يُرجَّح أن يستمر ارتفاع أسعار تذاكر السفر على المدى الطويل رغم الانخفاض الأخير في أسعار النفط، بحسب خبراء في مجال الطيران.
في العام 2022، دفعت العودة التدريجية للطلب على السفر، بعد رفع قيود كوفيد-19، عدة مناطق في العالم إلى رفع أسعار بطاقات السفر.
لكن هذا العام، وفي وقت تسعى شركات الطيران إلى استعادة أعداد الركاب التي كانت تسجّلها قبل أزمة كوفيد-19، بلغ تقلّب الأسعار ذروته.
في فرنسا في نيسان، كان على المسافرين دفع متوسط 32,6 بالمئة أكثر ممّا كانوا يدفعون قبل أربعة أعوام للرحلة الجوية نفسها. ووصلت هذه الزيادة حتى 51 بالمئة للرحلات الجوية من فرنسا باتجاه منطقة آسيا-المحيط الهادئ.
في الولايات المتحدة، يُظهر مؤشر أسعار بطاقات السفر الذي ينشره الاحتياطي الفدرالي في سانت-لوي زيادة بنسبة 11 بالمئة بين نيسان 2019 ونيسان 2023.
وتُسجَّل هذه الزيادات رغم استقرار أسعار الكيروسين بعدما بلغت ذروة عقب بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022.
ويُقدّر الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن الأسعار ستتراجع هذا العام إلى 98,5 دولارًا للبرميل الواحد، مقابل 135,5 دولاراً للبرميل الواحد العام الماضي.
يمثّل الوقود ما بين 25 و30 بالمئة من تكاليف شركات الطيران وعادة ما يكون له تأثير كبير على أسعار التذاكر. مع ذلك، طال انتظار تراجع الأسعار.
بالإضافة إلى الوقود، "إن تكاليف اليد العاملة والتكاليف الأخرى المرتبطة بسلسلة التوريد أصبحت أعلى أو آخذة بالارتفاع"، بحسب كبيرة الاقتصاديين في اتحاد النقل الجوي ماري أوينز تومسين.
وقالت مطلع الأسبوع الحالي في اسطنبول خلال الجمعية العامة لمؤسستها التي تضمّ 300 شركة نقل جوي حول العالم "تحتاج الشركات إلى إيجاد طريقة لتغطية هذه التكاليف وإلّا فإنها ستبدأ بخسارة الأموال مجددًا"، في حين أنها بالكاد تعود إلى منطقة الأمان ويتوجب عليها سداد ديون ضخمة من فترة أزمة كوفيد-19.
نقص وتضخم
ويعتبر الخبير في قطاع الطيران في مركز الاستشارات الاستراتيجية "ماكنزي" فيك كريشنان أن المسألة الأساسية لا تكمن "في أسعار النفط بمقدار ما تكمن في عدم وجود مقاعد كافية في الطائرات مع عدد كبير من الركاب".
رغم أن دفاتر الطلبات لديهم كاملة في بعض الأحيان حتى نهاية العقد، يكافح مصنعو الطائرات لتحقيق أهداف التسليم الخاصة بهم بسبب نقص الأجزاء أو المواد لدى مورديهم.
تُطرح أيضاً مسألة "تكلفة اليد العاملة وقد اضطرت العديد من الشركات إلى التفاوض على رفع أجور الطيارين وطاقم الطائرة"، وفق جوفري ويستون المستشار في شركة "باين اند كومباني".
تلك أيضاً هي حال شركات العمليات على الأرض التي اضطرت إلى "دفع رواتب أعلى بكثير عند الخروج من أزمة كوفيد-19" لناقلي الحقائب والميكانيكيين، وفق قوله.
ويقول الخبير في قطاع الطيران لدى شركة "أليكس بارتنرز" باسكال فابر "لا توجد عوامل كثيرة يمكنها أن تخفض أسعار التذاكر".
ويؤكد رئيس شركة "بولوتيا" الاسبانية للطيران المنخفض التكلفة كارلوس مونيوذ إن هذه الأسعار المرتفعة لم تؤثر على الطلب على السفر حتى الآن، موضحاً: "مع نظرائي، لدينا جميعا الانطباع نفسه، الطلب لا يزال قوياً جداً رغم رياح معاكسة في الاقتصاد الكلي".
لكن رغم أن قطاع الطيران سيتعين عليه استثمار تريليونات الدولارات لمحاولة إزالة الكربون بحلول العام 2050 في طائرات جديدة ووقود متجدد، لا ترى ماري أوينز تومسين أي فترة راحة للمستهلكين.
وتقول "سترتفع التكاليف إلى أن نصل إلى حلول مجدية تجارياً ويتمّ إنتاجها على نطاق واسع بحلول العام 2040 ربما".