أقرت الصين، الأربعاء، بأن تعافي ثاني أكبر اقتصاد عالمي في مرحلة ما بعد الجائحة سيكون صعبا، لكنها دحضت الانتقادات الغربية بعد سلسلة من المؤشرات الاحصائية المخيبة للآمال.
نشرت بيجينغ في الأسابيع الماضية أرقاما إحصائية أظهرت معاناة اقتصادها للتعافي من حقبة كوفيد-19، ما دفع الرئيس الأميركي جو بايدن للتحذير من أن هذه المشكلات تجعل من الصين "قنبلة موقوتة".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين إنه "في أعقاب الانتقال السلس من الوقاية والسيطرة على الوباء، تعافي الصين الاقتصادي هو تطور أشبه بتماوج وعملية متعرجة ستواجه بلا شك صعوبات ومشكلات".
وأشار الى أن "عددا من السياسيين ووسائل الإعلام في الغرب يضخّمون المشكلات الدورية في عملية التعافي الاقتصادي للصين ما بعد الجائحة"، مضيفا "لكن في نهاية المطاف، سيثبت حتما أنهم على خطأ".
أتت هذه التصريحات غداة إعلان بيجينغ وقف نشر نسب البطالة المتزايدة في أوساط الشباب، في ظل سلسلة من المؤشرات المخيبة للآمال التي تثير القلق بشأن ثاني اقتصاد في العالم.
سجلت البطالة لدى الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما نسبة قياسية بلغت 21,3 في المئة في حزيران، بينما ارتفعت نسبة البطالة الاجمالية من 5,2 في المئة في حزيران الى 5,3 في تموز، وفق المكتب الوطني للاحصاءات.
وعرفت مبيعات التجزئة، المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر، في تموز نموا سنويا بنسبة 2,5 في المئة، وفق مكتب الاحصاءات، أي بانخفاض عن نسبة 3,1% التي حققتها في حزيران.
الى ذلك، حقق الانتاج الصناعي نموّا سنويا نسبته 3,7 في المئة في تموز، بتراجع عن نسبة 4,4 التي حققها في الشهر الذي سبقه.
ومع تزايد الأرقام التي تؤشر الى تباطؤ محتمل في الاقتصاد، دعا العديد من الخبراء الى خطة تعافٍ واسعة النطاق لتعزيز الدورة الاقتصادية.
الا أن السلطات تبقي الى الآن على إجراءات محددة الهدف وإعلانات عن دعمها القطاع الخاص، في ظل محدودية الإجراءات الملموسة المتخذة من بيجينغ.
وسعى القادة الصينيون الى تحفيز الاستهلاك المحلي خلال الأسابيع الماضية.
وأصدر مجلس الدولة الشهر الفائت خطة من 20 بندا لتشجيع السكان على زيادة الانفاق في قطاعات اقتصادية عدة مثل السيارات والسياحة والأدوات المنزلية.
وحذّر المكتب السياسي للحزب الشيوعي في اجتماع عقده أواخر تموز برئاسة شي جينبينغ، من أن اقتصاد البلاد "يواجه صعوبات وتحديات جديدة".
وقال المتحدث وانغ ونبين الأربعاء "لا نهرب من المشكلات على الإطلاق، لقد اتخذنا إجراءات نشطة لحل المشكلات، والنتائج بدأت بالظهور أو ستظهر".
- "قنبلة موقوتة" - وكان بايدن قال خلال مناسبة لجمع التبرعات في ولاية يوتا الأسبوع الماضي إن "الصين قنبلة موقوتة في العديد من الحالات"، مشيرا إلى ارتفاع معدلات البطالة وشيخوخة القوى العاملة.
وحددت الصين هدفا لنمو إجمالي ناتجها المحلي لهذه السنة بنسبة 5%. وعلى رغم أن هذه النسبة هي من الأدنى للبلاد خلال عقود، أقر رئيس الوزراء لي تشيانغ بأن تحقيقها سيكون صعبا.
وتعزز المؤشرات هذه الصعوبة، اذ نما اقتصاد الصين بنسبة 0,8 في المئة فقط بين الربعين الأول والثاني لعام 2023.
وفي خطوة غير متوقعة، عمد المصرف المركزي الصيني الثلثاء الى خفض معدل الفائدة على تسهيلات الإقراض المتوسطة الأجل، وهي قروض لسنة واحدة للمؤسسات المالية، من 2,65 الى 2,5 في المئة.
سجلت الصين في تموز انكماشا في الأسعار للمرة الأولى منذ أكثر من عامين تحت وطأة استهلاك داخليّ متباطئ.
وإن كان تراجع الأسعار يبدو من حيث المبدأ مفيدا للقدرة الشرائية، إلا أنه يشكل في الواقع خطرا على الاقتصاد ككل إذ يحمل المستهلكين على إرجاء مشترياتهم بدل الإنفاق، على أمل الاستفادة من تراجع إضافي في الأسعار.