة تُثبت أنه لا يمكن الثقة في موسكو لتنفيذ اتفاق الجمعة الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة.
ولكن وزيراً في الحكومة قال إنّ الاستعدادات لاستئناف شحنات الحبوب جارية، ونقلت محطة "سوسبيلن" التلفزيونية الأوكرانية الرسمية عن الجيش الأوكراني قوله إنّ الصواريخ لم تُلحق أضراراً كبيرة بالميناء.
ورُحّب بالاتفاق الذي وقّعته موسكو وكييف باعتباره انفراجة ديبلوماسية ستساعد في الحدّ من ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، ولكن مع دخول الحرب شهرها السادس اليوم لم يظهر ما يشير إلى تراجع حدّة القتال.
وعلى الرغم من أنّ ساحة القتال الرئيسية كانت في منطقة دونباس الشرقية، قال زيلينسكي في شريط مصور بُثّ في ساعة متأخرة من مساء أمس إنّ القوات الأوكرانية تدخل "خطوة بخطوة" منطقة خيرسون المحتلة بشرق البحر الأسود.
ودانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا بقوة قصف أوديسا. وكان مسؤولو الأمم المتحدة قد قالوا يوم الجمعة إنهم يأملون في أن يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ في غضون أسابيع قليلة.
وأظهر مقطع مصور بثّه الجيش الأوكراني رجال الإطفاء وهم يكافحون حريقاً في زورق مجهول. ولم يتسنَّ التحقق بشكل مستقلّ من صحة المقطع أو تاريخ تصويره.
من جهته، قال وزير الدفاع التركي أمس إنّ المسؤولين الروس أبلغوا أنقرة بأنّ موسكو "لا علاقة لها" بالهجمات التي تعرض لها ميناء أوديسا الأوكراني. ولم يتضمّن بيان وزارة الدفاع الروسية أو الإفادة العسكرية المسائية اليوم عن تطورات الحرب أيّ إشارة إلى قصف أوديسا. ولم تردّ وزارة الدفاع الروسية حتى الآن على طلب من "رويترز" للتعليق.
وذكرت قيادة العمليات الجنوبية الأوكرانية أن صاروخَين روسيَّين من طراز "كاليبر" أصابا منطقة بها محطة ضخّ في ميناء أوديسا وأن قوات الدفاع الجوي أسقطت صاروخَين آخرين. وقال يوري إغنات المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية إن صواريخ "كروز" أُطلقت من سفن حربية في البحر الأسود بالقرب من شبه جزيرة القرم.
ونقل تلفزيون "سوسبيلن" في وقت لاحق عن ناتاليا هومينيوك المتحدثة باسم القيادة العسكرية الجنوبية لأوكرانيا قولها إنّ منطقة تخزين الحبوب بالميناء لم تتعرّض للقصف.
وقال ماكسيم مارتشينكو حاكم منطقة أوديسا: "للأسف هناك جرحى. تضررت البنية التحتية للميناء".
لكن أولكسندر كوبراكوف وزير البنية التحتية قال على "فايسبوك": "نواصل الاستعدادات الفنية لاستئناف صادرات المنتجات الزراعية من موانئنا".
ممرّ آمن
ومثّل قصف أوديسا على ما يبدو خرقاً لشروط اتفاق يوم الجمعة والذي من شأنه أن يسمح بمرور آمن من وإلى أوديسا وميناءين أوكرانيين آخرين.
وتعهد زيلينسكي ببذل كل ما في وسعه للحصول على أنظمة دفاع جوي قادرة على إسقاط صواريخ مثل تلك التي قصفت أوديسا.
وأدى الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود، منذ غزو موسكو لجارتها في 24 شباط، إلى بقاء عشرات الملايين من الأطنان من الحبوب في الصوامع وتقطع السبل بالكثير من السفن.
كما أدى ذلك إلى تفاقم الاختناقات في سلاسل الإمداد العالمية. ومع العقوبات الغربية الكاسحة، تصاعدت وتيرة التضخم في أسعار المواد الغذائية والطاقة حول العالم.
وتُعتبر روسيا وأوكرانيا موردي قمح عالميين رئيسيين، وأدت الحرب إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ووفق برنامج الأغذية العالمي دفعت أزمة الغذاء العالمية بنحو 47 مليون شخص إلى منطقة "الجوع الحادّ".
وتنفي موسكو مسؤوليتها عن أزمة الغذاء وتنحي باللوم على العقوبات الغربية في تباطؤ صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة وعلى أوكرانيا بسبب تلغيم الطرق المؤدية إلى موانئها.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان: "هذا الهجوم يلقي بظلال من الشك على مصداقية التزام روسيا باتفاق الأمس".
وأضاف: "روسيا تتحمّل مسؤولية تعميق أزمة الغذاء العالمية وعليها أن توقف عدوانها".
وقال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن الأمين العام "يدين بشكل قاطع" الهجمات مضيفاً أنه لا بد من تنفيذ الاتفاق بشكل كامل.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في بيان "خلال اتصالاتنا مع روسيا، أخبرنا الروس أنه لا علاقة لهم على الإطلاق بهذا الهجوم، وأنهم يدرسون القضية بدقة وبالتفصيل".
وأضاف: "حقيقة أن مثل هذا الحادث وقع مباشرة بعد الاتفاق الذي أبرمناه بالأمس هو أمر يثير قلقنا فعلاً".
ولغَّمت أوكرانيا المياه بالقرب من موانئها كجزء من دفاعاتها الحربية، لكن بموجب الاتفاق، سيوجه مرشدون السفن على امتداد الممرات الآمنة في مياهها الإقليمية.
وسيراقب مركز تنسيق مشترك، يضم أعضاء من أطراف الاتفاق الأربعة، السفن العابرة من البحر الأسود إلى مضيق البوسفور في تركيا ومنه إلى الأسواق العالمية.
ويصف بوتين الحرب بأنها "عملية عسكرية خاصة"، ويقول إنها تهدف إلى نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث القوميين الخطرين. لكن كييف والغرب يقولان إن ذلك ذريعة لا أساس لها من الصحة وإن الهدف من الحرب هو الاستيلاء على الأراضي.
والتقى وفد من الكونغرس الأميركي مع زيلينسكي في كييف ووعد بمواصلة الدعم. ونُقل عن آدم سميث رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب قوله لإذاعة "أوروبا الحرة / راديو ليبرتي" إنّ واشنطن وحلفاءها يهدفون إلى توفير المزيد من أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة لأوكرانيا.