بدأت المحكمة العليا الإسرائيلية، الثلثاء، النظر في التماسات تعارض إقرار بند رئيسي من الإصلاح القضائي الذي يحد من صلاحية القضاء لإلغاء قرارات حكومية.
عقدت المحكمة العليا جلسة استثنائية في حضور كامل هيئتها القضائية المكونة من 15 قاضيا للنظر في ثمانية طعون مقدمة ضد بند "حجة المعقولية" ضمن المشروع الإصلاحي الذي أقره البرلمان في تموز الماضي. وهو ما يقول المعارضون إنه يمهد الطريق للحكم الاستبدادي.
منذ أعلنت الحكومة الإسرائيلية مشروع الإصلاح القضائي مطلع كانون الثاني تشهد إسرائيل واحدة من أكبر الحركات الاحتجاجية في تاريخها.
وتظاهر أكثر من مليون شخص مساء الاثنين أمام المحكمة العليا في القدس ضد مشروع الإصلاح هاتفين "ديموقراطية! ديموقراطية!".
ويتظاهر معارضو الإصلاحات مساء كل سبت في تل أبيب خصوصا، وفي مدن إسرائيلية عدة.
وقالت رئيسة المحكمة العليا إستير حايوت إن هناك ثمانية التماسات قدمت ضد التشريع الذي يحد من "حجة المعقولية".
وقالت حايوت مخاطبة محام يمثل البرلمانيين الذين أقروا البند "من الواضح أنك تعتقد أن واجب التصرف بشكل معقول ينطبق على الحكومة ووزرائها. لكن من يتأكد من أنهم يفعلون ذلك بالفعل؟".
قال النائب سيمحا روثمان الذي طرح التعديل في البرلمان "إن جلسة الاستماع كانت فاشلة في حد ذاتها"، وتساءل "لماذا نحتاج حتى إلى إجراء قانوني أو حكم من شأنه أن يضر بروح الديموقراطية؟"
واشار روثمان الى انه "على مدى سنوات، وفي عملية تدريجية من الحجج القانونية المعقدة، منحت المحكمة الإسرائيلية لنفسها سلطات غير مسبوقة"معتبراً "أنه لا يوجد مبرر للمحكمة للبت في أداء الحكومة".
اما المحامي أنير هيلمان فحث المحكمة على تأييد الالتماسات وقال إن الإصلاحات تسببت "بأضرار جسيمة لجوهر الديموقراطية في إسرائيل".
وتحدث عن "ثغرة معيارية سوداء في النظام القانوني الإسرائيلي... الضرر موجود".
- المحكمة تحمينا - وقال المحامي إيلان بومباخ الذي يمثل الحكومة للصحافيين إنه "إذا تدخلت المحكمة في القوانين الأساسية فإننا لن نعود نفس الدولة الديموقراطية التي اعتدنا أن نكون عليها".
لكن المتظاهرة باتيا كوهين قالت "إن الحكومة هي التي تسعى في الواقع إلى تدمير الديموقراطية في إسرائيل".
وقالت كوهين (63 عاما) التي جاءت من مدينة حيفا إلى القدس "هذا هو بلدي الوحيد، ولدي أبناء وأحفاد وأنا أناضل من أجلهم"، مضيفة أن "الحكومة تريد أن تكون فوق القانون، لذا فإن المحكمة الوحيدة هي التي تحمينا منهم".
وقال زعيم المعارضة يائير لبيد على صفحته في فيسبوك إن "تعديل القانون الأساسي الذي ستتم مناقشته في المحكمة اليوم ليس قانونا أساسيا، إنه وثيقة غير مسؤولة".
وتؤكد الحكومة الائتلافية التي تضم أحزابا من اليمين واليمين المتطرف وتشكيلات يهودية متشددة، أن الإصلاحات تهدف إلى تصحيح حالة من عدم التوازن بين السلطة القضائية والبرلمان المنتخب.
ومن جهته قال وزير العدل ياريف ليفين، المهندس الرئيسي للإصلاحات القضائية، إن جلسة الثلثاء "ضربة قاتلة للديموقراطية لأن المحكمة تدرس للمرة الأولى إلغاء ما يسمى بالقانون الأساسي".
وقال في بيان إن "المحكمة التي يختار قضاتها أنفسهم خلف أبواب مغلقة ومن دون بروتوكول، تضع نفسها فوق الحكومة والبرلمان والشعب والقانون... هذا يتعارض تمامًا مع الديموقراطية. ويعني أن المحكمة ليس لديها ضوابط وتوازنات. إنها حاكم واحد".
وتثير هذه الإصلاحات القضائية قلق الولايات المتحدة أيضا.
-لا سلطة للمحكمة - وأعرب أنصار الحكومة الذين تجمعوا أيضا خارج المحكمة عن دعمهم للتعديل ولنتنياهو.
وقال ديفيد كوزلوفسكي (31 عاما) وهو من سكان القدس لوكالة فرانس برس "أعتقد أن قضاة المحكمة العليا بحاجة إلى القول إننا لا نملك سلطة التدخل في القوانين الأساسية".
وأضاف "آمل أن تتمكن الحكومة من إجراء الإصلاح الديموقراطي في المحكمة العليا وكذلك الإصلاحات الاقتصادية التي تعتبر بالغة الأهمية لإسرائيل".
ولم توضح المحكمة عدد جلسات الاستماع اللازمة أو موعد توصل القضاة إلى قرار نافذ.
ولا يوجد في إسرائيل دستور أو مجلس أعلى في البرلمان، وقد تم وضع بند "حجة المعقولية" للسماح للقضاة بتحديد ما إذا كانت الحكومة قد تجاوزت سلطاتها.
واستخدمت المحكمة العليا هذا الإجراء في حكمها على أرييه درعي، حليف نتنياهو، بمنعه من تولي حقيبة وزارة المالية والمشاركة في الحكومة بسبب إدانته بالتهرب الضريبي.
ويتّهم معارضون نتنياهو الذي يحاكم بتهم فساد ينفي ضلوعه فيه، بالسعي من خلال التعديلات إلى تجنّب صدور إدانات قضائية بحقه.