بدأ الناخبون الأرجنتينيون المنهكون من جراء التضخم والمصابون بخيبة بسبب السياسات الحكومية، الإدلاء بأصواتهم الأحد في انتخابات تمهيدية لاختيار مرشحين للاستحقاق الرئاسي المزمع إجراؤه في تشرين الأول، في اقتراع لخلافة الرئيس اليساري الوسطي ألبرتو فرنانديز، يصعب التنبؤ بنتائجه.
ودعي أكثر من 35 مليون ناخب لاختيار الأحزاب التي ستخوض الانتخابات الرئاسية في 22 تشرين الأول ما يتطلب الحصول على 1,5 بالمئة من الأصوات على المستوى الوطني، واختيار مرشحيهم.
فتحت مراكز الاقتراع عند الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (11,00 ت غ) وستغلق الساعة 18,00 (21,00 ت غ)، على أن تبدأ النتائج الأولية بالصدور بعيد الساعة 01,00 ت غ.
والأرجنتين ثالث أكبر قوة اقتصادية في أميركا اللاتينية وتتمتّع بإمكانات كبرى على صعيد الزراعة والمواد الأولية، لكن البلاد تعاني منذ 12 عاما من تضخّم يتخطى عشرة بالمئة (115 بالمئة على أساس سنوي) ومن مديونية هائلة لصندوق النقد الدولي ومن معدّل فقر يبلغ 40 بالمئة.
ويتنافس 22 طرفاً يضم "رئيساً ونائب رئيس" على هذا المنصب.
ولن يتبقى سوى ستة مساء الأحد لخوض المنافسة في 22 تشرين الأول/أكتوبر، بينهم كتلتان مهيمنتان، والتي يتوقع أن تفضي إلى اختيار الرئيس المقبل.
ولم يترشح الرئيس المنتهية ولايته ألبرتو فرنانديز الذي لا يحظى بشعبية لخوض هذه الانتخابات.
وفي المعسكر الحكومي (يسار الوسط)، من المؤكد أن وزير الاقتصاد سيرخيو ماسا البالغ 51 عامًا سيفوز بالانتخابات التمهيدية مع منافسة يسارية ضعيفة، رغم أن إدارته لاقتصاد متدهور لمدة عام لا تصب في صالحه.
وقد نجح في حشد المعسكر البيروني وإبقاء التواصل قائما مع صندوق النقد الدولي.
- ضبابية كبيرة في معسكر اليمين - يشهد معسكر المعارضة اليمينية انتخابات تمهيدية محتدمة وتنافسا كبيرا بين هوراسيو لاريتا (57 عاما) الذي يرأس بلدية بوينوس أيرس منذ العام 2015 والذي يطرح نافسا حاملا راية الاعتدال ومنفتحا على التشاور، ووزيرة الأمن السابقة باتريسيا بولريخ التي تعد باعتماد نهج "صادم" سواء في ملفي الاقتصاد أو الأمن.
وشدّد خبير العلوم السياسية المستقل كارلوس فارا على أن الترقّب سائد لمعرفة "من سيتم اختياره بين لاريتا وبولريخ"، مؤكدا أن هذه الانتخابات غير محسومة وان "النتائج ستحدد المشهد الانتخابي الجديد".
ومن بين الفوائد الكبرى للانتخابات التمهيدية المفتوحة والمتزامنة والإلزامية، تحديد اتّجاه ومقياس لوضعيات القوى بما يعطي أحيانا مؤشرا للانتخابات الرئاسية.
وهذا ما حصل في العام 2019 عندما أعطت النتيجة التي حقّقها ألبرتو فرنانديز الذي كان المرشّح الأوحد للمعسكر البيروني، مؤشرا لفوزه في الرئاسة على حساب ماوريسيو ماكري.
لكن الأمور لن تكون محسومة إلا في حال كان الفارق شاسعا، إذ يمكن أن تحدث أمور كثيرة في حملة تستمر شهرين.
لكن منذ الآن تشكل الانتخابات التمهيدية المفتوحة والمتزامنة والإلزامية للعام 2023 قطيعة مع الاستحقاقات السابقة، مع غياب اثنتين من الشخصيات التي هيمنت على الحياة السياسية في السنوات الأخيرة: البيرونية (نسبة إلى الحزب البيروني) كريستينا كيرشنر، الرئيسة السابقة (2007-2015) البالغة 70 عاما، وماوريسيو ماكري البالغ 64 عاما، الرئيس الليبرالي الذي خلفها في المنصب في العام 2015 إلى أن هزمه ألبرتو فرناندير في العام 2019.
- خيبة - السؤال المطروح: هل يمكن أن ينبئ انسحاب هذين الخصمين الكبيرين، المتناحرين والمثيرين للانقسام، بمتنفس من الاستقطاب الحاد في السياسة الأرجنتينية؟ ما لم يكن هذا الانسحاب يشير إلى خيبة أمل عامة بعد رئاستين شديدتي التناقض، أثارتا خيبة أمل مريرة.
وقالت أغوستينا روسي وهي طالبة تبلغ 16 عاما ستدلي بصوتها للمرة الأولى "أريد حكومة تصلح الاقتصاد، لكنّي أعلم أن هذا الأمر سيستغرق وقتا، وأنه لن يكون من السهل استعادة ما خسرناه"، وتابعت "أريد أيضا حكومة تصغي للشباب".
وقال خوان نيغري خبير العلوم السياسية في جامعة توركواتو دي تيا "هناك استياء متزايد في صفوف الناخبين، في بلد تميّز بشخصياته السياسية".
ويتوقّع محلّلون مقاطعة كبيرة للاستحقاق قد تتخطى 25 بالمئة على الرغم من إلزامية الاقتراع.
ما لم يصب ذلك في مصلحة الطرف الثالث، الاقتصادي الليبرالي المتطرف خافيير ميلي، صاحب الخطاب الناري المناهض للـ"طبقة" السياسية والذي حقق نتائج جيّدة في الانتخابات التشريعية في العام 2021، حين حلّ حزبه ثالثا في بوينس أيرس (17,3 بالمئة).
إلا أن تكرار هذه النتيجة قد يكون صعبا على مستوى الوطن.
تزامنا مع التنافس الرئاسي، يصوت الأرجنتينيون الأحد لاختيار المرشحين لمجلسي النواب والشيوخ اللذين سيتم تجديد أعضائهما جزئيا في اقتراع الثاني والعشرين من تشرين الأول.