النهار

احتجاز الأويغور في الصين: منشآت مهجورة أو مبانٍ خلف أسوار عالية
المصدر: أ ف ب
احتجاز الأويغور في الصين: منشآت مهجورة أو مبانٍ خلف أسوار عالية
شخصان من الاويغور يركبان دراجة في مدينة كاشغار بمنطقة شينجيانغ شمال غرب الصين (16 آب 2023، أ ف ب).
A+   A-
يلوّح شرطي صيني لإبعاد الصحافيين عن سجن في شينجيانغ، وهو ضمن منشآت احتجاز سبق أن استضافت أفرادا من أقلية الأويغور المسلمة، وباتت شاهدة على تحوّل سياسة بيجينغ تجاه هذه المنطقة في شمال غرب البلاد.

منذ العام 2017، أودع أكثر من مليون من الأويغور ومسلمين آخرين في هذه المعسكرات حيث كان انتهاك حقوق الانسان ممارسة يومية، وفق ما يؤكد باحثون ومنظمات حقوقية وممثلون لهذه الأقلية يقيمون خارج البلاد.

ورفضت بيجينغ هذه الاتهامات على الدوام، مؤكدة أن هذه المنشآت كانت مراكز طوعية تلقى فيها هؤلاء تدريبا على مهارات مهنية، وأقفلت منذ أعوام بعدما "تخرّج" هؤلاء منها ومضوا للبحث عن وظائف ثابتة وحياة أفضل.

ويؤكد محللون أن بعض المعسكرات تمّ إغلاقها بالفعل، في حين أن أخرى تبقى قائمة لكن بواجهة مختلفة.

ورجّح دارين بايلر، الأستاذ المساعد في جامعة سايمن فرايزر الكندية الذي يدرس أنماط الاحتجاز في شينجيانغ، أن "مئات الآلاف" من الأشخاص أرسلوا للعمل في مجمعات صناعية خاضعة لحماية مشددة، بينما لا يزال آخرون قابعين في مجمّعات تمّ تغيير أسمائها أو طبيعتها.

وفي تموز، سعت وكالة فرانس برس الى زيارة مواقع 26 معسكرا مفترضا في شينجيانغ ورد ذكرها في بحث أجراه المعهد الأوسترالي للسياسة الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث تموّله جزئيا حكومات دول غربية.

وكانت بعض المعسكرات محاطة بجدران عالية تعلوها أسلاك شائكة ومزوّدة بكاميرات مراقبة وأبراج حراسة، بينما بدت أخرى مهجورة ومهملة.

واستخدم المعهد صورا من الأقمار الاصطناعية ووثائق ومصادر أخرى لتحديد أماكن هذه المعسكرات، في بحث رفضت الصين نتائجه بشكل قاطع.

- لا صور، لا فيديو - 
وبحسب المعهد الأوسترالي، تقع ثمانية من المعسكرات في محيط مدينة آرتوش التي تقطنها غالبية من الأويغور.

وقال المعهد إن أحد هذه المعسكرات أنشئ في العام 2017 وتمّت توسعته في العام التالي. ولبلوغ هذا الموقع، انتقل ثلاثة من مراسلي وكالة فرانس برس في سيارة على طريق سريع، يتبعهم موكب من سيارات بلا أي علامات ظاهرة.

بعد القيادة لنحو ساعة، بلغ الفريق طريقا فرعية مغلقة ببوابات من الحديد تحمل شعار وزارة الأمن العام. وخلف البوابات، تمتد الطريق الى مجمع بعيد من المباني في محيط صحراوي.

وبينما فتحت البوابات للسماح بعبور بعض السيارات، أعيد إغلاقها لدى محاولة السيارة التي تقلّ فريق فرانس برس العبور. وردّاً على سؤال من أحد صحافيي الفريق، قال شرطي من الأويغور "هذا سجن، لا يمكنكم الدخول قطعا".

وشدد على أن هذه "منطقة محظورة".

وأضاف بنبرة حازمة "لا يمكن التقاط الصور الفوتوغرافية أو الفيديو"، ممتنعا بلطف عن الإجابة عن الأشخاص الموجودين في هذه المنشأة، قبل أن يضطر فريق وكالة فرانس برس لمغادرة المكان.

