اشتعلت النيران من جديد في مساحات من الغابات شمال أثينا بعدما كان رجال الإطفاء يأملون أن تحمل الغيوم إليها المطر، لكنها أصابتها بصواعق.
وعاد فريق من عناصر الإطفاء المتطوعين في ثكنة إيكالي الصغيرة لمكافحة النيران مرهقاً، ولكن راغباً في "إنقاذ جبله".
وتبدو المعركة غير متكافئة بسبب رياح قوية وتواصل ارتفاع درجات الحرارة السبت.
منذ أسبوع، تستعر حرائق فتاكة في كل أنحاء البلاد وخصوصاً عند مداخل أثينا وفي شمال شرق اليونان، بعدما اجتاحت حرائق مدمرة جزيرة رودس وغرب أثينا في تموز.
وهدأت النيران في مناطق عديدة، لكن ما زال الخطر مرتفعاً.
وقال رجل الإطفاء المتطوع ثاناسيس كوتورلوس "علينا حماية جبل بارنيس" ومتنزه ناتورا 2000 الوطني. وظهر كوتورلوس بشعر أشعث ووجه بدت عليه ملامح التعب ولحية طويلة لعدم توافر الوقت الكافي لتشذيبها.
وأضاف الشاب الثلاثيني وهو يحتسي القهوة ويدخّن سجائر ملفوفة "نحن على الجسر منذ خمسة أيام متتالية. بالكاد حظيت بوقت للعودة إلى المنزل والاستحمام في صباح أحد الأيام بعد ليلة من التدخل، قبل أن أعود مسرعاً إلى العمل".
وعلى غرار كوتورلوس وهو خبير في مجال كمبيوتر، يحاول 62 متطوعًا (بينهم 13 امرأة) التوفيق بين الحياة المهنية والحياة الأسرية، في إطار مجموعة إنقاذ تضم متطوعين لإطفاء الغابات.
ويتناوب هؤلاء على مدار السنة لتأمين الحراسة لفترات مدتها بين أربع وعشر ساعات ليلاً. وتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً، ويرافقهم جهاز لاسلكي يضيق بالرسائل.
واندلعت للتو خمسة حرائق جديدة في مكان قريب.
تم رصد أحدها بواسطة طائرة بدون طيار دفع ثمنها سكان القرية الأثرياء، وتشغلها شركة خاصة ليلًا ونهارًا خلال موسم الحرائق. والهدف ضمان المراقبة لتدبير الأمور.
- "ندفع ثمن كل شيء" -
ويستعين فريق الإطفاء بجهاز هوائي "مصنوع يدويًا"، ويظهر أعضاؤه بلباس رث ومعهم مصابيح بدائية.
والثكنات نفسها مصنوعة من حاويات. في الطابق السفلي مركز القيادة حيث الأرائك مترهلة، وفي الطابق العلوي مساكن للحراس.
ورغم كل ما يحدث، يقول متطوعون بفرح "باستثناء الكهرباء والشاحنة الصغيرة" والبنزين الذي توفره البلدية حالياً، "ندفع ثمن كل شيء من جيوبنا أو بفضل تبرعات".
وأثار النقص الكبير في المعدات جدلا خصوصاً أثناء الحرائق في رودس، عززته صورة رجال إطفاء منهكين نائمين على الأرض على متن عبّارة أعادتهم بعد أحد عشر يومًا من الخدمة.
وقال رئيس الفريق يورغوس ديرتيليس (32 عاماً) "الدولة لا تدعمنا، وكل ما نتلقاه يأتي من مبادرات خاصة أو جهات راعية".
وأضاف "يصعب العثور على قطع غيار للسيارات لأنها قديمة"، ويعود تاريخ إحداها إلى عام 1986.
وتابع "نحن بحاجة إلى توفير المال لشراء المعدات، وقبل كل شيء لضمان سلامتنا".
- "نشاط" -
غالبًا ما يتمتع المتطوعون الذين حدّد القانون وضعهم في العام 1991، بمعرفة دقيقة بالتضاريس تعتمد عليها خدمة الإطفاء اليونانية.
وقال فرنسوا ريثوريه، عضو المنظمة غير الحكومية الفرنسية "بروميير أورجانس انترناسيونال" Première Urgence Internationale الذي جاء لتقديم المساعدة، إن من بين 50 سيارة توجهت إلى فارنافاس صباح السبت، "لم يكن هناك سوى متطوعين باستثناء الإدارة القادمة من أثينا".
وقال رجل الإطفاء المحترف "لا يتمتعون بالاستراتيجيات نفسها أو بتقنيات التدخل التي لدينا".
وأضاف "يذهبون إلى الجبال حيث الأرض وعرة جداً بسيارات للمدن"، وسلالم كبيرة على السطح.
وأكد الرجل الفرنسي أنّ "أنظمة إطفاء الحرائق، واحتياطات المياه لم تتوافر" هذا الصباح لإمداد الشاحنات والمروحيات، ما اضطر عناصر الإطفاء إلى رفع المياه من البحر، إلا أنه شدّد على أنهم "يفعلون ذلك بنشاط".
وخلال ساعتين ونصف ساعة تمت السيطرة على الحريق.
وقال يورغوس ديرتيليس "نحن مرهقون ولكن (...) عندما نرى ما قمنا به نشعر بالرضا ويمنحنا ذلك شجاعة للاستمرار".
وبعد ساعة، تلقى المتطوعون أمراً بالانتشار في جزيرة أندروس، على بعد ساعتين بالقارب شرقًا، حيث اندلع حريق في العشب الجاف.