النهار

كيف ستقرر الإنتخابات الأميركية في 2024 من يكسب الحرب في أوكرانيا ​
المصدر: "النهار"
كيف ستقرر الإنتخابات الأميركية في 2024
من يكسب الحرب في أوكرانيا

​
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
A+   A-

عن التأثير الذي قد تتركه الإنتخابات الرئاسية الأميركية عام 2024 على موقف واشنطن الداعم لأوكرانيا في الحرب مع روسيا، كتب مراسلا مجلة "نيوزويك" الأميركية دانيال بوش ومايكل واسيورا من مدينة أوديسا الأوكرانية، إن الإنتخابات الرئاسية نادراً ما يتم الفوز فيها أو خسارتها بسبب السياسة الخارجية. لكن في المراحل الأولى من السباق إلى البيت الأبيض عام 2024، باتت أوكرانيا فعلاً قضية قوية في الطريق إلى الحملة الإنتخابية.   

 

ويصر الرئيس جو بايدن على أنه سيدعم أوكرانيا "طالما إستلزم الأمر ذلك". والرئيس السابق دونالد ترامب يزعم أنه سينهي الحرب "في يوم واحد" إذا ما عاد إلى البيت الأبيض. وتقدم الرؤى المتعارضة للمرشحين الخيارات القصوى في السياسة الخارجية للحزبين الرئيسيين، للمرة الأولى منذ عشرين عاماً، عندما لعب النقاش حول حرب العراق، دوراً رئيسياً في السباق إلى إنتخابات 2004، والتي فاز فيها جورج دبليو بوش في نهاية المطاف.      

 

إن الإنقسام بين بايدن وترامب حول أوكرانيا – والإنقسام في صفوف المرشحين الجمهوريين حول الإنخراط الأميركي في الحرب- سينعكس جدلاً وطنياً أوسع حول الدور الذي يجب أن تضطلع به أميركا في مرحلة ما بعد حربي العراق وأفغانستان.     

 

ويشير بايدن إلى أن أوكرانيا دليل على أن قيادة أميركية قوية، أمر ضروري لإنتصار الديموقراطيات على الأنظمة الإستبدادية في المنافسة الكبرى خلال القرن الحادي والعشرين.

 

ويفضل ترامب وحاكم فلوريدا رون ديسانتس، وهما المرشحان الأقوى لنيل ترشيح الحزب الجمهوري، نموذج "أميركا أولاً" الإنعزالي، ويدعوان إلى قيود اميركية شديدة على الإنخراط في نزاعات دول أخرى. وهناك بعض المرشحين الجمهوريين مثل نائب الرئيس السابق مايك بنس ممن يفضلون سياسة أميركية تقليدية محافظة، تدعم دوراً أكثر نشاطاً للولايات المتحدة كزعيمة "للعالم الحر". لكنهم يتناغمون بشكل متزايد مع قاعدة الحزب الجمهوري، الذين ينتقدون بحدة المساعدة المقدمة لأوكرانيا منذ بدء النزاع.  

 

وقال المدير البارز السابق لشؤون روسيا في مجلس الأمن القومي توماس غراهام "للنيوزويك"، إن "بايدن لا يمكنه تحمل خسارة الأوكرانيين". وأضاف :"إذا ما كانت هذه معركة بين الديموقراطية والإستبداد، فإنه لا يمكننا أن نسمح للإستبداديين بالفوز".     

 

ورأى أندرو ويس الخبير في الشؤون الروسية في معهد كارنيغي للسلام الدولي والمستشار البارز لدى مجلس الأمن القومي :"إن الإنتخابات الأميركية، هي مفتاح تخفيف الضغط عن (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) ولديه الكثير ليراهن عليها...هناك حساب دقيق بأن بوتين يحتاج فقط إلى الصمود أكثر من الولايات المتحدة وأوكرانيا".          

 

إن إحتمال المضي نحو نزاع طويل يمثل تحدياً سياسياً محرجاً لبايدن. وهو كان وعد في 2020 بإنهاء كل حروب أميركا الأبدية، ومن ثم سرعان ما وفى بوعده بعد تسلمه منصبه في 2021، على رغم أن الإنسحاب من أفغانستان إتسم بالفوضوية. والآن، وفي الوقت الذي تمضي فيه حملته لعام 2024، فإن بايدن يقود حرباً بالوكالة بين الغرب وروسيا أدت إلى مقتل الآلاف وتكاليف بمليارات الدولارات من دون أن تظهر نهاية لها في الأفق.   

 

وفي هذه المرحلة، فإن إستراتيجية بايدن الطويلة المدى بالنسبة لأوكرانيا- وهي الحفاظ على سيادة هذا البلد وإنزال هزيمة جيوسياسية ببوتين، من دون نشر قوات أميركية على الأرض أو إثارة مواجهة أوسع مع موسكو- مرهونة بفوز بايدن في الإنتخابات. ويحتاج بايدن إلى مزيد من الوقت للحفاظ على تماسك حلف الناتو والإستمرار في تقديم المساعدات لأوكرانيا.

 

لكنها عملية تسويق صعبة للرأي العام الأميركي، الذي يبدو عموماً داعماً لأوكرانيا، لكنه قلق من رؤية الولايات المتحدة مشتبكة في نزاع خارجي آخر مكلف وطويل، ولو كان بطريقة غير مباشرة.     

 

وويقدم مساعدون رئيسيون لبايدن وحلفاء من خارج الإدارة تحليلاً صريحاً لحسابات الرئيس. وهم يجادلون بأن دفع جزء بسيط لا يقارن بتريليوني دولار وأكثر أنفقت في حرب أفغانستان- يعتبر سعراً مقبولاً من أجل تحويل روسيا إلى دولة ضعيفة ومنبوذة، من دون المخاطر بحياة أي أمريكي في هذه العملية.     

 

ومع ذلك يبقى هل سيوافق الناخبون على ذلك، أم ستتحول مقاربة بايدن للحرب كنموذج للسياسات الخارجية الأميركية في المستقبل.     

 

وليس أمراً مسلماً به، أن أوكرانيا ستنتصر في الحرب. ولا تزال النتيجة النهائية للحرب غير مؤكدة، وكذلك من غير الواضح كيف أن ترامب أو ديسانتس أو المرشحين الجمهوريين الآخرين، سيعرفّون إنتصار أوكرانيا.  

 

وأعلن ترامب عن رؤيته في مقابلة في 16 تموز مع ماريا بارتيرومو على "فوكس بيزنس"، إذ قال :"سأبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أنه كفى، وأنه عليك أن تبرم إتفاقاً...وسأقول لبوتين، أنه إذا لم تبرم إتفاقاً فإننا سنمنح زيلينسكي الكثير...سأعمل على إبرام إتفاق في يوم واحد، يوم واحد".   

 

لكن ترامب لم يقدم أية تفاصيل، في وقت تبدو خطة ديسانتس حول أوكرانيا أقل وضوحاً-على رغم أن حاكم فلوريدا عبر عن عدم إهتمامه بالحرب في وقت سابق من السنة الجارية.     

 

إن الجناح الإنعزالي في الحزب الجمهوري راغب في خفض –إن لم يكن وقف- الدعم الأميركي لأوكرانيا، في تناقض مع الرأي الأكثر تقليدية لدى الجمهوريين، الذين ينتقدون بايدن لأنه لم يفعل ما يكفي في مواجهة الغزو الروسي.      

  

 

اقرأ في النهار Premium