طغت قضية شينجيانغ الشائكة على السنوات الأربع التي قضتها ميشيل باشليه في منصب مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وقبل أقل من أسبوع من انتهاء ولايتها، لاتزال الرئيسة التشيلية السابقة غير متأكدة ممّا إذا كان بإمكان مكتبها نشر تقرير مرتقب قبل مغادرتها، حول هذه المنطقة الصينية المستهدفة بالقمع على خلفية محاربة الإرهاب.
- تأجيل متكرّر للتقرير
في آب 2018، اتُهمت الصين أمام لجنة تابعة للأمم المتحدة بتحويل شينجيانغ "معسكر اعتقال ضخما". لم تذكر باشليه هذه الاتهامات في خطابها الأول الذي ألقته في 18 أيلول 2018، بعد أيام قليلة على تعيينها في منصبها.
وبالرغم من ورود هذه المزاعم في نسخة من الخطاب المرسلة إلى الصحافيين، إلّا أنها لم تقرأ هذا الجزء، ولا الجزء الذي يطالب باتاحة "الوصول إلى كلّ المناطق" الصينية.
ولكن بعد خضوعها لضغوط من المنظمات غير الحكومية والدول الغربية لاتخاذ موقف صارم إزاء بيجينغ، أشارت في شباط 2021 إلى ضرورة إجراء "تقييم كامل ومستقل" للوضع في شينجيانغ.
بعد سبعة أشهر، أعلنت أنه في انتظار الوصول الفعلي إلى شينجيانغ، يضع مكتبها "اللمسات الأخيرة على تقييمه... بشأن مزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في تلك المنطقة، بهدف نشرها على الملأ".
في نهاية العام 2021، أكد مكتبها أنّ الوثيقة قد تُنشر "خلال أسابيع عدّة". ولكن جرى تأخير النشر بانتظار زيارة شينجيانغ.
- زيارة مثيرة للجدل -
لم تتوقف باشليه عن المطالبة بتمكينها من زيارة شينجيانغ "بدون عوائق".
ردّ السفير الصيني في جنيف شين شو على هذه المطالب بالقول "المعاينة خير برهان"، داعياً إياها في حزيران 2019 للذهاب إلى هناك. ولطالما شدّدت الصين على أنّ هذه الزيارة يجب أن تكون "ودّية" وليس تحقيقاً.
توصّلت الأمم المتحدة وبيجينغ إلى أرضية للتفاهم من أجل تنظيم الزيارة هذا العام لكن لم تُنشر تفاصيل بهذا الشأن، الأمر الذي عدّ نقصاً في الشفافية ندّدت به الولايات المتحدة.
أُجريت الزيارة في أيار، وهي أول زيارة يقوم بها مفوض سامٍ لحقوق الإنسان للصين منذ 17 عاماً.
في ختامها، قالت باشليه إنّ زيارتها لا تشكّل "تحقيقاً" وأكدت أنها تحدثت "بصراحة" مع القادة الشيوعيين بشأن القمع الذي نُفذ في شينجيانغ باسم محاربة الإرهاب.
وفي الوقت الذي نددت فيه ب"أعمال التطرّف العنيفة"، أدانت الإجراءات "التعسّفية" التي تستهدف المسلمين في شينجيانغ، في تصريحات اعتبرتها المنظمات المدافعة عن الأويغور متساهلة للغاية.
وكانت زيارتها موضع انتقادات من قبل الولايات المتحدة ومنظمات غير حكومية معروفة اتهمتها بافتقارها للحزم تجاه بيجينغ وتعاملها ك"ديبلوماسية" وليس كمدافعة عن حقوق الإنسان.
- ضغوط؟
لطالما كانت شينجيانغ مسرحاً لهجمات دامية استهدفت مدنيين. وأشارت السلطات إلى أنّ مرتكبيها هم من الانفصاليين والإسلاميين الاويغور - المجموعة الإثنية الأساسية في المنطقة.
تخضع هذه المنطقة الصينية لمراقبة قاسية منذ سنوات. كما تتّهم أبحاث غربية بيجينغ بأنّها احتجزت أكثر من مليون شخص من الأويغور وأعضاء من الجماعات العرقية المسلمة المحلية الأخرى في "معسكرات إعادة تأهيل" في شينجيانغ، فيما فرضت "العمل القسري" أو "التعقيم القسري".
من جهتها، تتحدث الولايات المتحدة عن "مجزرة".
وتنفي الصين كل هذه الاتهامات، كما تقدّم هذه "المعسكرات" على أنها "مراكز تدريب مهني" تهدف إلى محاربة التطرّف الديني والإعداد لاكتساب مهارات مهنية.
في 21 تموز، نفت باشليه تعرّضها لضغوط من الصين لمنعها من نشر التقرير.
بعد خمسة أيام، نشرت البعثة الصينية في جنيف على "تويتر" رسالة مفتوحة من حوالى ألف منظمة غير حكومية تطلب من مكتب المفوّضة السامية "الوقوف إلى الجانب الصحيح من التاريخ وعدم نشر تقييم مليء بالأكاذيب".
وفي 25 آب، اعترفت بأنها تتعرّض لـ"لضغوط هائلة" من كل جميع الأطراف.