دخلت اليونان، الجمعة، الساعات الأخيرة من الحملة استعدادا للانتخابات العامة الجديدة المقررة الأحد، مع سعي رئيس الوزراء السابق كيرياكوس ميتسوتاكيس لتعزيز مكاسب حققها الشهر الماضي في عملية اقتراع لم تمنحه غالبية مريحة.
وتجري عملية الاقتراع الأحد وفق نظام انتخابي مختلف، ما يعني أن ميتسوتاكيس سيكون قادرا على حصد عدد أكبر من المقاعد في البرلمان بحال كرّر الأداء الذي قدّمه في انتخابات أيار أو حسّنه، وهو ما ترجحه استطلاعات الرأي على نطاق واسع.
ويقيم ميتسوتاكيس (55 عاما) المتخرج من جامعة هارفرد الأميركية المرموقة، والساعي الى ولاية ثانية من أربعة أعوام، لقاءه الانتخابي الأخير في ساحة سينتاغما وسط أثينا مساء الجمعة.
وبعدما قاد اليونان الى تحقيق نمّو اقتصادي في حقبة من عدم الاستقرار على المستوى العالمي، تعهد ميتسوتاكيس بخفض الضرائب بشكل إضافي وزيادة الأجور وتعزيز الانفاق على الصحة.
وقال خلال تجمع لمناصريه في تيسالونيكي الأربعاء "لدينا خبرة أكبر وزخم أقوى (...) لذلك أشدد على أن (حزب) الديموقراطية الجديدة هو الطريق الوحيد الذي يؤدي في نهاية المطاف الى يونان أقوى".
وحاز حزب الديموقراطية الجديدة الحاكم منذ أربع سنوات 40,8% من الأصوات، وفق النتائج النهائية لانتخابات 21 أيار، متقدمًا على حزب سيريزا اليساري بزعامة رئيس الحكومة السابق أليكسيس تسيبراس والذي حاز 20% من الأصوات.
وحل ثالثا حزب باسوك كينال الاشتراكي محققا 11,5% من الأصوات.
لكن إن كانت هذه النتيجة شكلت على قول ميتسوتاكيس "زلزالا سياسيا"، إلا أنها لم تمنحه سوى 146 من أصل 300 مقعد في مجلس النواب، في حين عليه الفوز بـ151 مقعدا لتشكيل حكومة بدون الاضطرار إلى عقد تحالفات.
وفي بلد تتجه الثقافة السياسية فيه إلى المواجهة أكثر منها إلى البحث عن تسويات، استبعد ميتسوتاكيس تشكيل ائتلاف وطالب بانتخابات جديدة.
وسيكون رهانه في الدورة الجديدة اختلاف النظام الانتخابي، اذ يمنح الحزب الفائز في الاقتراع الثاني مكافأة تصل إلى خمسين مقعدا، ما يؤمن له غالبية مستقرة.
- تفادي "التطرف" -
وتبدو عملية الاقتراع الأحد محسومة النتائج قبل موعدها، اذ من المتوقع أن ينال حزب الديموقراطية الجديدة ما بين 40 الى 45 بالمئة من الأصوات، وفق ما ترجح استطلاعات الرأي.
الا أنه من غير المؤكد ما اذا كان المحافظون سيتمكنون من انتزاع غالبية مطلقة في البرلمان، مقارنة مع المقاعد الـ158 (من أصل 300) التي نالوها في انتخابات العام 2019.
ففي حال تمكنت ثمانية أحزاب من دخول البرلمان، وهو ما تتوقعه استطلاعات الرأي، سيحتاج الفائز لنسبة أكبر من الأصوات لانتزاع الحد الأقصى من المقاعد التي يتيحها النظام الانتخابي.
وسيحتاج "الديموقراطية الجديدة" الى 40 بالمئة من الأصوات على الأقل ليضمن المقاعد الخمسين الإضافية بالكامل.
وبعدما فشل بفارق ضئيل في الحصول على عدد كافٍ يخوله دخول الندوة البرلمانية، تشير الاستطلاعات الى أن حزب "نيكي" اليميني المتطرف سيكون قريبا الأحد من انتزاع الحاصل الانتخابي (نسبة ثلاثة بالمئة) لإيصال مرشحين الى مجلس النواب.
وتمنح استطلاعات الرأي نحو اثنين بالمئة لحزب قومي جديد هو "سبارتياتس" المدعوم من إلياس كاسيدياريس، المتحدث السابق باسم حزب "الفجر الذهبي" المحسوب على النازيين الجدد، والموقوف في السجن حاليا.
ومضى ميتسوتاكيس نحو الهجوم الأربعاء في تيسالونيكي في شمال اليونان الذي يعدّ معقلا للتيارات اليمينية، محذّرا من التصويت لصالح أحزاب "متطرفة".
وقال رئيس الوزراء السابق إن "العديد من الأصوات المتطرفة في البرلمان لا تعني بالضرورة التعددية، بل ربما على العكس، (تؤدي الى) تنافر ديموقراطي".
ولوح ميتسوتاكيس، وهو وريث عائلة سياسية كبرى وابن رئيس وزراء سابق، بانتخابات ثالثة في وسط العطلة الصيفية في آب إن لم يتمكن من تحقيق أهدافه.
ونددت وسائل إعلام والمعارضة بموقفه معتبرة أنه محاولة "ابتزاز" للناخبين.
أما تسيبراس، رئيس الوزراء بين 2015 و2019، فإن هزيمة فادحة جديدة ستطرح بمزيد من الإلحاح مسألة بقائه على رأس حزب منبثق من اليسار الراديكالي غير أنه عمل في السنوات الأخيرة على إعادة تركيزه على خطّ وسطي إلى حد بعيد.
وحذّر تسيبراس الذي خسر أربع عمليات اقتراع في مواجهة ميتسوتاكيس، اثنتان منها على المستوى الوطني، من أن منح المحافظين غالبية قوية سيوفر لهم "شيكا على بياض" لتمرير "أجندة خفية" من سياسات لا تخدم مصالح المجتمع.
وقال في تصريحات تلفزيونية هذا الأسبوع إن "ميتسوتاكيس لا يريد أن يصبح فقط رئيسا للوزراء. يريد أن يصبح ملكا".
وتشير استطلاعات الرأي الى أن حزب سيريزا اليساري بزعامة تسيبراس سيحصل على ما بين 16,8 و20 بالمئة من الأصوات. الا أن خسارة خامسة في مواجهة ميتسوتاكيس ستضع مستقبله السياسي على المحك.
وسيتحدث تسيبراس الى مناصريه في وقت لاحق الجمعة في تيسالونيكي.
وستجرى الانتخابات بعد كارثة غرق مركب يقلّ مهاجرين قبالة سواحل البلاد في 14 حزيران، أدت الى مصرع 82 على الأقل ومئات المفقودين الذين يرجّح ألا يتم العثور عليهم. ويستبعد أن تلقي الكارثة بظلالها على عملية الاقتراع، علما أن حزب ميتسوتاكيس أعلن الأسبوع الماضي طرد نائب من صفوفه لادلائه بتصريحات عنصرية بشأن هذه الحادثة.