يتوجّه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى هاواي الأسبوع المقبل لتفقّد المناطق المنكوبة بالحرائق ولقاء ناجين ومسعفين يواصلون البحث عن المفقودين، في وقت تجاوزت فيه حصيلة الكارثة 100 قتيل.
والحرائق التي سوّت مدينة لاهاينا التاريخية في جزيرة ماوي بالأرض، هي الأكثر فتكاً منذ أكثر من قرن في الولايات المتحدة وأدت إلى مقتل 106 أشخاص، وقد حذّر حاكم الولاية جوش غرين مراراً من أنّ الحصيلة النهائية يمكن أن ترتفع بشكل كبير.
وتمكّنت السلطات من التعرف على خمسة قتلى فقط حتى الآن، وقد أعلن مسؤولو مقاطعة ماوي عن اثنين منهم وهما روبرت ديكمان البالغ 74 عاماً وبادي جانتوك البالغ 79 عاماً، وكلاهما من لاهاينا.
وانتقل خبراء في الطب الشرعي بعضهم عمل في أعقاب هجمات 11 ايلول إلى ماوي، حيث تتكثف الجهود لتحديد هوية الرفات، إذ إنّ بعضها متفحم إلى درجة يصعب التعرف عليها.
وبدأت السلطات في مالي بجمع عيّنات الحمض النووي من أقارب المفقودين، لكن ما يعقّد العملية وجود عدد كبير من السياح في الجزيرة وقت اندلاع الحرائق، ما يفرض توسيع شبكة أخذ العينات، وفق آدم وينتروب من وكالة إدارة الطوارئ في هاواي.
وقال وينتروب للصحافيين: "سمعت من أشخاص إنّهم يريدون تقديم عينات الحمض النووي، لكنهم لا يستطيعون الوصول إلى ماوي".
أضاف: "يتعيّن علينا إنشاء نوع من النظام بحيث إذا كان لديك عائلة تقضي إجازتها في ماوي ولم تتمكن من الاتصال بها، يمكنك الذهاب إلى مركز الشرطة المحلي الخاص بك" لإعطاء عينة.
ومهمّة العثور على الضحايا أيضاً تسير بشكل بطيء وشاق، على الرغم من استخدام كلاب مدربة خصيصا لكشف مواقع الجثث.
وقالت دين كريسويل، مديرة وكالة إدارة الطوارئ الفدرالية للصحافيين، الأربعاء، إنّ "هذه عملية بحث صعبة حقّاً".
وأضافت: "على الكلاب العمل في درجات حرارة مرتفعة وسط الزجاج والحطام، وفي هذه الظروف الكلاب تتطلب فترات راحة باستمرار".
وحذرت "أريد أن أكون صادقة مع الجميع: عملية البحث ستكون أيضاً طويلة وصعبة".
وأشار مسؤولون مراراً إلى أنّ العدد النهائي للقتلى قد لا يُعرف قبل أسابيع، لكن من المتوقع أن يرتفع كثيراً.
وتُستخدم حاويات مبرّدة كمشرحة نقّالة في مركز للطبّ الشرعي تابع لشرطة ماوي، حسبما شاهد مراسل لـ"فرانس برس"، في وقت تعاني فيه الجزيرة من صعوبات في التعامل مع عدد القتلى.
بايدن "ملتزم" بمساعدة هاواي
وسيلتقي بايدن وزوجته جيل الإثنين، في جزيرة ماوي، "مسعفين وناجين إضافة إلى مسؤولين فدراليين وعلى مستوى الولاية ومحليّين"، وفق ما أعلن البيت الأبيض في بيان.
وفي وقت لاحق كتب الرئيس في تغريدة: "ما زلت ملتزمًا تقديم كل ّما يحتاجه سكان هاواي خلال تعافيهم من هذه الكارثة".
وسارع بايدن لإعلان حالة "كارثة كبرى" في هاواي عقب الحرائق التي اندلعت الأسبوع الماضي، في إجراء يتيح الإفراج عن مساعدات طارئة من الحكومة الفدرالية، واتّصل مرّات عدّة بغرين.
لكنّ الرئيس الديموقراطي واجه انتقادات من المعارضة الجمهورية لما اعتبرته استجابة فاترة للحرائق.
ورغم حديثه عن أوضاع الكارثة في عدد من خطاباته، إلّا أنّه لم يتحدث عن ذلك علناً عندما ارتفعت الحصيلة في نهاية الاسبوع.
وقال البيت الأبيض إنّ بايدن على اتصال وثيق بالمسؤولين في هاواي وبمسؤولي فرق الطوارئ الفدرالية الذين قالوا إنّ "جهود البحث والإنقاذ يُتوقّع أن تكون وصلت مطلع الأسبوع المقبل مرحلة تسمح بإجراء زيارة رئاسية".
وتواصلت الروايات المروّعة عن نجاة سكّان من الكارثة، وكذلك إفادات شهود عيان عن عدم صدور إنذارات رسمية تحذر من الحرائق الجامحة.
وقالت أنيليز كوشران (30 عاماً) وهي واحدة من عشرات من سكان لاهاينا الذين اضطروا لإلقاء أنفسهم في البحر هرباً من النيران "ما حدث، في رأيي، نتيجة إهمال".
وأوضحت أنّ النيران كانت "سريعة جدّاً، رؤيتها تثير الصدمة".
والشابة التي فوجئت بالدخان الأسود لم تتلقّ، على غرار العديد من جيرانها، أيّ تنبيه.
وبعد أن حاولت الفرار بسيارتها وجدت نفسها أمام طريق مسدود بمركبات تركها أصحابها المصابون بالهلع، فيما بدأ عدد من السيارات ينفجر بسبب الحرارة. وأدركت حينها أنّ المحيط هو خيارها الوحيد للنجاة.
وأمضت ثماني ساعات في المحيط وتمكنت من النجاة بعد تشبّثها بجدار صخري قبل أن يتم إنقاذها من المياه.
مواد كيميائية سامّة
وحذّر غرين من أيّ محاولة لشراء أراض في مدينة لاهاينا المنكوبة في وقت يخشى فيه الأهالي من احتمال أن يستغلّ مطورون أثرياء يأس الناس ويحاولون شراء قطع أراض يمكن تحويلها إلى مساكن فاخرة أو لإيجارات قصيرة المدة أكثر درّاً للأرباح.
وقال غرين: "هدفنا أن يكون هناك التزام محلي، إلى الأبد، تجاه هذه المجتمعات بينما نقوم بإعادة البناء".
وأضاف: "لذا سنحرص على بذل كل ما بوسعنا للحؤول دون وقوع تلك الأراضي بيد أشخاص من الخارج".
في تلك الأثناء، عبّر سكّان عن الاستياء إزاء منعهم من زيارة لاهاينا لتفقد منازلهم.
وقد حذّر المسؤولون من مخاطر تمثّلها أبنية غير ثابتة ومواد كيميائية سامة محتملة قد ينقلها الهواء في المنطقة.
وأثارت طريقة التعامل مع هذه الكارثة الكثير من الجدل والتساؤلات.
في لاهاينا، تأخّر بعض عناصر الإطفاء بسبب عدم وجود مياه في الخراطيم أو انخفاض قوة تدفّقها.
كذلك، قُدّمت شكوى بحقّ شركة الكهرباء "هاواي إلكتريك" لأنها لم تقطع التيار الكهربائي، رغم ارتفاع خطر نشوب حريق والرياح العاتية المصاحبة لإعصار مرّ جنوب غرب ماوي والتي هدّدت بالتسبب في سقوط أعمدة الكهرباء.