حذّر رئيس الوزراء الصيني المسؤولين الأميركيين، الثلثاء، من أنّ السعي لـ"تسييس" القضايا التجارية سيكون "كارثياً" بالنسبة للاقتصاد العالمي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.
وتقوم وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو بزيارة إلى الصين مدتها أربعة أيام على أمل تخفيف حدة التوتر بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
لكن لدى لقائها رئيس الوزراء لي تشاينغ طرح الأخير مسألة القيود التجارية الأميركية المفروضة على بيجينغ والتي تصرّ واشنطن على أنّها ضرورية من أجل أمنها القومي فيما ترى الصين أنّ هدفها عرقلة نهوضها الاقتصادي.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن لي قوله للوزيرة الأميركية إنّ "تسييس مسائل اقتصادية وتجارية وتوسيع نطاق مفهوم الأمن بشكل كبير... يؤثر بشكل خطير على العلاقات الثنائية والثقة المتبادلة".
وأضاف أن ذلك "يقوّض أيضا مصالح الشركات وشعبي البلدين وسيترك أثرا كارثيا على الاقتصاد العالمي".
وتدهورت العلاقة بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ عقود فيما تتصدر مسألة القيود التجارية الأميركية قائمة الخلافات.
وأصدر بايدن في آب الجاري أمراً تنفيذياً يهدف إلى فرض قيود على استثمارات أميركية محددة في مجالات التكنولوجيا المتطورة الحساسة في الصين، في خطوة نددت بها بيجينغ على اعتبارها "مناهضة للعولمة".
وتستهدف القواعد المتوقّعة منذ مدة طويلة والتي ستُطبّق العام المقبل على الأغلب، قطاعات مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.
وحضّ لي الولايات المتحدة الثلثاء على تغيير سياستها، مشيرا إلى أنه يتعيّن "على الطرفين تعزيز التعاون الثنائي الذي يأتي بمنفعة متبادلة وتخفيف حدة التوتر والمواجهة ودعم التعافي الاقتصادي العالمي بشكل مشترك والتعامل مع التحديات العالمية".
وبينما استغلّ لي اللقاء لإدانة السياسية الأميركية، شدّدت ريموندو من جانبها على أهمية التواصل بشكل منفتح بين القوتين.
ونوّهت الوزيرة إلى قضايا "تثير القلق عالميا" مثل التغيّر المناخي والذكاء الاصطناعي والإدمان على الفينتانيل، مؤّكدة لرئيس الوزراء الصيني أنّ واشنطن ترغب في "العمل معكم كقوتين عالميتين للقيام بما يعدّ صحيحاً بالنسبة للبشرية جمعاء".
وأضافت "يتوقّع العالم منّا التدخّل معاً لحلّ هذه المشكلات".
كما شددت ريموندو على أن الولايات المتحدة لا تسعى لفك ارتباط اقتصادها مع الصين.
وقالت "نسعى للمحافظة على علاقتنا التجارية البالغة قيمتها 700 مليار دولار مع الصين".
وجاء في بيان نشرته وزارة التجارة الأميركية عن مجريات الاجتماع أنّ ريموندو "أكّدت على التزام الولايات المتحدة اتّخاذ الإجراءات اللازمة (لحماية) الأمن القومي الأميركي" إضافة إلى "ضمان التعامل بشكل منصف وشفّاف مع الشركات الأميركية وتأسيس أرضية متكافئة للعمال الأميركيين والأعمال التجارية الأميركية".
في وقت سابق الثلثاء، التقت ريموندو نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ ووصفت العلاقة الصينية-الأميركية بأنها "من بين الأهم" في العالم.
وقالت في جزء من الاجتماع سُمح للصحافيين بحضوره إنّ "إدارة هذه العلاقة بشكل مسؤول يعدّ أمرا حاسما بالنسبة لبلدينا وبالطبع للعالم بأسره".
وأثارت الوزيرة في محاثاتها الممارسات الصينية التجارية غير المنصفة، وفق وزارة التجارة، وشدّدت على "أهمية تعزيز حماية الأسرار التجارية للشركات الأميركية التي تنشط في الصين".
لكنّ ريموندو شدّدت على أنّ الولايات المتحدة لا تسعى "لعرقلة الاقتصاد الصيني".
ومن المقرر أن تتوجّه ريموندو في وقت لاحق الثلثاء إلى شنغاهاي، المركز الاقتصادي الأهمّ في الصين، قبل أن تغادر البلاد الأربعاء.
- "الحد من سوء الفهم" - وتنضمّ وزيرة التجارة بذلك إلى عدد من كبار المسؤولين الأميركيين الذين زاروا الصين مؤخرا، في إطار مساعي واشنطن لتحسين علاقتها مع أكبر خصم استراتيجي لها.
واستغلّت الوزيرة الزيارة لعقد محادثات صريحة مع الصينيين بشأن القيود التجارية.
والتقت الإثنين وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو واتفقا على تأسيس مجموعة عمل لتسوية النزاعات التجارية بين البلدين.
واتّفقا أيضا على إنشاء ما أطلقت عليه واشنطن "تبادل معلومات متعلقة بإنفاذ مراقبة الصادرات" الذي وصف بأنه منصة "للحد من سوء الفهم لسياسات الأمن القومي الأميركي".
لكنّ بيجينغ رسمت صورة أكثر قتامة من تلك الأميركية، مشيرة إلى أن وانغ طرح "المخاوف الجديّة" حيال القيود التجارية التي تفرضها واشنطن.
وذكرت وزارة التجارة الصينية أن هذه القيود تشمل "الرسوم الجمركية الأميركية على البضائع الصينية بموجب المادة 301 والسياسات المرتبطة بأشباه الموصلات والقيود المفروضة على الاستثمار المتبادل والدعم التمييزي والعقوبات على الشركات الصينية".
وتبرّر واشنطن السياسات بالقول إنها ضرورية "للتخلص من المخاطر" في سلاسل التوريد الخاصة بها.
لكن وانغ حذّر من أنها "تتعارض مع قواعد السوق ومبدأ المنافسة المنصفة ولن تؤدي إلا للإضرار بأمن واستقرار سلاسل التوريد والصناعة العالمية".