دان المستشار الألماني أولاف شولتس، الخميس، موقف تركيا المشكك في سيادة اليونان على جزر في بحر إيجه، في سياق من التوترات المتصاعدة بين الجارين اللدودين والمنضويين في حلف شمال الأطلسي.
وقال شولتس في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إن شريكا في حلف شمال الأطلسي "يجب ألا" يشكك في سيادة عضو آخر في التحالف.
وقال المستشار الألماني في أول زيارة يجريها إلى اليونان منذ توليه المنصب إن "أي قضية كهذه يجب أن تحل بناء على القانون الدولي".
واليونان وتركيا منضويتان في حلف شمال الأطلسي، لكن العلاقات بينهما تشوبها خلافات مزمنة حول الحدود البحرية وحقوق استكشاف موارد الطاقة في بحر إيجه وفي شرق المتوسط.
وتأججت التوترات في السنوات الأخيرة بعد محاولات تركية لاستكشاف ثروات نفطية في مياه متنازع عليها.
- تجنّب نزاع -
في خضم الحرب الدائرة في أوكرانيا والتي دفعت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي إلى رص الصفوف، يريد التكتل الدفاعي، بأي ثمن، تجنّب اندلاع بين شريكين استراتيجيين منضويين فيه.
وشدد شولتس على ان "علاقات حسن الجوار بين اليونان وتركيا تكتسي أهمية ليس فقط للبلدين بل لأوروبا بأسرها".
من جهته قال ميتسوتاكيس "من المؤسف حقا أن (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان لا يمكنه أن يرى أنه يتّجه نحو مأزق عندما يسمم شعبه بأكاذيب بحق اليونان".
وتابع "يدرك جيراننا وكل حلفائنا أن الجزر اليونانية لا تهدد أحدا".
ومؤخرا اتّهم إردوغان اليونان بـ"احتلال" جزر في بحر إيجه كان قد حُسم مصيرها في اتفاقيات تم تبنيها بعد الحرب العالمية الأولى.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "تا نيا" اليومية، قال شولتس إن "التهديدات العسكرية المبطنة إلى حد ما" التي تطلقها أنقرة بحق اليونان غير مقبولة، داعيا البلدين اللذين تجمعهما أربعة قرون من التاريخ المشترك إلى تسوية خلافاتهما على طاولة المفاوضات.
- مناوشات -
في حين تؤكد فرنسا منذ زمن دعمها الصريح لليونان، لطالما سعت الحكومة الألمانية وخصوصا المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل (2005-2021) إلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع أنقرة على الرغم من سلسلة مناوشات.
ففي ألمانيا جالية تركية كبيرة. كما واجهت برلين "أزمة" لاجئين وقد كانت المبادر الأساسي لميثاق الهجرة المبرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي والذي أتاح في العام 2016 الحد من تدفق المهاجرين على دول التكتل.
وخلال جولة أجرتها في تموز قادتها إلى تركيا واليونان، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اصطفاف بلادها إلى جانب أثينا، إذ شدّدت على أن "الجزر اليونانية تابعة للأراضي اليونانية ولا أحد يمكنه التشكيك في ذلك".
وأشارت الصحف اليونانية إلى أن شولتس لن يزور تركيا خلافا لما جرت عليه العادة عندما يزور مسؤولون ألمان المنطقة.
وكان التوتر السائد قد تأجج في قمة أوروبية في براغ عقدت في مطلع تشرين الأول، غادر خلالها ميتسوتاكيس عشاء رسميا خلال خطاب لإردوغان.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "لوبوان" الفرنسية الأسبوعية نُشرت الخميس، قال ميتسوتاكيس إن اللهجة المستخدمة في "الخطاب التصعيدي" لإردوغان وكبار المسؤولين الأتراك "غير مسبوقة".
وفي المقابلة مع يومية "تا نيا" شدد شولتس على أن "هدفنا المشترك (...) رؤيتنا يجب أن تكون قائمة على استكشاف كل الإمكانات الاقتصادية في شرق المتوسط لما فيه مصلحة كل البلدان".
إلى ذلك أعلن شولتس أن النزاع الدائر حول أسعار الطاقة في الاتحاد الأوروبي يمكن حله بـ"التضامن".
وقال إن الهدف يجب أن يكون "خفض الأسعار"، في حين تعارض برلين تحديد سقف لأسعار الغاز.
وكان المستشار الألماني قد أعلن خطة لإنفاق ما يصل إلى 200 مليار يورو لدعم أسعار الغاز المرتفعة بعد خفض روسيا شحنات الغاز إلى أوروبا.
لكن الخطة التي طرحها شولتس بدون التشاور مع شركائه الأوروبيين أثارت قلقا من ضرب مبدأ المنافسة في أوروبا المتأثرة بشدة من تداعيات الحرب في أوكرانيا.