تستضيف كينيا، الأسبوع المقبل، مؤتمرًا مناخيًا مهمًا يهدف إلى إظهار أفريقيا كقوة محتملة في مجال الطاقة الخضراء، في أول سلسلة من اجتماعات كبيرة في هذا الصدد قبل نحو ثلاثة أشهر من انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب28".
مع ابتعاد العالم عن هدفه المتمثل في خفض انبعاثات الكربون وتعرّض مناطق عدة في العالم لظواهر مناخية عنيفة، ستهيمن رؤى متضاربة بشأن الطاقة على مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب28"الذي تستضيفه الإمارات اعتبارًا من نهاية تشرين الثاني المقبل.
قال الرئيس الكيني وليام روتو إنه يريد أن يساهم المؤتمر المناخي الأفريقي الأول، الذي تستضيفه نيروبي من الاثنين حتى الأربعاء، في "تقديم حلول أفريقية".
والهدف يتمثل في تحويل القارة معقلا الثورة العالمية في مجال الطاقة الخضراء، لكن تحقيق ذلك يستوجب تدفق تمويل ومساعدة لتغطية عبء ديونها.
وتقول نائبة المدير التنفيذي في المركز الأفريقي للتحول الاقتصادي مافيس أووسو-غيامفي إن روتو وقادة أفارقة آخرين يسعون إلى إظهار أن "أفريقيا ليست ضحية بل لاعب حاسم في حلّ أزمة المناخ العالمية".
وتشتهر أفريقيا، التي يسكن فيها نحو 1,2 مليار شخص موزّعين في 54 بلدًا، بتنوّعها السياسي والاقتصادي.
رغم ذلك، ركّز القادة الأفارقة على مجموعة من الأولويات المناخية، من تخفيف الديون والتنمية المنخفضة الكربون إلى إصلاح الهيكلية المالية العالمية، وفق أووسو-غيامفي.
ويأمل القادة بتوليد زخم لسلسلة من الاجتماعات الدولية المهمة التي تسبق انعقاد مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب28".
وتشمل هذه الاجتماعات محادثات بين دول مجموعة العشرين في الهند وانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة والاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مراكش.
وتشير أووسو-غيامفي إلى أنه في حال اتحدت أفريقيا حول مسألة ما، "يستحيل أن يتجاهل بقية العالم لذلك".
- الطاقة الخضراء -
يُتوقّع أن يشارك في مؤتمر نيروبي عدد من رؤساء دول أفريقية، بالإضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وقادة آخرين.
تسلّط مسوّدة للبيان الختامي اطّلعت عليها وكالة فرانس برس الضوء على الإمكانات الهائلة للطاقة المتجددة في أفريقيا وعلى القوى العاملة الشابة والثروات الطبيعية.
وتضمّ هذه الثروات الطبيعية 40% من الاحتياطات العالمية من الكوبالت والمنغنيز والبلاتين الضرورية للبطاريات وخلايا الوقود الهيدروجينية.
ويعتبر مدير معهد "باور شيفت أفريكا" للدراسات محمد عدو أن مؤتمر نيروبي يشكل فرصة لتحويل القارة الأفريقية إلى مكان للتصنيع بدلًا من الاستخراج ولتجاوز المنافسات بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا.
ويقول لوكالة فرانس برس "مثلما كنّا قادرين على تجاوز حقبة خطوط الهاتف الثابتة، يمكننا أن نتجاوز بشكل فعال في هذه القارة - إذا اتّحدت واستغلت هذه اللحظة المحورية التي نعيشها - الطاقة القذرة وأن نصبح قادة طاقة خضراء".
وتشمل مسوّدة الإعلان التزامًا موقتًا بزيادة إمكانات الطاقة المتجددة ثلاث مرات في جميع أنحاء القارة من 20% في العام 2019 إلى 60% في العام 2030.
وتقدّمت كينيا على جاراتها، متعهّدة أن تشكّل مصادر الطاقة المتجددة لديها 100% من مزيج الكهرباء على أراضيها بحلول العام 2030.
لكن التحديات كثيرة بالنسبة لقارة تُعدّ من الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي وحيث يعجز مئات الملايين عن الوصول إلى الكهرباء.
رغم أنها تضم 60% من أفضل موارد الطاقة الشمسية في العالم، تملك أفريقيا القدر نفسه تقريبًا من القدرات المركّبة في بلجيكا، حسبما ورد في تحليل نشره الشهر الماضي وليام روتو والمدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول.
- "تحول مشهدي" -
رحّب الخبير في المناخ والتجارة لدى معهد "إي 3 جي" للدراسات شارا تسفايي تيرفاسا بـ"تحول المشهد" بشأن التنمية الأفريقية، لكنه شدّد على ضرورة عدم الاستهانة بافتقار القارة إلى النفوذ السياسي وضعف امكاناتها المالية.
عاد التذكير بعدم الاستقرار الأمني في أفريقيا ليظهر هذا الأسبوع مع انقلاب عسكري في الغابون حدث بعد أكثر من شهر على انقلاب في النيجر.
ولا يزال العالم بعيداً من مسار اتفاق باريس الهادف إلى الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقلّ من درجتين مئويتين، وإذا أمكن 1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.
ولتحقيق هدف التحول إلى الطاقة النظيفة في الدول النامية، يحب أن تزيد الاستثمارات ثماني مرات وترتفع إلى 2 تريليون دولار سنويًا خلال عقد، وفق الوكالة الدولية للطاقة.
غير أن 3% فقط من استثمارات الطاقة العالمية حاليًا تسجل في أفريقيا.
على الصعيد العالمي، لم تفِ الدول الغنية بعد بتعهدها تقديم 100 مليار دولار سنويًا من التمويل المناخي للدول الفقيرة بحلول العام 2020، ما يؤدي إلى تآكل الثقة بأن الدول الملوِّثة ستساعد الدول الضعيفة الأقلّ مسؤولية عن ظاهرة الاحتباس الحراري على مواجهات التحديات الناجمة عن التغير المناخي.
في ظلّ ذلك، تزداد ديون الدول الأفريقية.
ويشير البنك الدولي إلى أن ثماني من الدول التسع الغارقة في مديونية حرجة في آذار كانت دولا أفريقية.