النهار

إردوغان يواجه انقسامات عميقة في تركيا بعد فوزه بولاية جديدة
المصدر: "أ ف ب"
إردوغان يواجه انقسامات عميقة في تركيا بعد فوزه بولاية جديدة
أنصار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالقرب من مسجد تقسيم في ساحة تقسيم في اسطنبول (28 أيار 2023، أ ف ب).
A+   A-
يُواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اعتباراً من الاثنين مهمّة صعبة تتمثّل بتوحيد بلاده التي تشهد انقسامات عميقة، غداة فوزه في جولة إعادة تاريخيّة بولاية جديدة تمدّد حكمه المستمر منذ عقدين حتى العام 2028.

ورغم قوة ائتلاف المعارضة والأزمة الاقتصاديّة الخانقة والغضب الشعبي الواسع النطاق عقب زلزال شباط، نجح الزّعيم التركي الذي قضى أطول فترة في الحكم في هزم منافسه العلماني كمال كيليتشدار أوغلو في الدورة الثانية من الانتخابات الأحد.

لكن الفارق البالغ أربع نقاط كان الأقلّ الذي يحقّقه إردوغان في أيّ انتخابات، ما يؤكّد على الاستقطاب الذي سيواجهه الرّئيس المحافظ ذو الخلفية الإسلامية في ولايته الرئاسية الثالثة والأخيرة.

حاول إردوغان تبنّي نبرة تصالحيّة في خطابه بمناسبة الانتصار أمام الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا خارج القصر الرّئاسي في أنقرة، داعياً الأتراك "للاتّحاد والتضامن".

وأمّا كيليتشدار أوغلو فتعهّد "مواصلة الكفاح" ضد إردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" الذي هيمن على المشهد السياسي التركي منذ العام 2002.

وأفاد الأكاديمي بورا إييمايا البالغ 28 عاماً فرانس برس في اسطنبول "علمتنا الأجيال السابقة أن نكافح.. لن نخسر أو نفقد الأمل في هذا البلد بسبب انتخابات واحدة.. سنقاوم ونقاتل حتى النهاية".

في المقابل، احتفل أنصار إردوغان بفوزه في أوّل جولة إعادة في تاريخ تركيا.

وقال البائع المتجول غورسل أوزكوك (65 عاماً) لفرانس برس في أنقرة "فاز الشخص المفيد لبلدنا. أشعر بالسعادة نظراً لمعتقداته. لا أهميّة للأمور الأخرى. البلد أوّلاً".

وعنونت صحيفة "صباح" الموالية للحكومة على صفحتها الأولى الاثنين: "فاز رجل الشعب".

- "قد يصبح الوضع سيئاً" -
وأكّد إمره بركر من مجموعة أوراسيا الاستشارية أنه بعدما حشد ائتلافاً ضمّ ناخبين قوميّين ومحافظين ومتديّنين، "سيؤكد إردوغان على سياساته الشعبوية.. الاستقطاب السياسي موجود وسيبقى".

ويعد التخفيف من حدّة أسوأ أزمة اقتصادية تعصف بتركيا منذ تسعينات القرن الماضي من أبرز أولويات إردوغان.

واستند إردوغان على سنوات من التنمية عبر مشاريع بنى تحتية وازدهار قطاع البناء لاكتساب شعبية هائلة وقاعدة انتخابية مخلصة لم تتخلّى عنه.

لكن نسبة التضخم باتت تجاوز 40 في المئة، وهو أمر فاقمته جزئيّاً سياسة إردوغان غير التقليدية القائمة على خفض معدلات الفائدة في محاولة للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار.

ويُشير محلّلون إلى أنّ تعهّدات إردوغان خلال حملته زيادة الإنفاق وتمسّكه بمعدلات الفائدة المنخفضة ستفاقم الضغط على احتياطات البنوك من العملات واللّيرة التي تراجعت مقابل الدولار الاثنين.

ورأى تيموثي آش من "بلو باي لإدارة الأصول" أنّ "النموذج الحالي غير قابل للاستدامة"، مشيراً إلى عشرات مليارات الدولارات التي ضخّها المصرف المركزي لدعم الليرة.

وحذّر من أنّه في حال رفض إردوغان التراجع عن موقفه حيال معدّلات الفائدة والتخلّي عن الليرة، "فقد يصبح الوضع سيّئاً".

وما زالت جهود إعادة البناء في جنوب شرق تركيا في مراحلها الأولى بعد زلزال شباط الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص ودمّر مدناً بأكملها.

وفاقمت الكارثة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا إذ خسر مئات الآلاف مصادر رزقهم بين ليلة وضحاها فيما خفض خبراء توقّعاتهم للنمو في تركيا للعام 2023، بينما تقدّر كلفة الأضرار بأكثر من مئة مليار دولار.

- "موازنة" -
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الرّوسي فلاديمير بوتين من أوائل قادة العالم الذين سارعوا لتهنئة إردوغان، علماً بأنّ الرّئيس التركي البالغ 69 عاماً يواجه العديد من المعضلات الديبلوماسية.

وينتظر شركاء تركيا في حلف شمال الأطلسي موافقتها على طلب السويد الانضمام إلى التحالف الدفاعي الذي تقوده واشنطن.

وعرقل إردوغان المسعى متّهماً ستوكهولم بإيواء شخصيّات من المعارضة التركية يشتبه بارتباطهم بمجموعات كردية محظورة.

ويتوقع مراقبون أن يواصل إردوغان لعب دور الوسيط بين روسيا والغرب، بما يصب في مصلحة أنقرة.

وقال غالب دالاي من معهد تشاتام هاوس: "خمس سنوات جديدة في ظلّ حكم إردوغان تعني المزيد من الموازنات السياسية بين روسيا والغرب".

وأضاف: "ستنخرط تركيا والغرب في تعاون براغماتي أينما أملت المصالح ذلك" ولن تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو ردّاً على حرب أوكرانيا، وستسعى إلى علاقات مربحة اقتصاديّاً.

ولا تزال العلاقات مع سوريا فاترة بعدما دعمت تركيا فصائل مسلّحة مناهضة للرّئيس بشار الأسد خلال الحرب. وفشلت محادثات جرت مؤخّراً برعاية روسيا في تحقيق اختراق باتّجاه تطبيع العلاقات.

يتزامن الاثنين أيضاً مع ذكرى غزو القسطنطينية من قبل العثمانيين، وهي مناسبة تحمل أهمية رمزية بعد فوز إردوغان ونيل حليفه اليميني القومي أغلبية في البرلمان.

اقرأ في النهار Premium