أدّى الجنرال بريس أوليغي نغيما الذي أطاح بالرئيس علي بونغو قبل خمسة أيام في الغابون، اليمين الدستورية الإثنين رئيساً لـ"مرحلة انتقالية" لم تحدّد مدّتها، واعداً بإقامة "مؤسّسات أكثر ديموقراطية" وتنظيم "انتخابات حرة".
وأعلن الانقلابيون في 30 آب "انتهاء نظام" علي بونغو أونديمبا الذي كان يقود الغابون منذ 14 عاماً، بعد أقلّ من ساعة على إعلان اعادة انتخابه في 26 آب متهمين إياه بتزوير النتائج.
وغداة الانقلاب، عُيّن قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما (48 عاماً) على رأس "لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسّسات".
وأمام قضاة المحكمة الدستورية مرتدياً الزي الأحمر للحرس الجمهوري الذي كان يقوده منذ 2020، قال أوليغي نغيما "أقسم بأن أحافظ بكل إخلاص على النظام الجمهوري... وأن أصون مكتسبات الديموقراطية".
كما وعد "بانتخابات حرة" و"شفافة" في ختام المرحلة الانتقالية وتعهد بالعفو "عن سجناء رأي".
وأعلن أيضاً أنّه سيعيّن "خلال بضعة أيام" حكومة انتقالية تضمّ أشخاصاً "يتمتّعون بخبرة" وسيطلب منهم الإفراج عن "سجناء الرأي" واعادة "منفيين سياسيين".
وباستثناء شريحة من المعارضة السابقة التي لا تزال تطالب العسكريين بتسليم السلطة إلى المدنيين وتحديداً إلى مرشحها الذي حل ثانياً في الانتخابات، يبدو نغيما متمتّعاً بتأييد غالبيّة من المواطنين الذين ينزلون يوميّاً إلى الشارع تعبيراً عن تأييدهم للجيش الذي "حرّرهم من عائلة بونغو".
حكمت عائلة بونغو لأكثر من 55 عاماً هذه الدولة النفطية الصغيرة التي تعدّ من الأغنى في وسط أفريقيا، غير أن ثرواتها تبقى محصورة بيد النخبة الحاكمة التي تتهمها المعارضة والانقلابيون بـ"الفساد" و"سوء الإدارة".
انتخب علي بونغو أونديمبا (64 عاماً) عام 2009 بعد وفاة والده عمر الذي قاد البلاد لأكثر من 41 عاماً.
ووضع بونغو في الإقامة الجبرية في ليبرفيل، بينما أفاد محامو زوجته سيلفيا بونغو التي تحمل أيضاً الجنسية الفرنسية أنّ موكّلتهم محتجزة من دون أيّ تواصل مع العالم الخارجي.
- الحرس الجمهوري -
فجر الأربعاء وبعد أقل من ساعة على إعلان إعادة انتخاب بونغو رئيساً بحصوله على 65 في المئة من الأصوات، أعلن عسكريون "انتهاء النظام" في انقلاب جرى "بدون إراقة دماء". ولم يعلَن عن وقوع قتلى أو جرحى إلى اليوم.
وندّد الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وقسم كبير من العواصم الغربية بالانقلاب، غير أنّ هذه المواقف ترافقت بصورة عامة مع إشارة إلى أنّه "مختلف" عن الانقلابات الأخرى التي شهدتها القارة وطالت ثماني دول خلال ثلاث سنوات، موضحةً أنّه تلى انتخابات يُشتبه بأنّها شهدت عمليات تزوير.
ومضى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى حدّ التحدّث عن "انقلاب مؤسساتيّ" سبق الانقلاب العسكري.
في هذا الصّدد، عبّر الجنرال أوليغي عن "استغرابه" للإدانات الدولية للانقلاب.
وقال إنّ الجنود "لم يقوموا سوى باحترام قسمهم: إنقاذ الوطن وهم يجازفون بحياتهم" مضيفاً أن الجيش كان أمام "خيارين: إمّا قتل الغابونيّين الذين تظاهروا بشكل مشروع أو وضع حد لعملية انتخابية مزورة بشكل واضح، لقد قلنا لا، لن يحدث ذلك مرة أخرى أبداW في بلدنا الجميل، الغابون".
حرص أوليغي نغيما منذ الانقلاب على إجراء محادثات بصورة متواصلة مع مجمل "القوى الحية في الأمة" شملت رجال الدين وقادة الشركات والنقابات والمجتمع المدني وعدد من الأحزاب السياسية والوزراء السابقين والمنظمات غير الحكومية والديبلوماسيين والجهات الممولة والصحافيين، فدوّن خلالها ملاحظات وردّ مطوّلاً على التساؤلات والشكاوى.
- فساد -
ويؤكّد الرجل القوي الجديد في ليبرفيل أنّ مكافحة الفساد وسوء الإدارة ستكون على رأس أولوياته، فضلاً عن "النهوض بالاقتصاد" وإعادة توزيع العائدات والثروات على المواطنين.
وهو يعتزم اعتماد دستور جديد "من خلال استفتاء"، يضمن قيام "مؤسسات أكثر ديموقراطية واحتراماً لحقوق الإنسان"، مشدّداً في المقابل على وجوب "عدم التسرع".
ولا يزال حظر التجول الذي فرضه نظام بونغو مساء الانتخابات سارياً وإن عادت الحياة إلى مجراها الطبيعي بعد يوم واحد على الانقلاب.