لا تزال العاصفة التي أودت بالعشرات في الولايات المتحدة خلال عطلة عيد الميلاد تلقي بثقلها على ولاية نيويورك والمسافرين جوّاً في أنحاء البلاد، مع انتشار قصص عن عائلات حوصرت لأيام خلال "عاصفة القرن".
ارتفع عدد الوفيات المرتبطة بالعاصفة الشتوية - معظمها حوادث طرق - إلى 50 على الأقل بعد أن أكد مسؤولون وفاة أخرى في مقاطعة إيري بغرب نيويورك، بؤرة الأزمة.
وقال رئيس بلدية بوفالو بايرون براون عبر "تويتر": "لسوء الحظ، تتوقّع الشرطة أن يرتفع العدد". وأصيبت بوفالو بالشلل لمدة خمسة أيام بسبب تكوّم الثلج وانقطاع الكهرباء، ومن المتوقع تساقط المزيد من الثلوج الثلثاء.
أما حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوشول، المولودة في بوفالو، فقد شبّهت الوضع بعد العاصفة بـ"منطقة حرب".
وقالت هوشول للصحافيين الاثنين: "من المؤكد أنها عاصفة القرن".
مع انخفاض درجات الحرارة، حوصر ركاب وبعض السكان الفارين من منازلهم الشديدة البرودة على الطرق السريعة مع تعذّر التدخل لإنقاذهم.
وقالت عائلة آنديل تايلور، وهي من سكان بوفالو، إنّها توفيت في سيارتها بعد أن علقت في طريقها من المنزل إلى العمل.
يُظهر مقطع فيديو أرسلته تايلور ونشرته أختها سيارتها مغمورة بالثلوج حتى نوافذها.
وصرّحت عائلتها في كارولاينا الشمالية لمحطة تلفزيون محلية أنّ عناصر الطوارئ الذين علقوا هم أنفسهم أثناء محاولتهم إنقاذها، عثروا عليها ميتة بعد 18 ساعة مرجّحين أن يكون سبب الوفاة التسمم بأوكسيد الكربون.
وقال رجل إنه حوصر في سيارته في شوارع بوفالو مع أطفاله الأربعة الصغار لمدة 11 ساعة قبل أن يتم إنقاذهم، وفق صحيفة "النيويورك تايمز".
وأكد زيلا سانتياغو أنّه أبقى محرك سيارته يعمل لتوفير بعض الدفء وأطعم أطفاله بعض العصير الموجود في صندوق السيارة، قبل أن تنقذهم أخيرًا عند الفجر كاسحة ثلج عابرة.
"أسوأ عيد ميلاد"
أدّت العواصف الثلجية والرياح العاتية ودرجات الحرارة الشديدة الانخفاض الى إلغاء نحو 20 ألف رحلة جوية في الأيام الأخيرة، بينها نحو 4700 رحلة الثلاثاء، وفق موقع التتبع المتخصّص "فلايت أوير".
معظم الإلغاءات اليوم شملت شركة "ساوث وست إيرلاينز" التي ألغت أكثر من 60 في المئة من رحلاتها بسبب مشاكل لوجستية متتالية تتعلق بشبكة خطوطها، ما كلّفها توبيخاً من الحكومة الأميركية.
وقالت وزارة النقل عبر "تويتر" إنّها "قلقة من معدل الإلغاء غير المقبول في ساوث ويست" وستتأكد مما إذا كانت الشركة "تمتثل لخطة خدمة العملاء الخاصة بها".
من جهته، وافق الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين على إعلان الطوارئ في ولاية نيويورك لصرف أموال لمساعدتها على التعافي من الكارثة.
ولا يزال مطار بوفالو الدولي مغلقاً حتى صباح الأربعاء، ولا يزال حظر القيادة سارياً في المدينة حيث حُرم آلاف من الكهرباء.
وقال المسؤول في المدينة مارك بولونكارز محذّراً: "يمكنكم بالتأكيد الخروج والمشي للاطمئنان الى الجيران والذهاب إلى المتاجر المفتوحة، وما إلى ذلك. لكن لا تقودوا السيارات".
وقال بيل شيرلوك، أحد سكان بوفالو القدامى، لـ"فرانس برس"، إنّ منزله محاط بحوالى أربعة أقدام من الثلج، لكنه كان محظوظاً لأن الكهرباء لم تنقطع ولأن لديه مخزوناً جيداً من الطعام استعمله طوال عطلة نهاية الأسبوع.
وأضاف المحامي إنّ أولئك الأقل حظّاً "ربما عاشوا أسوأ عيد ميلاد في حياتهم" - لافتاً إلى أنّ بعض المنازل في حيّه محرومة من الكهرباء منذ الجمعة.
قضّى شيرلوك ثلاث ساعات في إزالة الثلج من ممر سيارته، وقد ينتظر يوماً آخر قبل أن يغامر بقيادتها لأول للمرة الأولى إلى أي مكان إلا إذا اضطررنا لذلك".
وتوقّعت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية تساقط الثلوج في مناطق منعزلة في غرب نيويورك اليوم، لكن من المنتظر أن يبدأ ذوبان الجليد.
يُتوقع أن ترتفع الحرارة لتصل إلى 50 درجة فهرنهايت (10 درجات مئوية) بحلول نهاية الأسبوع، رغم أن المسؤولين حذّروا من أن ذوبان الثلوج قد يؤدي إلى فيضانات طفيفة.
أدى الطقس القاسي خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في جميع ولايات البر الرئيسي للولايات المتحدة، ومن بينها مناطق على طول حدود المكسيك حيث يكافح بعض المهاجرين الوافدين حديثًا للعثور على مأوى.
وأثر انقطاع الكهرباء عند ذروته السبت على 1,7 مليون شخص في البرد القارس، وفق موقع "باور أوترج" المتخصّص.
أدى الجليد أيضاً إلى الإغلاق الموقت لبعض طرق النقل الأكثر ازدحامًا، ومن بينها جزء من الطريق السريع 70 العابر للبلاد.
وقالت حاكمة نيويورك عبر "تويتر" إنّ إعادة فتح العديد من الطرق السريعة الرئيسية في نيويورك، وكذلك المعابر الحدودية مع كندا، تُعد "مؤشّراً إلى أننا أخيراً نتخطى ذروة هذه العاصفة التي تحدث مرة واحدة كل جيل".