أظهرت استقالة بوريس جونسون المفاجئة من البرلمان البريطاني الانقسامات العميقة داخل الحزب المحافظ قبل عام من الانتخابات التشريعية، فيما شكّك عدد من المحللين اليوم في تقاعد رئيس الوزراء السابق من المشهد السياسي فعلياً.
قدّم الزعيم السابق (58 عاماً)الذي أقصي من داونينغ ستريت بمبادرة من غالبيته في تموز، استقالته من البرلمان مساء الجمعة. وفي بيان مطوّل، عزا ذلك إلى التحقيق البرلماني في فضيحة "بارتي غيت"، الحفلات التي استضافها في مقرّ رئاسة الحكومة في انتهاك للقيود الصحية المتصلة بكوفيد-19، مؤكّداً أنّه ضحية "حملة تشهير"، ومنتقداً خلفه ريشي سوناك.
يتوجّب على لجنة تحقيق برلمانية تحديد ما إذا كان جونسون كذب على البرلمان عندما أكّد مراراً التزام القيود الصحية المتعلقة بكوفيد كلّها داخل مقرّ الحكومة في داونينغ ستريت.
هذا الإجراء تقوده لجنة الامتيازات البرلمانية التي باتت في طور إنهاء عملها وقدّمت للتو استنتاجاتها إلى رئيس الوزراء الأسبق، حسب وسائل الإعلام البريطانية.
ورغم استقالته، فإنّ المسؤول السابق صاحب الشخصية القوية بقدر ما هي مثيرة للجدل، لن ينسحب من الحياة السياسية حسب توقعات وسائل الإعلام والمحللين اليوم. وكتب عند إعلان مغادرته البرلمان: "على الأقلّ في الوقت الحالي".
كتبت صحيفة "تايمس": "قد يكون بوريس جونسون استقال من منصبه كعضو في البرلمان، لكنه أوضح أنه لا يرى في ذلك نهاية مسيرته السياسية". وأضافت أنّه "لا ينوي التزام الصمت. حتى لو لم يكن لدى جونسون إمكانية العودة إلى الحياة السياسية على الفور، فإن ذلك لا يجعله أقلّ خطورة على خلفه".
وذكرت "بي بي سي" أنّه "من المستبعد أن يتوارى بوريس جونسون. بوريس جونسون يجد نفسه تحديداً في المكان الذي يحب أن يكون فيه: محطّ الاهتمام، ويتساءل المشاهدون عما سيفعله بعد ذلك". بالنسبة لـ"بي بي سي"، "شبح بوريس جونسون يطارد ريشي سوناك" لكن "هذا آخر شيء يحتاج إليه رئيس الوزراء".
انتخابات عالية المخاطر
لزم ريشي سوناك الذي يحاول منذ وصوله إلى داونينغ ستريت في تشرين الأول استعادة الاستقرار السياسي، الصمت بعد استقالة بوريس جونسون.
تُفاقم هذه الاستقالة بشكل كبير الصعوبات التي يواجهها رئيس الوزراء قبل عام من الانتخابات التشريعية. فبعد 13 عاماً في السلطة، كان المحافظون في أدنى مستوياتهم في استطلاعات الرأي، ومطلع أيار مُني المحافظون بهزائم في الانتخابات المحلية.
ستؤدّي استقالة بوريس جونسون تلقائياً إلى انتخابات فرعية في دائرته في شمال غرب لندن، حيث حصل على أغلبية لا تتجاوز بضعة آلاف الأصوات.
قبل ساعات من استقالته، أعلنت واحدة من أقرب حلفائه وزيرة الثقافة السابقة نادين دوريس التي كانت لا تزال نائبة، استقالتها مع مفعول فوري. بالتالي ستكون هناك انتخابات محلية عالية الخطورة في دائرتين انتخابيتين.
كتبت صحيفة "دايلي إكسبرس" أنّه "مع سلسلة هزائم - لأنه من الصعب أن نتصور كيف يمكنه أن يفوز بإحدى هذه الانتخابات الفرعية - سلطة سوناك كرئيس للوزراء سوف تتبخر"، وتحدّثت عن "حرب" داخل حزب المحافظين.
في بيانه، هاجم بوريس جونسون بعنف حكومة ريشي سوناك. وكتب: "عندما تركت منصبي العام الماضي لم تكن الحكومة تسجل سوى تأخير ببضع نقاط في استطلاعات الرأي. اليوم اتسعت هذه الهوة بشكل كبير".
وأضاف: "بعد سنوات قليلة فقط من الفوز بأكبر غالبية خلال نحو نصف قرن (انتخابه في 2019)، بات واضحاً أنّ هذه الغالبية مهدّدة الآن". وأضاف: "حزبنا بحاجة ماسة إلى استعادة زخمه وإيمانه بما يمكن أن يفعله هذا البلد".
ووصف حزب العمال المعارض بوريس جونسون بأنه "جبان" بالاستقالة بدلاً من مواجهة قرار لجنة الامتيازات.
وقالت أنجيلا راينر من حزب العمال لـ"بي بي سي": "كان بإمكانه الدفاع عن نفسه (...) والتصدي لتعليق مهامه، لكنه قرّر عدم القيام بذلك لأنه يعلم أنه مخطئ".