النهار

"عند أبواب أوروبا"... الصليب الأحمر يُشرف على مركز المهاجرين في لامبيدوسا الإيطالية
المصدر: "أ ف ب"
"عند أبواب أوروبا"... الصليب الأحمر يُشرف على مركز المهاجرين في لامبيدوسا الإيطالية
قوارب سريعة تابعة لوكالة إنفاذ القانون الإيطالية وحرس السواحل الإيطالي في ميناء جزيرة لامبيدوزا (7 حزيران 2023 - أ ف ب).
A+   A-
يشكّل مركز استقبال المهاجرين في جزيرة لامبيدوسا الإيطالية المدخل إلى أوروبا للكثير من المهاجرين الوافدين عبر البحر المتوسط، غير أنّه بات رمزاً لوضعهم اليائس.
 
يروي عاملو الفرق الإنسانية تفاصيل مروعّة عن الحياة في المركز، بين نقص الأطباء ومراحيض تعوم بالماء والنقص في الطعام والمياه والاكتظاظ المزمن الذي يرغم الرجال والنساء والأطفال على النوم في العراء على فرش قذرة. وقد قضى ثلاثة مهاجرين في المركز خلال الأشهر الثلاثة الماضية بحسب منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة.
 
لكن في الأول من حزيران، انتقلت إدارة المركز إلى الصليب الأحمر الإيطالي بموجب قرار حكومي، فتعهّد بتأمين استقبال أفضل لعشرات آلاف الأشخاص الذين يصلون كلّ سنة آتين من شمال أفريقيا على أمل بناء حياة جديدة في أوروبا.
 
وقام الصليب الأحمر بإزالة أطنان من النفايات وأصلح المطبخ وأقام مراحيض إضافية، ولو أنّ رائحة نتنة لا تزال تنتشر فيها، وشكّل فريقاً طبّياً جديداً ونصب صفوفاً من الأسرة النقالة الحديثة لمضاعفة قدرة الموقع على الاستقبال.
 
كما بذلت جهود لتسريع عمليات نقل المهاجرين خارج الجزيرة لتخفيف الضغط عن المركز الذي شيّد لـ389 شخصاً غير أنّه يستقبل في غالب الأحيان أكثر من ثلاثة آلاف.
 
في الإطار، قال المسؤول في الصليب الأحمر إيغناسيو شينتو، خلال زيارة لوسائل الإعلام هذا الأسبوع: "نحن هنا عند أبواب أوروبا، ستتطلّب مهمّتنا بالطبع أن نعيد للوافدين إلى إيطاليا كرامة انتهكت في غالب الأحيان".
 
 
الاتصال بالبلد
شكّلت الجزيرة المعروفة بشواطئها الرملية الجميلة قبلة سياحية على مدى عقود ولا تزال تستقبل إلى الآن الكثير من الزوار. لكن بفعل موقعها الذي يبعد حوالي 145 كلم عن السواحل التونسية، تحوّلت لامبيدوسا إلى نقطة دخول أساسية للمهاجرين الآتين عبر المتوسط.
 
وصل إلى شواطئها أكثر من 46 ألف مهاجر العام الماضي من أصل 105 آلاف، وصلوا بالإجمال إلى إيطاليا، بحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين. ويرسو في مرفأ الجزيرة الصغير أسطول من زوارق خفر السواحل والشرطة بجانب قوارب صيادي السمك والسياح.
 
تُبحر هذه الزوارق كلّ يوم تقريباً حين يكون الطقس مناسباً والبحر هادئاً، لإنقاذ قوارب المهاجرين. ويتلقّى المهاجرون لدى وصولهم طعاماً وماءً وملابس ويخضعون لفحص طبّي، كما بإمكانهم شحن هواتفهم والوصول إلى الإنترنت.
 
في السياق، قالت مسؤولة الهجرة في الصليب الأحمر فرانشيسكا باسيلي إنّ "الواي فاي والاتصال بالإنترنت من الأمور الأولى التي يطلبونها" حتى يطمئنوا أقرباءهم في بلادهم بأنهم وصلوا بأمان.
 
لكنّها أضافت أنّ فريقها يضطرّ كذلك أحياناً إلى الإفصاح عن اسم مهاجر توفي أو فُقد لعائلات "تبحث عن أحد أفرادها".
 
بحسب حصيلة منظمة الهجرة الدولية، قضى أكثر من ألف شخص منذ مطلع السنة وهم يحاولون عبور البحر المتوسط، ما يجعل هذه الرحلة من الأكثر خطورة في العالم.
 
والمركز صغير يقتصر على شارع تحيط بها مبانٍ بيضاء وتنتشر فيه بعض المقاعد تحت أشجار ويلفّه سياج ينتشر خارجه جنود للحراسة.
 
في ظل خيمة منصوبة، يجلس شبان تونسيون حول طاولات مستغرقين في نقاش، وحين يسألون عن رأيهم بالمركز يجيب أحدهم ضاحكاً "ما بين بين".
 
بين المهاجرين، الكثير من الفتيان والأطفال بعضهم من دون عائلاتهم، يعيشون مع النساء في قسم خاص من المركز بمعزل عن الرجال البالغين.
 
 
تزايد الهجرة
تتوزّع بعض الألعاب للأطفال في الموقع وعلى أحد الأبواب خطت أحرف الابجدية وبعض الكلمات الإيطالية.
 
في المركز، ثمّة أطبّاء نفسيّون لمساعدة الأكثر ضعفاً، ولو أنّ الحكومة الجديدة من اليمين المتطرف ألغت مؤخراً وجوب تأمين رعاية نفسية في مراكز المهاجرين.
 
وصل ائتلاف جورجيا ملوني إلى السلطة على وعد بوقف حركة الهجرة إلى إيطاليا. غير أنّ عدد الوافدين إلى الآن هذه السنة تخطّى 53 ألفاً بالمقارنة مع 21 ألفاً خلال الفترة ذاتها من 2022.
 
تقيم الشرطة مبنى خاصاً بها في المركز بهدف نقل الوافدين خارج لامبيدوسيا في غضون يوم أو يومين إلى مراكز على البر الإيطالي حيث يمكن معالجة ملفاتهم بالصورة الصحيحة، من دون أن تُعرف وجهتهم بعد ذلك.
 
غداة زيارة الإعلام، شاهدت وكالة "فرانس برس" عشرات الشبّان ينقلون إلى المرفأ ويصعدون في عبارات تقلّهم إلى صقلية.
 
وأوضح محمد (26 عاماً) لـ"فرانس برس" أنّه أتى من بنغلادش مروراً بليبيا، وقال إنّه لم يكن يعلم إلى أين سينُقل، لكن حين سُئل كيف يشعر بوجوده في إيطاليا أجاب مبتسماً أنّه "مسرور".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium