دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الجمعة، إلى "شراكة صادقة" مع دول آسيا الوسطى من أجل تعزيز وجود الاتحاد الأوروبي في المنطقة التي تتودد إليها القوى العظمى في سياق محاولات لإضعاف روسيا.
وقال ميشال لوكالة فرانس برس على هامش القمة الثانية بين الاتحاد الاوروبي وآسيا الوسطى "يمكننا تقديم شراكة صادقة" لهذه الدول الخمس مؤكدا أن الاتحاد بإمكانه أن يكون "شريكا محترما ويخلق الثقة".
وتحدث ميشال عن إمكانيات التعاون في مجالات "تكنولوجيا المناخ وقضايا الطاقة والأمن والنقل والسياحة".
وشارك رؤساء كازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان ووفد من تركمانستان في هذه القمة بمدينة شولبون آتا على ضفاف بحيرة إيسيك كول.
وتأتي هذه القمة الثانية من نوعها بعد الأولى التي عقدت في تشرين الأول في كازاخستان، بعد أسبوعين فقط من قمة غير مسبوقة بين رؤساء خمس من الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى والصين برئاسة شي جينبينغ التي تعزز هيمنتها في هذه المنطقة التي تعد تقليديا تحت النفوذ الروسي.
- "فضاء موحد" -
دعا رئيس قرغيزستان صدير جاباروف إلى جعل منطقة آسيا الوسطى "فضاء جيوسياسيًا موحدًا بهدف تسهيل مختلف أنواع التعاون"، رغم الخلافات القائمة بين البلدَين.
شاركه رئيس أوزبكستان شوكت ميرزيوييف الرأي، ورحّب بالجهود التي تمّ إحرازها في تطوير طرق النقل، فيما شدّد رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن على ضرورة استفادة بلده من نظام تجارة تفضيلية مع الاتحاد الأوروبي.
وأكّد رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، الذي يُعدّ بلده الشريك الاقتصادي الرئيسي للاتحاد الأوروبي في المنطقة، نيته زيادة شحنات النفط إلى أوروبا عبر بحر قزوين عبر خط أنابيب تلتفّ على روسيا.
ومن المقرر عقد القمة الثالثة بين الاتحاد الاوروبي وآسيا الوسطى العام المقبل في أوزبكستان.
أعطى الغزو الروسي لأوكرانيا دفعا جديدا للعلاقات بين آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي فيما أتاح لقادة آسيا الوسطى تنويع شراكاتهم وقاموا بالمثل مع ايران وتركيا.
يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر جهة مانحة للمنطقة مع 1,1 مليار يورو من المساعدات بين 2014 و 2020، كما يعد الاتحاد الأوروبي أيضا أبرز شريك للاستثمارات في آسيا الوسطى مع 42% من إجمالي قيمتها متقدما بفارق كبير عن الولايات المتحدة (14,2%) وروسيا (6%) والصين (3,7%).
لكن في الأسابيع الماضية لوح الاتحاد الأوروبي بالتهديد بفرض عقوبات ثانية على دول أخرى متهمة بمساعدة روسيا على الالتفاف على العقوبات الغربية وبينها جمهوريات آسيا الوسطى.
لكن بروكسيل تحاول تخفيف آثار اجراءات متخذة ضد روسيا يمكن ان تطال بشكل غير مباشر جمهوريات آسيا الوسطى حتى لا تدفعها أكثر إلى أحضان موسكو.
لأنه رغم الرغبة المعلنة من دول المنطقة لاعتماد سياسة خارجية متعددة الاتجاهات، فان هذه الدول تبقى مرتبطة بشكل وثيق بروسيا، القوة الاقليمية تاريخيا، عبر تحالفات عسكرية واقتصادية وروابط ثقافية أقوى.
وهو دور تتنازع عليه الآن الصين التي تمنح بشكل خاص قروضا كبيرة لتمويل "طرق الحرير الجديدة" وهو مشروع عملاق للبنية التحتية.
لا تزال أنظمة آسيا الوسطى تعتبر سلطوية بدرجات متفاوتة حيث تنتقد المنظمات غير الحكومية بانتظام وضع حقوق الإنسان فيها.
كما ان الوضع الأمني لا يزال غير مستقر مع اندلاع معارك دامية العام الماضي بين قرغيزستان وطاجيكستان وثورات قمعت بالقوة في كازاخستان وأوزبكستان.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال تولي حركة طالبان السلطة في أفغانستان المجاورة مصدر قلق لدول آسيا الوسطى التي لا تزال مترددة في التعامل مع حكومة طالبان التي لا تعترف بها أي دولة.