أصبحت "أولوية الانتساب"، وهي ممارسة شائعة منذ زمن طويل في الولايات المتحدة تعطي الطلاب أفضلية لدى تقديم طلبات التحاقهم بالجامعات في حال كان أحد والديهم قد درس فيها، موضع نزاع متزايد.
ومنذ عقود، تعتمد جامعات أميركية مرموقة مثل "هارفارد" و"ستانفورد" "أولوية الانتساب" أو القبول التفضيلي. لكن الانتقاد لهذه الممارسة تزايد مؤخراً مع قرار من المحكمة العليا وتحقيق لوزارة التعليم بناء إلى شكوى تهدف إلى إنهاء ما اعتبره مسؤول جامعي نظاماً "أرستقراطياً" لا يليق بدولة ديموقراطية.
ولا تضمن "أولوية الانتساب" الدخول إلى جامعة معينة، لكنها تمنح ميزة للمتقدم. ففي حال كان طلبه يتضمن سجلاً أكاديمياً قوياً، مرفقاً بعلاقة قرابة بأحد الخريجين، فهذا يمنحه أفضلية تقلب الأمور لصالحه خلال عملية القبول التي تعد تنافسية للغاية.
وعلى سبيل المثال، تشير الأرقام الى أن جامعة "هارفارد" قبلت 33 بالمئة من الطلاب المؤهلين لـ"أولوية الانتساب" بين 2014 و2019، بينما كانت نسبة القبول الإجمالية ستة بالمئة فقط.
وفي حين تواجه هذه الممارسة مزيداً من الشكاوى حالياً، يقول خبراء إن جذورها تعود إلى ممارسة مظلمة في بداية القرن العشرين، حيث سعت جامعات إلى الحد من عدد الطلاب اليهود فيها لصالح غالبية من البروتستانت.
ورأى جيمس مورفي من مركز "إصلاح التعليم الآن" أن استمرار أولوية الانتساب أمر "غير أخلاقي على الإطلاق".
وقال لوكالة "فرانس برس" إن هذه الممارسة "تتعارض بشكل كبير مع فكرة أن التعليم العالي في هذا البلد من المفترض أن يدفع التطور الاجتماعي".
لكنه أشار إلى وجود سببين يفسران استمرارها، هما "المال والامتياز".
وتخشى العديد من المؤسسات أن يتوقف الخريجون عن التبرع لها إذا توقف القبول التفضيلي لأبنائهم وبناتهم.
وبحسب مورفي، فإن بعض مجالس الأمناء متمسّكة بالتقاليد النخبوية.
- "لا يمكن الدفاع عنها"-
وأخذت عدد من المؤسسات التعليمية في السنوات الأخيرة زمام المبادرة لمعالجة هذه القضية.
وأعلنت جامعة "جونز هوبكنز" عام 2020 إلغاء القبول التفضيلي.
وقال رئيس الجامعة رون دانيالز إن هذه الممارسة "تضع علامة على الشباب الذين يتمتعون بالفعل بالعديد من المزايا بحكم ولادتهم لأبوين استفادا من التعليم الجامعي".
وأوضح أن القبول التفضيلي هو سياسة "أرستقراطية" و"لا يمكن الدفاع عنها في مجتمعنا الديمقراطي".
ومنذ إلغاء الجامعة المرموقة في بالتيمور هذه السياسة، أصبح لديها "المزيد من المساحة والفرصة لتوظيف مجموعة واسعة من الطلاب الموهوبين".
وفي حين أن هذه الانتقادات ليست جديدة في الولايات المتحدة، لكن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا هذا العام أعاد إثارة الجدل حول هذه الممارسة.
وطلبت المحكمة الأميركية العليا في حزيران من الجامعات وقف العمل ببرامج "التمييز الإيجابي" في قبول الطلاب، وهو من مكتسبات النضال من أجل الحقوق المدنية في ستينات القرن العشرين وأتاح تعزيز التنوع، لاسيما العرقي والاجتماعي، في الجامعات.
وبموجب القرار، لا يمكن للجامعات النظر في الأصول العرقية أو الاتنية للمتقدمين، ما يلغي ممارسة عزّزت الفرص التعليمية لأميركيين متحدّرين من أصول إفريقية وأبناء أقليات أخرى.
لكن رأى آخرون في الحكم فرصة لكسر التنميط، معتبرين أن "أولوية الانتساب" يمنح أفضلية للبيض والأثرياء استناداً إلى خلفيات أولئك الذين يستفيدون عادة منه.
وبعدها بأيام، تقدم محامون بشكوى ضد جامعة "هارفارد" لدى وزارة التعليم، لإلزام الجامعة الشهيرة على إنهاء هذه السياسة "التمييزية" في حال أرادت الاستمرار في الاستفادة من الأموال الفيدرالية.
ويؤكد مايكل كيبينز من منظمة "محامون من أجل الحقوق المدنية" التي قدمت الشكوى نيابة عن عدد من المنظمات، لـ"فرانس برس" "لقد قررنا أنه من المهم بالنسبة لنا أن نتحرك بسرعة كبيرة لضمان إزالة الحواجز التي تعترض التعليم العالي والتي تضر المتقدمين من ذوي البشرة الملونة".
واستهدفت الشكوى أيضاً الميزات الممنوحة للمتقدمين بطلبات القبول المرتبطين بمانحين أثرياء.
وفتحت الوزارة تحقيقاً بهذا الشأن.
وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن أيضاً هذه الممارسة قائلاً إنها توسع "الامتيازات أكثر من الفرص".
ولقيت الممارسة أيضاً انتقادات ممّن استفادوا منها، ومنهم يوني ريختمان الذي قال إنها "تمييز ايجابي لصالح الأثرياء".
أما جيمس مورفي من "إصلاح التعليم الآن"، فتوقّع أن تعلن جامعات أخرى نهاية هذه الممارسة بحلول تشرين الأول المقبل، مع تصاعد الضغط.
وتابع "لو كنت إحدى جامعات النخبة هذه (..) هل أرغب حقاً في أن أكون آخر من يتخلى عن مثل هذه الممارسة المنتقَدة؟".