يواجه المعارض الروسي أليكسي نافالني عقوبة قد تصل إلى السجن لعشرات السنوات في محاكمة جديدة بتّهمة "التطرف" بدأت الإثنين خلف أبواب موصدة وتعكس النهج القمعي الذي تعتمده روسيا في سياق النزاع في أوكرانيا.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط 2022، سُجن أو حوكم معظم المعارضين البارزين الذين لم يفرّوا من روسيا، لا سيّما على خلفية إدانتهم للغزو.
ويقضي نافالتي عقوبة بالسجن تسعة أعوام بتهمة الاحتيال، في قضية يعتبر مؤيّدوه أنّها عقاباً له على معارضته للكرملين.
ونافالني (47 عاماً) الذي نجا بصعوبة في العام 2020 من عملية تسميم عزاها إلى الكرملين والذي يقبع في السجن منذ كانون الثاني 2021، يواجه عقوبة قد تصل إلى السجن لمدة 30 عاماً في محاكمة جديدة يُتهم فيها بـ"التطرف" وبـ"إعادة تأهيل الأيديولوجية النازية".
وسبق لنافالني أن قال إنه مستهدف أيضاً بقضية "إرهاب" يواجه فيها احتمال السجن المؤبد، لكن لا تفاصيل وافرة حولها.
وبدأت المحاكمة عند الصباح في سجن "إي كاي-6" في ميليخوفو على بُعد 250 كيلومتراً من موسكو.
ولا تزال ملامح الادّعاء غير واضحة، ولم يكن أمام محامي الدفاع عن نافالني سوى عشرة أيام لفحص 196 مجلداً من الملف.
وحضر نافالني مع وكلاء الدفاع عنه الجلسة، بحسب ما أفاد مراسل وكالة "فرانس برس".
لكنّ المدّعي العام طلب في مستهلّ الجلسة أن تجري المحاكمة خلف أبواب مغلقة، معلّلاً طلبه بأسباب أمنية وبرغبته في حماية هوية شاهد إثبات.
وبناء على طلبه "قررت المحكمة إغلاق المحاكمة" أمام الجمهور، بحسب ما أعلن المتحدث باسم المحكمة فاديم بوليجاييف للصحافيين.
واستنكر والد المعارض القرار "المخزي" بفرض إجراء جلسة مغلقة في إطار هذه المحاكمة.
وردّاً على سؤال مراسلة وكالة "فرانس برس" عند مدخل السجن حيث يحتجز ابنه، قال أنتوني نافالني "لا حياء، لا ضمير، لا شرف".
وكان نافالني قال مؤخراً باستهزاء "رغم أنه من الواضح نظراً إلى كثرة المجلدات أنني مجرم منهجي ودؤوب، يستحيل أن يُفهم بالضبط ما أنا متّهم به".
والمعارض الروسي يتّهم الكرملين برغبته في إبقائه في السجن مدى الحياة لجعله يدفع ثمن انتقاداته التي لم تخفّ رغم سجنه. وعن طريق فريقه، يواصل نافالني النشر بانتظام على شبكات التواصل الاجتماعي للتنديد بشكل خاص بالنزاع في أوكرانيا.
"يُحاكَم لنشاطه السياسي"
وقالت كيرا يارميش، وهي إحدى الناطقات باسم نافالني، في تصريح لوكالة "فرانس برس" إنّ المعارض الروسي "يُحاكم لنشاطه السياسي".
ويقول مناصرو نافالني إنّه يخضع لمعاملة قاسية بشكل خاص في السجن حيث خسر وزنًا وحيث يُرسل إلى الحبس الانفرادي لأدنى ذريعة.
وفي رسالة نُشرت مطلع حزيران، قال نافالني إنه أُرسل للمرة السادسة عشرة إلى زنزانة تأديبية حيث يُترك المعتقلون بمفردهم في ظروف قاسية.
ويَتّهم نافالني إدارة السجن بمضايقته من خلال وضعه مع سجين مصاب بعدوى فيروسية وتفوح منه رائحة كريهة، أو من خلال إجبار السجناء على الاستماع إلى خطابات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعلى غرار نافالني، سُجن في السنوات الأخيرة معظم المعارضين المعروفين الذين لم يفرّوا من روسيا، لا سيّما منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومن هؤلاء المعارض فلاديمير كارا-مورزا الذي حُكم عليه في نيسان بالسجن 25 عامًا بتهمة "الخيانة العظمى"، والمعارض إيليا ياشين الذي حُكم عليه في كانون الأول بالسجن ثماني سنوات ونصف السنة لانتقاده الهجوم في أوكرانيا.
ويوم عيد ميلاده السابع والأربعين مطلع حزيران، أعلن نافالني أنه يحافظ على معنوياته على الرغم من تشديد ظروف احتجازه.
وكتب "من الواضح أنني لا أريد أن أستيقظ في هذه الحفرة، بل أن أتناول الفطور مع عائلتي، وأن أقبّل خدود أطفالي، وافتح هداياي وأقول: هذا حقًا ما كنت أحلم به".
وأضاف "لكن هكذا هي الحياة: لا يمكن تحقيق تقدّم اجتماعي ومستقبل أفضل إلا إذا كان عدد معيّن من الناس على استعداد لدفع ثمن الحق في أن يكون لدينا قناعات".