النهار

أميركا تسعى إلى منع روسيا من تحقيق مكاسب عبر استغلال الانقلاب في النيجر
المصدر: أ ف ب
أميركا تسعى إلى منع روسيا من تحقيق مكاسب عبر استغلال الانقلاب في النيجر
أحد مؤيدي المجلس الوطني لحماية الوطن في النيجر يحمل لافتة خلال تظاهرة في نيامي (6 آب 2023، ا ف ب).
A+   A-
تسعى الولايات المتحدة الى منع روسيا من تسجيل نقاط عليها عبر استغلال الانقلاب في النيجر لصالحها، وتراهن على أن العلاقات العسكرية القديمة العهد مع نيامي ستبقي الأخيرة في المدار الغربي.

وشكّلت النيجر نقطة ارتكاز العمليات الأميركية والفرنسية لمكافحة الجهاديين في منطقة الساحل، خصوصا بعد الانقلاب العسكري في مالي المجاورة الذي دفع الى خروج القوات الأجنبية وفتح الباب أمام عناصر مجموعة فاغنر الروسية المسلحة.

وأكدت مسؤولة أميركية قامت الإثنين بزيارة لم يعلن عنها مسبقا الى نيامي في أعقاب انقلاب 26 تموز، أن قادة المجلس العسكري يعون مخاطر التعاون مع مرتزقة مجموعة فاغنر.

وأوضحت مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند أن الانقلابيين يدركون "المخاطر التي تتهدد سيادتهم عندما تدعى فاغنر"، مقرّة بعدم حصول تقدم في إعادة الانتظام الدستوري الى النيجر وفكّ احتجاز الرئيس المخلوع محمد بازوم.

والتقت نولاد خلال زيارتها الجنرال موسى سالو بارمو الذي عيّن رئيسا جديدا لهيئة الأركان، مشيرة الى أنه مطّلع جيّدا على التعاون مع واشنطن من خلال انخراطه سابقا مع القوات الخاصة.

وأوضحت أنها بحثت بالتفصيل في "أوجه تعاوننا الذي أولاه (بارمو) تاريخيا عناية كبيرة"، آملة في أن يستمر ذلك.

وكان وزير الخارجية أنتوني بلينكن قبل أشهر أرفع مسؤول أميركي يزور النيجر حيث أشاد بالتقدم المحقق خلال عهد بازوم. وكان الأخير ضيف شرف في قمتين بشأن الديموقراطية وأفريقيا استضافهما الرئيس الأميركي جو بايدن.

وأكد مسؤولون أميركيون أنهم لم يرصدوا أي يدٍ لروسيا في الانقلاب العسكري، لكنهم تحدثوا عن نشاطات للتأثير في مجريات الأحداث مثل منشورات باللغة الفرنسية على مواقع التواصل وتجمعات مؤيدة للانقلاب.

وسعى قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين للعب على وتر الاستياء في النيجر من القوة الاستعمارية السابقة فرنسا، معتبرا في تسجيل صوتي نسب إليه أن الانقلاب كان عبارة عن "مجرد صراع شعب النيجر ضد المستعمرين".

وحذّر بلينكن في تصريحات لشبكة "بي بي سي" البريطانية الثلثاء، من أن فاغنر تعمل على "استغلال" الانقلاب في النيجر.

وقال "أعتقد أن ما حصل ويستمر في الحصول في النيجر، لم تحرّض عليه روسيا أو فاغنر... لكنّهم يحاولون استغلال الأمر"، مضيفا "في كل مكان ذهبت إليه فاغنر، حلّ الموت والدمار والاستغلال".

واستبعد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن تكون مظاهر تأييد روسيا في نيامي مثل رفع أعلامها في التحركات المؤيدة للانقلاب، عفوية أو تؤشر الى شعور شعبي مؤيد لموسكو.

وقال "أعتقد أنه من المستغرب جدا حين يسيطر مجلس عسكري على بلدك، أن تختار التعبير عن تأييدك بشراء علم روسي".

- اختلاف عن مالي؟ -
واعتبر كاميرون هدسون خبير أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن الانقلاب أظهر أن دول الغرب أخطأت التقدير بشأن النيجر حيث تنشر فرنسا نحو 1500 جندي، يضاف إليهم نحو ألف أميركي.

وقال "أعتقد أن واشنطن كانت تعمل وفق انطباع بأنها تتعامل مع شريك موثوق به للغرب".

على رغم ذلك، أكد هدسون أن النيجر تختلف عن مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى حيث تحضر فاغنر بقوة، واللتين اقتربتا بشكل وثيق من روسيا بعد استشعارهما "خطرا وجوديا".

وأشار الى أن الانطباع هو بأن العسكر في النيجر لا يمانعون الابقاء على العلاقات مع الولايات المتحدة على رغم أن الأخيرة قامت في أعقاب الانقلاب بتعليق مساعداتها وطالبت بعودة الانتظام الدستوري الى نيامي.

وأضاف "لكن الأمر الوحيد الذي يمكن لروسيا تقديمه هو فرصة فكّ العزلة"، في إشارة الى الضغوط التي تمارسها دول غربية والاتحاد الأفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) ووصلت الى حد التلويح بالتدخل العسكري.

وتابع هدسون "اذا كنت تحت ضغط منظمات إقليمية ودولية... تقدّم روسيا حينها نفسها كوسيلة مناسبة جدا للمساعدة على تفادي أو تقويض هذه العزلة".

- فوائد لموسكو -
ومجموعة المرتزقة فاغنر موجودة في دول أفريقية أبرزها مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتتهمها حكومات غربية ومنظمات غير حكومية بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان.

وتقدّم المجموعة خدمات للأنظمة التي تواجه صعوبات. ففي مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، تقوم بحماية السلطة القائمة وتعرض تدريبات عسكرية أو حتى نصائح قانونية لإعادة صوغ الدستور.

في المقابل، تحصل المجموعة على مكاسب اقتصادية مثل النفاذ الى المعادن وموارد طبيعية أخرى، وتوفّر لروسيا أوراق مساومة ونفوذ ديبلوماسية.

وقبيل انقلاب النيجر، تعهد بريغوجين الذي أطلق تمردا مسلحا ضد القيادة العسكرية الروسية في أواخر حزيران انتهى باتفاق تسوية، بتعزيز عمليات مجموعته في أفريقيا.

وقالت هيذر آشبي، مديرة مركز روسيا وأوروبا في المعهد الأميركي للسلام، إن بريغوجين "أسّس شبكة معقدة من الشركات والمرتزقة تبقيه قيّما بالنسبة الى الكرملين على رغم تمرده المسلح".

وأضافت "الاستمرار على هذا النحو مربح لروسيا"، ما يرجّح استمرار فاغنر في المهام التي تقوم بها.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium