تشهد فرنسا غضباً وتوتراً الأربعاء غداة مقتل شاب له من العمر 17 عامًا على يد شرطي لعدم امتثاله للوقوف عند نقطة تفتيش مرورية، ما أدى لاندلاع صدامات ليلية في ضواحي باريس دعت السلطات على اثرها إلى "الهدوء".
وأعادت هذه القضية إثارة الجدل حول إجراءات إنفاذ القانون في فرنسا، خصوصًا بعد تسجيل 13 حالة وفاة في العام 2022 وهو رقم قياسي بعدما رفض أشخاص الامتثال أثناء عمليات تفتيش مرورية.
وعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء عن "تأثره" حسبما نقل عنه الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران الذي دعا إلى "الهدوء". ووصف ماكرون مقتل الشاب بأنه "لا يمكن تفسيره ... وغير مبرر".
وتسعى الحكومة الفرنسية بالعادة إلى تجنّب اندلاع شغب في ضواحي باريس حيث تسببت في السابق وفاة مراهقين، غالبًا ما يتحدرون من أُسر مهاجرة من دول المغرب العربي أو أفريقيا، في أعمال شغب.
من جهته، كتب قائد المنتخب الفرنسي لكرة القدم ولاعب فريق "باريس سان جرمان" كيليان مبابي على تويتر "تؤلمني فرنسا. وضع غير مقبول. كلّ أفكاري تذهب لأقارب نائل وأسرته، هذا الملاك الصغير الذي رحل باكرًا جدًا".
حصلت الحادثة صباح الثلثاء وراء حيّ لا ديفانس قرب باريس حين لم يمتثل الشاب لنقطة تفتيش مرورية وحاول تجاوزها.
في بداية الأمر، أكّدت مصادر في الشرطة أن الشاب كان يقود باتجاه شرطيين على دراجتين ناريتين لمحاولة دهسهما.
لكن أظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتحققت وكالة فرانس برس من صحته رجلي شرطة وهما يحاولان إيقاف السيارة قبل أن يطلق أحدهما النار عبر نافذتها على السائق عندما حاول الانطلاق بها.
واصطدمت السيارة لاحقا بجدار جانبي بعد أن تحركت مسافة قصيرة إلى الأمام. وحاولت خدمات الاسعاف انعاش السائق الشاب في موقع الحادث، لكنه توفي بعد ذلك بوقت قصير.
ولفت مكتب الادعاء في نانتير إلى أن الضابط (38 عامًا) المتهم بإطلاق النار على السائق احتجز بتهمة القتل.
- "ثورة من أجل ابني" -
أثارت ملابسات وفاة الشاب الغضب في نانتير (غرب باريس) حيث كان يقيم وحيث اندلعت صدامات بين السكان وقوات الأمن مساء الثلثاء.
وأشعل متظاهرون النار في شوارع نانتير وأحرقوا سيارات وحطموا مواقف حافلات. وأطلقت قوات الأمن غازًا مسيلًا للدموع.
وأوقف 24 شخصًا وأُصيب 24 عنصرًا في قوات إنفاذ القانون بشكل طفيف وحُرقت 42 سيارة، بحسب السلطات.
وانتشرت أعمال الشغب ليلًا إلى مدن أخرى في ضواحي باريس. وأُضرمت نيران في مبنى ملحق بمقر بلدية مانت-لا-جولي في مقاطعة إفلين المجاورة، و"دُمّر المبنى بالكامل".
ودعت والدة المراهق نائل إلى مسيرة تكريمًا لابنها بعد ظهر الخميس في نانتير، قائلة في مقطع فيديو نشر على تيك توك "إنها ثورة من أجل ابني".
بعد أعمال الشغب هذه، دعا الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران الأربعاء إلى "الهدوء" فيما شددت رئيسة الحكومة إليزابيت بورن على "الضرورة المطلقة للتوصل إلى الحقيقة لتغليب التهدئة على الغضب".
سيتم تعزيز الانتشار الأمني بحشد نحو ألفَي شرطي ودركي لتجنب دورة جديدة من أعمال الشغب.
في العام 2005، أثارت وفاة مراهقَين صعقًا بالكهرباء في سين-سان-دوني شمال باريس خلال ملاحقة الشرطة لهما، أعمال شغب استمرت ثلاثة أسابيع ودفعت الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ.
بعد وفاة نائل م. الثلثاء، فُتح تحقيق في رفض الامتثال ومحاولة القتل العمد لموظف حكومي.
وأثارت وفاة المراهق تنديدات عبر عنها سياسيون لما وصفه اليسار بأنه "أمرَكَة الشرطة".
وقال نائب اليسار الراديكالي مانويل بومبار "كذب جزء من الشرطة لمحاولة التستر على هذا العمل".
من جهتهم، تحدث ممثلون للتجمع الوطني اليميني المتطرف عن "مأساة"، مطالبين باحترام "فترة التحقيق" بالإضافة إلى "قرينة البراءة".