يترقّب نحو مليون شابة وشاب كاثوليك من كلّ أنحاء العالم، اعتبارا من الأربعاء، زيارة تستمرّ خمسة أيام يقوم بها البابا فرنسيس إلى لشبونة، بمناسبة الأيام العالمية للشباب، وتأتي بعد شهرين من عملية جراحية صعبة خضع لها الحبر الأعظم في البطن.
وللبابا اليسوعي الأرجنتيني البالغ من العمر 86 عامًا والذي كان دخل المستشفى مرتين منذ بداية العام، برنامج مكثّف في رحلته الثانية والأربعين إلى الخارج حيث سيلقي ما لا يقلّ عن 11 خطابًا وسيقوم بنحو عشرين اجتماعًا.
ويحظى أسلوب خورخي ماريو بيرغوليو المباشر والعفوي بشعبية واسعة لدى الشباب. ومن المتوقع أن يتطرّق إلى مواضيع تهمّ هذا الجيل كمسألة الاحتباس الحراري، في وقت تقوم الكنيسة الكاثوليكية بتقييم لمستقبلها في ظلّ تراجعها في أوروبا.
ويتوقّع المنظمون حضور نحو مليون شخص من كل القارات احتفالات هذا الأسبوع الدينية والثقافية والروحية، فيما تحدّثت الحكومة عن عدد حجّاج يتراوح "بين المليون والمليون ونصف المليون".
وقال رئيس جهاز الأمن الداخلي باولو فيسيو بينهيرو إنهاّ "أطول زيارة بابوية على الإطلاق للبرتغال"، وسيواكبها 16 ألف عنصر من الشرطة والدفاع المدني وخدمات الطوارئ الطبية.
وستغلَق العديد من الطرق ومحطات القطار، الأمر الذي يشكّل تحديًا لهذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 550 ألف نسمة والتي تستقبل العديد من السيّاح في فترة الصيف.
- لقاء مع الضحايا -
وسيتحدّث البابا، فور وصوله الأربعاء، أمام السلطات البرتغالية والسلك الديبلوماسي، أما يوما الخميس والجمعة فسيلتقي مجموعات مختلفة من الشباب والمتطوعين.
وسيمضي الحبر الأعظم صباح يوم السبت في مزار فاطيما المريمي الذي يبعد 130 كيلومترًا شمال لشبونة والذي كان زاره سابقا عام 2017. كما سيشارك في أمسية صلاة في حديقة في وسط لشبونة قبل أن يترأس الذبيحة الإلهية النهائية في اليوم التالي.
وتزيّن الساحة الرئيسية في العاصمة البرتغالية حول النصب التذكاري الضخم لماركيز دي بومبال، الأعلام الخضراء بألوان شعار الأيام العالمية للشباب. أمّا أعلى بقليل، على مكان مرتفع في متنزه إدوارد السابع، فوضع الهيكل المعدني للمذبح الذي سيستقبل المراسم الافتتاحية.
وأشار المؤتمر الأسقفي البرتغالي ورئيس اللجنة المحلية المنظِمة للأيام العالمية للشباب إلى أن البابا فرنسيس سيلتقي على انفراد الضحايا القاصرين للاعتداءات الجنسية التي ارتكبها رجال دين في البرتغال، بعد ستة أشهر من نشر تقرير صادم من جانب لجنة اختصاصيين مستقلّين. فيما لم يؤكّد الفاتيكان هذا اللقاء.
وكان ما لا يقلّ عن 4815 قاصرًا ضحية عنف جنسي في الكنيسة، بحسب التقرير الذي طلبه المسؤولون الكنيسون الكاثوليك في البرتغال.
- برنامج "مرن" -
كسائر البلدان في أوروبا، تواجه البرتغال حيث يقدّم 80 في المئة من سكانها البالغ عددهم عشرة ملايين أنفسهم ككاثوليك، "تراجعًا في التديّن". ولكن عالم الاجتماع المتخصّص في الأديان في الجامعة البرتغالية الكاثوليكية خوسيه بيريرا كوتينيو يشير الى "أن هناك مجموعات لا تزال قويّة جدًا" بين الطلاب الجامعيين مثلًا.
وقال الأسقف المساعد في أبرشية لشبونة ورئيس جمعية الأيام العالمية للشباب أميريكو أغييار لوكالة فرانس برس "الكثير من الشباب الذين قابلتهم لا يذهبون بانتظام إلى قداس الأحد"، معتبرًا أنّ "البابا فرانسيس هو قوة جذب كبيرة لهؤلاء الذين تربطهم علاقة باردة مع الكنيسة".
وكانت هذه النسخة من الأيام العالمية للشباب التي تعتبر أكبرّ تجمّع للكاثوليك حول العالم، في آب 2022، وقد أرجئت بسبب جائحة كوفيد - 19. وأسس هذه الأيام على أن تحصل كل ثلاث سنوات في بلد مختلف في العالم البابا يوحنا بولس الثاني عام 1986.
ويشارك البابا فرنسيس الذي يتنقّل الآن عبر كرسي متحرّك أو متكئًا على عصاته، للمرة الرابعة في هذه المناسبة المقامة هذا العام في البرتغال بعد ريو دي جينيرو عام 2013 وكراكوف عام 2016 وباناما عام 2019.
ولفت الأسقف أغييار إلى إمكانية إعادة ترتيب برنامج الحبر الأعظم في حال فرضت حالته الصحية ذلك، بما يتلاءم مع "المواعيد الأساسية".
وقال لفرانس برس "نحن مدركون لقدرات البابا"، مضيفًا أنّ المنظمين يبذلون قصارى جهدهم "لتقليل قدر الإمكان دخوله وخروجه من السيارة".
وعلى الرغم من التحذيرات الطبية المتكررة، يستمرّ البابا فرنسيس بالسّفر. بعد رحلته إلى لشبونة، من المقرّر أنّ يتّجه إلى منغوليا في أوائل شهر أيلول وإلى مرسيليا في جنوب فرنسا في 22 أيلول و23 منه.