استفاق الفلسطينيّون في قرية حوارة شمال الضفّة الغربية المحتلّة الإثنين على أثار الدّمار والتّخريب التي وقعت خلال ساعات اللّيل على يد مستوطنين إسرائيليّين أرادوا الانتقام لمقتل مستوطنَين.
وتوهّجت سماء اللّيل مع اشتعال النّيران ليل الأحد الإثنين في القرية التي دمّر فيها المستوطنون وفق عضو مجلس بلديتها وجيه عودة وأحرقوا "أكثر من 30 منزلاً و100 مركبة".
ورصد مصوّر "وكالة فرانس برس" منازل محترقة تركت ألسنة اللّهب أثرها على جدرانها بالإضافة إلى السيّارات والأشجار المتفحّمة والنوافذ المحطمة.
وقال كمال عودة وهو أحد سكان القرية إنّ "عشرات المحال التجارية وعشرات المنازل أحرقت ودُمّرت".
وأضاف لـ"وكالة فرانس برس": "حتى الأشجار لم تسلم، أحرقوا كل شي، أحرقوا كل ما كان أمامهم".
هاجم المستوطنون الذين جاءوا من أنحاء مختلفة القرية في أعقاب هجوم بإطلاق النار أودى بحياة مستوطنين شقيقين (20 و22 عاماً) من مستوطنة هار براخا.
وأطلق المنفذ الذي ما زال الجيش يلاحقه النار عليهما أثناء قيادتهما مركبتهما قرب مفترق حوارة على الطريق الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس.
والتوتر متصاعد في الضفة الغربية. فالأربعاء، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة نابلس استمرت لأكثر من 3 ساعات وأسفرت عن مقتل 11 فلسطينيّاً وجرح أكثر من 80 بالرصاص الحي.
ومساء الأحد، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية "استشهاد سامح حمدلله أقطش (37 عاماً) متأثّراً بجروح بالغة أصيب بها بالرّصاص الحي في البطن جرّاء اعتداء قوات الاحتلال والمستوطنين على قرية زعترة" قرب نابلس. وجرى تشييع أقطش في المساء نفسه.
وقال شقيقه عبد المنعم "من أطلق النّار على أخي الجيش وليس المستوطنين".
وأضاف: "كنا نقف أنا وشقيقي أمام مشغل الحدادة المحاذي للطريق الرئيسي، جاء المستوطنون وحاولوا الهجوم علينا لكننا قاومناهم؛ فغادروا ومن ثم عادوا ومعهم جيش الاحتلال".
- "فوضى عارمة" -
من جهته، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الأحد إلى الهدوء.
وقال: "أطلب منكم، رغم أنّ الدماء لا تزال ساخنة والرؤوس حامية، عدم أخذ العدالة بأيديكم وترك قوات الأمن تنجز مهمتها".
أما الجيش فقال إنه أجلى عشرات الفلسطينيّين المهددة منازلهم بالحرائق في حوارة.
والإثنين، تحدّث زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد عن "فوضى عارمة"، وكتب على "تويتر" أنّ "الحكومة فقدت السيطرة على الإرهاب العربي والإرهاب اليهودي ومجلس الوزراء والكنيست والمستوطنين".
من جانبها، دعت حركة حماس الإسلامية الحاكمة في قطاع غزة، متحدّثة عن مدينة نابلس، "أبناء شعبنا إلى مواصلة النّفير نصرة للمدينة وأهلها في مواجهة قطعان المستوطنين المتطرفين المدعومين بقوات الاحتلال وحكومتهم الفاشية".
ودانت الرّئاسة الفلسطينيّة "الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون" في الضفة الغربية. وأكّدت الرئاسة وفق ما نشرته الوكالة الرسمية الفلسطينية (وفا) أنّ "هذا الإرهاب ومن يقف خلفه يهدف إلى تدمير وإفشال الجهود الدولية المبذولة لمحاولة الخروج من الأزمة الراهنة".
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967. وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية حيث يعيش نحو 475 ألف مستوطن، غير قانونية بموجب القانون الدولي، فيما يبلغ تعداد الفلسطينيين في الضفة الغربية 2,9 مليون نسمة.
وفي تعليق لها على الأحداث، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن واشنطن تدين "العنف في الضفة الغربية بما في ذلك الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل إسرائيليين وعنف المستوطنين الذي أسفر عن مقتل فلسطيني وإصابة أكثر من 100 آخرين وتدمير واسع النطاق للممتلكات".
كما نددت وزارة الخارجية الفرنسية "بشدة" بالهجوم، داعية "جميع الأطراف إلى تجنب تأجيج العنف والمساهمة في وقف التصعيد"، بحسب ما أوردت في بيان.
وجاء التصعيد بالتزامن مع "قمة العقبة" حيث بحث ممثّلون للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الأحد "التهدئة". ويعد الاجتماع في العقبة الأردنية على البحر الأحمر الأول من نوعه منذ سنوات، مع توقف مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين منذ العام 2014.
وجاء في بيانهم المشترك عقب المحادثات أن "الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكّدا التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما وجدّدا التأكيد على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف".
منذ مطلع العام الحالي، أودت أعمال العنف والمواجهات بحياة 63 فلسطينيّاً بينهم مقاتلون ومدنيّون بعضهم قصّر، و11 إسرائيليّاً بينهم ثلاثة قاصرين، فضلاً عن امرأة أوكرانية، وفق تعداد لـ"وكالة فرانس برس" يستند إلى مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية.
واستدعى التصعيد الدامي بين الجانبين دعوات دولية لوقف العنف.