أفرجت إيران عن عامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل بعد 15 شهرا على احتجازه بتهمة "التجسس"، وذلك مقابل الديبلوماسي أسد الله أسدي المحكوم بالسجن بتهم مرتبطة بالارهاب، في عملية تبادل توسّطت فيها مسقط.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو الجمعة إن "أوليفييه نُقل إلى (سلطنة) عُمان الليلة الماضية حيث تكفّل به فريق من العسكريين والديبلوماسيين البلجيكيين، وأجرى هناك فحوصا طبية صباح اليوم (الجمعة) لتقييم حالته الصحية وإتاحة عودته في أفضل الظروف الممكنة".
وأضاف "إذا سار كل شيء كما هو متوقع، فسيكون بيننا الليلة"، مشيرا إلى أن "أوليفييه أمضى 455 يوما في السجن في طهران في ظروف لا تطاق، (رغم أنه) بريء".
بحسب مصادر بلجيكية يتوقّع وصول الطائرة التي تقلّ فانديكاستيل إلى قاعدة ميلسبروك العسكرية الواقعة قرب بروكسيل نحو الساعة 21,30 (19,30 ت غ).
وفي طهران، أعلن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان أن بلجيكا أفرجت عن الديبلوماسي أسدي الذي حُكم عليه في العام 2021 بالسجن 20 عاماً بعد إدانته بـ"محاولات اغتيال إرهابية" على خلفية تهمة التخطيط لاستهداف اجتماع للمعارضة الإيرانية في فرنسا في العام 2018.
وقال عبداللهيان في تغريدة "أسد الله أسدي، ديبلوماسيّنا البريء الذي اعتقل بشكل غير قانوني في ألمانيا وبلجيكا لأكثر من عامين في انتهاك للقانون الدولي، في طريقه الآن إلى الوطن".
وقد أكّدت وزارة الخارجية العمانية الجمعة عملية تبادل السجناء بين إيران وبلجيكا.
وقالت في بيان "أسفرت المساعي العُمانية (...) عن اتفاق الجانبين على صفقة للإفراج المتبادل"، موضحة أنه "تم نقل المفرج عنهم من طهران وبروكسيل إلى مسقط اليوم الجمعة (...) تمهيدا لعودتهم إلى بلدانهم".
ولم تحدّد مسقط عدد المفرج عنهم وهوياتهم.
أوقف عامل الإغاثة البلجيكي في 24 شباط في طهران، ثمّ حُكم عليه بالسجن 40 عاماً بتهمة "التجسّس"، وطالبت الحكومة البلجيكية باستمرار السلطات الإيرانية بالافراج عنه، معتبرة انه "بريء".
كذلك، حُكم عليه بـ74 جلدة، بعد محاكمة وصفتها كلّ من أسرته والسلطة التنفيذية البلجيكية بأنّها "غير منصفة".
وقال رئيس الوزراء البلجيكي "بالنسبة لي، كان الاختيار دائمًا واضحًا. حياة أوليفييه تأتي أولاً. إنها مسؤولية أتحملها على عاتقي، وأقبلها. في بلجيكا، لا نتخلى عن أي شخص".
- "فدية مخزية" -
كانت بلجيكا أعلنت في نيسان الماضي أنها "تنظر" في طلب طهران المتعلق بنقل الديبلوماسي الإيراني. وأكد رئيس الوزراء آنذاك أنه "صحيح أن إيران طلبت رسميا استرداد (أسد الله) أسدي".
وأقرّ البرلمان البلجيكي في تموز 2022 معاهدة لتبادل السجناء مع إيران رأت فيها الحكومة فرصة لإطلاق فانديكاستيل. ودخل النص حيّز التنفيذ في 18 نيسان.
وملفّ تسليم الأسدي حسّاس جدا بالنسبة للحكومة البلجيكية التي تصطدم باحتجاج من المعارضين الإيرانيين في المنفى. ويرى معارضون أن السماح بعودته إلى طهران يرقى إلى مستوى تشجيع "إرهاب دولة" تمارسه إيران.
وبعيد الافراج عن أسدي، اتهمت المعارضة الإيرانية في المنفي بلجيكا بدفع "فدية مخزية" لإيران للإفراج عن مواطنها. وقال "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" ومقره باريس في بيان إن ذلك "سيشجّع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران على مواصلة جرائمها".
بغية إجراء عملية التبادل بين فانديكاستيل وأسدي، لجأت السلطة التنفيذية إلى المادة 167 من الدستور التي تمنحها كامل الصلاحيات في شؤون السياسة الخارجية، وفق مصادر حكومية.
وقال أحد هذه المصادر إن السلطات "لم تبلّغ المعارضة الإيرانية" بأنها لجأت إلى هذه الآلية وبالتالي تمكّنت من كسب الوقت.
ففي آذار، لجأ "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" إلى المحكمة الدستورية التي فرضت قيودا على تطبيق المعاهدة الثنائية لتبادل السجناء المبرمة في العام 2022، مشدّدا على وجوب إبلاغ المعارضين الإيرانيين في المنفى مسبقا بأي قرار بتسليم أسدي، إفساحا في المجال أمام تقدّم المعارضين بطعن أمام القضاء.
وكان أسدي يقيم في فيينا، وتم اعتقاله بعد تهريب متفجرات لزوجين إيرانيين مقيمين في بلجيكا كان من المفترض أن يسافرا إلى فرنسا لتفجير تجمع للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بحسب لائحة الاتهام.
وأوقف في ألمانيا أثناء محاولته العودة إلى النمسا، وتمّ تسليمه إلى بلجيكا حيث لا يتمتع بحصانة ديبلوماسية. وقد تم تثبيت الحكم الصادر بحقه في أيار 2021 عندما اختار عدم الاستئناف.
وتحتجز إيران عشرات المواطنين التابعين لدول غربية بينها فرنسا والولايات المتحدة، ويؤكد داعموهم أنهم أبرياء وأن طهران تستخدمهم كوسيلة ضغط وأداة لإجراء عمليات لتبادل السجناء.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أفرجت طهران عن الفرنسي بنجامان بريير ومواطنه الحامل الجنسية الإيرلندية برنارد فيلان. وجاء الإفراج عنهما بعد الإفراج عن الفرنسية-الإيرانية فاريبا عادلخاه في العاشر من شباط، علما بأن الأخيرة لا يمكنها مغادرة الأراضي الإيرانية.
وهناك فرنسي رابع موقوف لكن لم تكشف هويته.
وأكّدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في وقت سابق أنّ "35 شخصا من دول الاتحاد الأوروبي قيد الاحتجاز، هم رعايا 12 من الدول الأعضاء".