يزخر البيان الاتّهامي بحق دونالد ترامب في قضية الوثائق السرية التي احتفظ بها بعد انتهاء ولايته بالتفاصيل والأدلة حول الأفعال المنسوبة إليه، لكنه يخلو من عنصر هام وهو دوافع الرئيس الأميركي السابق.
وترامب متهم بأنّه حمل معه وثائق سرية عند خروجه من البيت الأبيض ورفض تسليمها بالرغم من الطلبات المتكررة التي وجهتها إليه السلطات بهذا الصدد.
ولكان ترامب تفادى التهم الفيديرالية الـ37 الموجهة إليه لو سمح للمحفوظات الوطنية باسترجاع الملفات المطلوبة العام الماضي.
ويرغم قانون الرؤساء الأميركيين على تسليم هذه الوكالة الفيديرالية كل رسائلهم الإلكترونية ومراسلاتها وغيرها من وثائق العمل، كما يحظر قانون آخر حول التجسس الاحتفاظ بأسرار دولة في مواقع غير مسموح بها وغير آمنة.
وافق ترامب في كانون الثاني 2022 وبعد عدة طلبات متكررة، على تسليم المحفوظات الوطنية 15 صندوقاً من الوثائق. وفي حزيران، حصلت الوكالة على وثائق أخرى أكّد فريق الملياردير الجمهوري حينها أنّها الأخيرة في حوزته.
لكن تبين أنّه كان لا يزال هناك 34 صندوق وثائق مخبأة في مارالاغو. وفي الثامن من آب قام مكتب التحقيقات الفيديرالي "إف بي آي" بمداهمة مقر ترامب الفخم في فلوريدا في عملية كان لها وقع الصاعقة في الولايات المتحدة وضبط خلالها آلاف الوثائق بينها 102 وثيقة مصنفة سرية وفائقة السرية.
ولا تشمل التهم الموجهة إلى ترامب صناديق الوثائق الـ15 الأولى التي تم تسليمها، وكأن وزارة العدل تريد أن تشير بذلك إلى أنه كان بوسع ترامب تفادي القضية برمتها من خلال تسليم كل ما لديه.
- ورقة مقايضة؟ -
ما الذي جعل ترامب يصر على الاحتفاظ بوثائق؟ لا يزال هذا السؤال عالقاً حتى الآن بلا جواب.
وقال وزير العدل السابق في إدارة ترامب بيل بار الأحد لشبكة فوكس نيوز: "كل هذا حصل بفعل سلوك الرئيس المتهور" معتبراً أنّ "أيّ شخص آخر في هذا البلد" لكان أعاد الوثائق.
غير أنّ محامي ترامب السابق مايكل كوهن الذي بات من أشد منتقديه اعتبر أنّ رجل الأعمال يرى الوثائق بمثابة ورقة مقايضة سياسية وتجارية.
وقال لشبكة "إم إس إن بي سي": "لا شك لدي في أنه على ثقة بأنه قد يجني منها فائدة ما".
وتوحي لائحة الاتهام بأنّ ترامب يعتبر أن هذه الوثائق تعود له شخصيّاً بصفته رئيساً سابقاً.
وقال لأحد محاميه في أيار 2022 بعدما أمره مكتب التحقيقات الفيديرالي بإعادة الوثائق "لا أريد أن ينقّب أي كان في صناديقي، لا أريد هذا إطلاقاً".
وقد يوفر ميله إلى الاحتفاظ بتذكارات عناصر تفسر سلوكه.
عثر على الوثائق المصنّفة سرية في صناديق تحتوي كذلك على صور ومقالات صحافية وملابس وحتى كرات غولف، ما يدعم الفكرة بأنه تم توضيب كل ذلك وسط فوضى أيامه الأخيرة في البيت الأبيض في كانون الثاني 2021.
كما عثر على ملفات تحمل عبارة "سرّي" غير أنّها فارغة، وصفها ترامب نفسه بأنها "تذكارات جميلة".
- مصدر نفوذ وهيبة؟ -
من المستحيل معرفة ما إذا كان ترامب على علم بما تحتوي عليه هذه العلب تحديداً.
لكن من الواضح أنه كان يعتبر إمكانية حيازة أسرار دولة مصدر نفوذ وهيبة.
حين كان لا يزال في البيت الأبيض، كان ترامب يتباهى باطلاعه على معلومات سرية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حين ذكر أمام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف معلومات من إسرائيل حول تنظيم الدولة الإسلامية.
كما نشر على "تويتر" خلافاً لرأي معاونيه صورة تعد وثيقة فائقة السرية لصاروخ إيراني لم ينفجر.
وذكر بيان الاتهام أنه بعد انتهاء ولايته عرض ترامب مرتين وثائق عسكرية فائقة السرية بينها وثيقة قد تكون تتعلق بخطة لمهاجمة إيران، على أشخاص لا يملكون التصريح الأمني لذلك.
وقال في تسجيل صوتي ورد ذكره في بيان الاتهام وسمع فيه صوت وثيقة يلوّح بها "كان بوسعي كرئيس إزالة السرية عنها، لم يعد بوسعي القيام بذلك الآن، هذه معلومات سرية".
وفي موقف آخر، عرض على مستشار سياسي خارطة بلد طالباً منه عدم الاقتراب كثيراً بسبب تصنيف الوثيقة فائقة السرية.