يبحث مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة اليوم القمع الدّامي للتظاهرات التي تهزّ إيران منذ أكثر من شهرين في اجتماع قد يفضي إلى إقرار مبدأ فتح تحقيق دولي بشأن الوضع في البلد.
وتعقد دول المجلس الـ47 اجتماعاً طارئاً اليوم لبحث "تدهور وضع حقوق الإنسان" في إيران، بطلب أكثر من خمسين دولة عضو في الأمم المتّحدة وبمبادرة من ألمانيا وأيسلندا.
وأدّى قمع التّظاهرات إلى مقتل ما لا يقلّ عن 416 شخصاً بينهم 51 طفلاً، وفقاً لمنظّمة حقوق الإنسان في إيران التي تتّخذ في أوسلو مقرّاً.
وتعقد الجلسة في ظلّ الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاماً بعد أيّام من توقيفها لانتهاكها قواعد اللّباس في الجمهوريّة الإسلاميّة.
وتحوّلت التظاهرات مع الوقت إلى احتجاجات ضدّ السّلطة، غير مسبوقة بحجمها وطبيعتها منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
واعتقل آلاف المتظاهرين السلميّين بينهم العديد من النّساء والأطفال والمحامين والناشطين والصحافيين، بحسب خبراء في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. وأصدر القضاء حتى الآن ستة أحكام بالإعدام على ارتباط بالتظاهرات.
- إلقاء الضوء -
وسيبت المجلس اليوم في مسألة تشكيل فريق محقّقين لإلقاء الضوء على كلّ الانتهاكات لحقوق الإنسان المرتبطة بالتظاهرات.
وبحسب مسودة القرار التي قدّمتها ألمانيا وأيسلندا، ستأخذ بعثة التّحقيق الدوليّة المستقلّة أيضاً بـ"الأبعاد المتعلّقة بالنّوع الاجتماعي".
والهدف هو جمع أدلّة على الانتهاكات والحفاظ عليها تحسّباً لاستخدامها في ملاحقات محتملة.
وشدّدت وزيرة الخارجيّة الألمانية أنالينا بيربوك التي ستحضر اليوم إلى جنيف، في تغريدة على أنّ إجراء تحقيق أمر أساسيّ، مشيرةً إلى أهمية "محاسبة المسؤولين على أفعالهم بالنسبة للضحايا".
وسيقوم المفوّض السّامي الجديد النّمساوي فولكر تورك الذي ندّد بقمع التّظاهرات، بافتتاح الجلسة التي يتوقّع أن تستمرّ طوال النهار.
وأعرب العديد من الدبلوماسيّين والناشطين الحقوقيّين وخبراء الشؤون الإيرانيّة عن دعمهم للمبادرة.
وقالت السّفيرة الأميركيّة ميشيل تايلور "علينا أن نبذل كلّ ما في وسعنا لكشف الحقيقة حول ما يجري في إيران ومساندة مطالبة الشعب الإيراني بالعدالة والمسؤولية".
- استفزاز -
تسعى إيران من جهتها لجمع عدد كاف من الحلفاء لإحباط القرار.
وكتبت وزارة الخارجية الإيرانية مؤخّراً في تغريدة أنّه "مع تاريخ طويل من الاستعمار ومن الانتهاكات لحقوق الإنسان في دول اخرى، فإنّ الولايات المتّحدة وأوروبا غير مؤهّلتين للدّفاع عن حقوق الإنسان".
كما كتب وزير الخارجيّة حسين أمير عبداللّهيان على "تويتر" متوجّهاً إلى نظيرته الألمانية أن رد بلاده على "المواقف الاستفزازيّة وغير الديبلوماسيّة" لألمانية ستكون "متناسبة وحازمة".
وليس من المؤكد حتى الآن أن يتم تبنّي القرار.
وأعرب الديبلوماسيّون الغربيّون في جنيف عن تفاؤل حذر لكن المتّحدث باسم وزارة الخارجية الألمانيّة كريستوفر بورغر أقرّ بأنّه "ليس من الأكيد الحصول على غالبية".
وتتشكّل مقاومة متزايدة بدفع من روسيا والصّين وإيران نفسها داخل المجلس بوجه الجهود التي غالباً ما تقوم بها الديموقراطيّات الغربيّة من أجل إدانة دول لاتّهامها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وأُصيب الغربيّون بنكسة كبيرة الشّهر الماضي حين حاولوا إدراج القمع الذي تمارسه بكين في منطقة شينجيانغ على جدول أعمال المجلس.
- "من المفترض تمرير" القرار -
إلّا أنّ إيران قد تجد صعوبة أكبر في عرقلة القرار الذي يستهدفها لأنّ نفوذها أدنى بكثير من نفوذ بكين.
وسبق أن أعرب المجلس عن مخاوفه حيال حصيلة طهران على صعيد حقوق الإنسان بتعيينه عام 2011 مقرّراً خاصّاً حول إيران يجدّد مهمّته كل سنة.
ورأى أميد معماريان المحلّل لدى منظّمة "الديموقراطيّة الآن للعالم العربي" أنّه "من المفترض تمرير" القرار، معتبراً أنّ ذلك "سيعطي دفعاً كبيراً لمعنويّات المتظاهرين وسيوجّه تحذيراً إلى المسؤولين عن القمع مفاده أنّ باقي العالم لن يكون آمنا لهم".