ولاحظت الوكالة أن ما مجموعه 10 مواقع زارتها تبدو مأهولة وناشطة، استنادا الى وجود أفراد في محطيها وإجراءات أمنية متخذة فيها. وبعض المجمعات التي غالبا ما تقع في مناطق نائية، تمتد على مساحة آلاف الأمتار المربعة، وتحميها أسوار ارتفاعها خمسة أمتار تعلوها أسلاك شائكة وأبراج مراقبة.

ولم تتمكن فرانس برس من دخول أي سجن في شينجيانغ أو تحديد هوية أشخاص احتجزوا فيها بطريقة لا تدع مجالا للشك.

- إهمال - 
وبدت خمسة مواقع وكأنها باتت غير مستخدمة. وتطابقت هذه المواقع مع توصيف المعهد الأوسترالي، لكنها كانت متروكة ومن دون أي إجراءات أمنية.

واتجه فريق فرانس برس الى مجمع سكني على مسافة نحو ساعة من مدينة كاشغر.

في الداخل، فصل جدار يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار بين صفوف من المباني السكنية المتطابقة. واستند المعهد الأوسترالي الى صور الأقمار الاصطناعية للقول إن هذا الجدار بني في 2017 لفصل أربعة أقسام من المجمع عن الأخرى.

ويرجح أنه تمّ داخل المساحة المغلقة، بناء منشآت جديدة مخصصة للمحتجزين، ولها مدخل خاص يخضع لحماية أمنية.

ووفق بحث المعهد الأوسترالي، أظهرت صور التقطت في مرحلة لاحقة أن الاجراءات الأمنية تمّ رفعها في محيط العام 2019. وتمكن فريق فرانس برس من التجول بحرية تامة في هذا الجزء من المجمع.

وشاهد الصحافيون أطفالا يلعبون كرة القدم قرب مدخل هذا الجزء حيث تمتد صفوف من السقائف الجاهزة المتهالكة. وبدت غالبية الشقق في هذا الجزء مهجورة ومقفلة، لكن يمكن رؤية أسرة بطبقتين وطاولات ومفروشات داخل بعض منها.

وللحفاظ على سلامتهم، لم يسأل الصحافيون السكان عما اذا كان تمّ استخدام أي من المباني للاحتجاز.

- "الحلم الصيني" -
في المقابل، بدا أن سبعة من المواقع تمّ تحويلها لاستخدامات مختلفة، بما فيها مبنيان على طرفَي طريق تشهد حركة خفيفة، تقع على مسافة نحو ساعة الى الجنوب الغربي من كاشغر.

وأشار المعهد الأوسترالي الى أن هذه المباني كانت تضمّ "منشأة إعادة تأهيل" باسم كوناشهر-6، لكن يعتقد أن دورها تغيّر خلال العام 2019.

وربطت طريق مغطاة بين المبنيين المحاطين بسياج معدني. وحاليا، يطابق المبنيان المطليان بالأصفر والزهري، الشكل النمطي للمدارس الصينية.

ويطل المبنيان على ملعب لكرة القدم ومضمار للجري وملاعب لكرة السلة والكرة الطائرة وكرة الطاولة. 

وكتب شعار على الجدار يحضّ الصغار على "الدراسة بجدّ... لتحقيق الحلم الصيني"، وهي عبارة لطالما ردّدها الرئيس شي جينبيغ.

وعلى غير العادة، تواجد على مقربة من الملاعب الرياضية كشك للشرطة، لكن من غير الواضح ما اذا كان يؤوي عناصر. 

وزارت فرانس برس المكان خلال العطلة الصيفية، ولم يكن أي تلميذ حاضرا.

لكن في مواقع أخرى حددها المعهد الأوسترالي، شاهد فريق الوكالة مراهقين يزاولون كرة القدم ورياضات غيرها. وحملت أماكن أخرى علامات على تخصيصها لغايات مختلفة، مثل مراكز تدريب لمسؤولي الحزب الشيوعي الحاكم.

وعلى بعد كيلومترات الى الجنوب الشرقي من كاشغر، أحاطت جدران يبلغ ارتفاعها خمسة أمتار تعلوها أسلاك كهربائية، بقرية زراعية هادئة.

وظهرت بجوار الجدار أكوام من مخلفات البناء، الا أن النظر عبر إحدى بوابات الدخول يظهر مباني ومروجا تم الحفاظ عليها بشكل جيد.

وأكد حارس أمن أن الموقع كان مركز احتجاز لكن "كل من كانوا في داخله غادروا".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium