دخلت إسبانيا أمس ساعات الصمت الانتخابي عشية عملية اقتراع مفصلية مبكرة مقررة اليوم، تميل فيها الترجيحات لصالح اليمين على رغم تأكيد رئيس الوزراء بيدرو شانشيز أنّ الاشتراكيين قادرون على ردم الفوارق.
أظهرت آخر استطلاعات للرأي نشرت الإثنين أنّ الحزب الشعبي اليميني سيفوز بأكبر عدد من المقاعد لكن من دون أن يحقق غالبية كافية. وفي حال صدقت هذه التوقعات، سيجد الحزب الشعبي بزعامة ألبرتو نونيس فيخو نفسه مضطرّاً لتشكيل تحالف حكومي مع "فوكس"، ما سيعني إيصال حزب يميني متطرف إلى الحكم في إسبانيا للمرة الأولى منذ نهاية حقبة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في العام 1975.
إلّا أنّ حملة الحزب الشعبي واجهت عثرات في مراحلها الأخيرة على خلفية الأسئلة المتجددة لزعيمه ألبرتو نونيس فيخو في شأن صلاته بمهرّب المخدرات الشهير مارسيال دورادو في تسعينات القرن الماضي عندما كان يشغل منصباً بارزاً في حكومة منطقة جليقية (شمال غرب).
كما أدلى نونيس فيخو بتصريحات غير دقيقة خلال مناظرة تلفزيونية، اذ شدد على أنّ الحزب الشعبي لطالما كان مؤيّداً لزيادة معاشات التقاعد.
سعى سانشيز الذي يتولى السلطة منذ عام 2018، إلى استغلال هذه العثرات والبناء عليها لتعزيز موقع اليسار. وقال في تصريحات تلفزيونية الجمعة: "أرى أنّ الحزب الشعبي يفقد الزخم بينما يعود الاشتراكيون" إلى الواجهة.
خلال تجمّع انتخابي ليل الجمعة في خيتافي بضواحي مدريد الجنوبية، كان الأخير له قبل يوم الصمت الانتخابي، شدّد على "أنّنا سنفوز في هذه الانتخابات، وسنفوز فيها بشكل مدوٍّ". وكان سانشيز شنّ في وقت سابق هذا الأسبوع هجوماً مباشراً على فيخو، على خلفية "إضاعته فرصة لتوضيح طبيعة علاقته" بدورادو، مهرّب التبغ الذي أُدين لاحقاً بتهريب المخدرات.
نشرت صحيفة "إل باييس" المحسوبة على اليسار عام 2013 صوراً للسياسي ومهرّب المخدرات يقضيان إجازة على متن يخت دورادو في منطقة إيبيزا وجزر الكناري. وكان فيخو في تلك المرحلة مسؤولاً عن الخدمات الصحية في غاليسيا أو جليقية. وقد سخر سانشيز من دفاع فيخو عن نفسه بالإشارة إلى أنّ محرّك البحث "غوغل" لم يكن موجوداً في تلك الفترة، في إشارة إلى أنّه لم يكن بمقدوره أن يعرف ما يخطّط له دورادو وما يقوم به فعلاً.
"رياح التغيير"
ركّز رئيس الوزراء الحالي في حملته الانتخابية على سجله في المجال الاقتصادي، مبرزاً تحقيق إسبانيا في مجال النموّ ونسبة التضخم، أداء أفضل من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
في حين أظهرت غالبية استطلاعات الرأي الأخيرة أنّ الحزب الشعبي و"فوكس" قادران على نيل الغالبية في البرلمان المؤلف من 350 مقعداً، رجّحت بعضها عدم تمكّنهما من ذلك، ما سيمهّد الطريق أمام عودة الاشتراكيين إلى الحكم. وستُتاح لهؤلاء فرصة تشكيل حكومة حديدة نظراً لأنّ مروحة خيارتهم لناحية التحالفات الممكن تشكيلها هي أكبر، خصوصاً مع حزب "سومر" اليساري المتطرف، وعدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى.
إلّا أنّ بعض المحلّلين لا يستبعدون أن يعجز الطرفان عن تحقيق غالبية كافية في مجلس النواب لتشكيل حكومة، ما قد يؤدي إلى الدعوة لانتخابات جديدة في تكرار لسيناريو العام 2019.
دعا سانشيز إلى انتخابات اليوم غداة هزيمة اليسار أمام المحافظين في الانتخابات البلدية والإقليمية التي جرت في 28 أيار.
من جانبه، قال فيخو لصحيفة "إل موندو" الجمعة إنّه يشعر "برياح التغيير" تهبّ في البلاد.
خلال تجمعه الانتخابي الأخير في جليقية، حضّ السياسي اليميني مناصريه على تأمين دعم هائل له، مؤكّداً رغبته في تولّي السلطة التنفيذية "بمفرده". وهو تعهّد في حال فوزه بإبطال العديد من القوانين التي أُقرت في عهد سانشيز، بما فيها السماح لكلّ من بلغ السادسة عشرة تغيير جنسه على بطاقة الهوية عبر مجرّد تصريح بذلك.
كما وجّه انتقادات لسانشيز على خلفية تصريحات في شأن دورادو قائلاً: "لم أتوقّع أن يلجأ رئيس الوزراء إلى هذا الهراء لمحاولة تقويض سمعة خصمه".
هاجم الحزب الشعبي و"فوكس" تحالف سانشيز لاعتماده على أصوات الأحزاب الانفصالية في كاتالونيا والباسك لتمرير مشاريع القوانين، واعتبرا أنّ ذلك يُعَّد "خيانة" لإسبانيا.
من جهته، انتقد سانشيز الحزب الشعبي على خلفية تشكيل تحالفات محلية وإقليمية مع "فوكس"، الحزب الذي يعارض الإجهاض وينفي وجود تغيّر مناخي ويرفض الحاجة إلى بذل جهود حكومية لمواجهة العنف على أساس الجندر.
وفي أعقاب انتخابات أيار، بات "فوكس" يتولى السلطة في أكثر من 140 بلدية، أكان بمفرده أو ضمن تحالف مع الحزب الشعبي، كما يحكم بالشراكة مع الحزب في منطقتين أخريين.