من أزمة الحبوب إلى التوتر مع وارسو وانتقاد استراتيجيته العسكرية تتراكم الصعوبات بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يسعى من نيويورك إلى واشنطن لضمان استمرار الحصول على مساعدات غربية في حربه ضد روسيا.
بعد مرور أكثر من 18 شهراً على بدء الغزو الروسي، يخشى فولوديمير زيلينسكي أن يكون الرأي العام في أوروبا والولايات المتحدة قد سئم هذه الحرب. في ما يأتي نظرة عامة على ما يواجهه دبلوماسيّاً.
- بطء -
يصطدم الهجوم الأوكراني المضاد بخطوط الدفاع الروسية المحصنة. والأمل في تحقيق خرق سريع لا ينسجم مع التحليل ولا مع الوقائع. ولذلك فإنّ الدعم الغربي يجب أن يستمر.
وقال مارغو غروسبرغ رئيس الاستخبارات الإستونية لموقع "ذي انسايدر" انه "من المحتمل جدا أن تأخذ روسيا الوقت الكافي للحفر بشكل أعمق وبناء تحصينات جديدة استعداداً للربيع".
وقال الجنرال الأوسترالي المتقاعد مايك راين: "من الواضح حتى بالنسبة لأكثر المؤيدين لأوكرانيا حماسة أن هذه حرب يرجح أن تستمر حتى 2024 وربما 2025".
وأضاف: "حتى لو كانت أوكرانيا في وضع استراتيجي أفضل اليوم ممّا كانت عليه في كانون الأوّل 2022 فإنّ مفهوم النجاح (أو الفشل) في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى لا يقل أهمية".
- اختبار واشنطن -
بعد الدفاع عن قضيته أمام الأمم المتحدة في نيويورك، وصل زيلينسكي إلى واشنطن الخميس للتأكد من استمرار الدعم الأميركي خصوصاً في حال فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية عام 2024.
ذكر راين بأنّه في الكونغرس "قبل عام دعت العديد من مجموعات المصالح لخفض المساعدة لكييف أو وقفها" بحجة التوترات مع الصين والتلويح بالانعزالية.
واللّقاء على انفراد بين الرئيس الأوكراني والرئيس الجمهوري لمجلس النواب كيفن مكارثي، سيكون صعباً. وقال مكارثي الثلثاء: "لدي أسئلة له. هل يمكنه تقديم تبريرات حول الأموال التي أنفقناها حتى الآن؟ ما هي الاستراتيجية لتحقيق النصر؟".
وأوضح إيفان كليشتش من المركز الدولي للدّفاع والأمن في إستونيا لـ"وكالة فرانس برس" أن "دبلوماسية عامة وذكية قد تساعد" مع الحزب الجمهوري "لكن لها حدوداً". وأضاف: "سيستمر الاتجاه نحو اعتماد أكبر على أوروبا".
- توترات مع وارسو -
هذا الملف يتعقد أيضا بدءاً بالتوترات مع بولندا التي تمر عبرها المساعدات العسكرية الغربية.
والأربعاء استدعت وارسو السفير الأوكراني "بشكل عاجل" للاحتجاج على تصريحات الرئيس زيلينسكي في الأمم المتحدة بعد إعلانه أنّ "بعض الدول تظهر تضامناً من خلال دعم روسيا بشكل غير مباشر".
لكن بالنسبة لإيفان كليشتش فإن "حلقات انعدام الثقة المتبادلة هذه لم تغير المسار العام للأمور" بين البلدين. وأضاف: "تنظر كييف إلى بولندا كشريك أساسي وتريد وارسو تجنب هزيمة أوكرانية".
- الخلاف حول الحبوب -
منذ شباط 2022، كانت الدول المجاورة لكييف أساسية لنقل الحبوب الأوكرانية إلى أفريقيا والشرق الأوسط، وواجهت تدفّقاً للحبوب بعد رفع الرسوم الجمركية في الاتحاد الأوروبي.
وبسبب الصوامع الممتلئة وانهيار الأسعار المحلية، أصدر العديد منها قراراً بفرض حظر أحادي في الربيع، ثم وافقت بروكسل على القيود بشكل موقّت. لكن المفوضية قرّرت للتو عدم تجديد الاتفاق، الأمر الذي أثار غضب الدول المعنية.
وردّاً على ذلك، أعلنت أوكرانيا الاثنين تقديم شكوى أمام منظمة التجارة العالمية ضد الدول الثلاث التي مدّدت الحظر وهي بولندا وسلوفاكيا والمجر.
- تناقضات -
في الأثناء يتعزّز المعسكر المطالب بفتح مفاوضات مع موسكو.
في آب اقترح ستيان جنسن مدير مكتب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن أوكرانيا قد تتنازل عن أراض مقابل عضوية الناتو. وقال ستولتنبرغ "الأوكرانيون فقط هم أصحاب القرار في ما يرونه الحل المقبول".
ويؤكد المحللون أن كل خلاف في الغرب يخدم مصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يرى أن الوقت إلى جانبه في حرب الاستنزاف هذه.
وغردت تيريزا فالون مديرة مركز الأبحاث CREAS في بروكسل الخميس تعليقاً على الأزمة مع وارسو: "ربما كان التواصل مع كييف (وراء الأبواب المغلقة) أمراً أفضل تفادياً لمثل هذه العناوين في الصحف".
وأضافت: "لا شكّ أنّ الدعاية الروسية ستستفيد من ذلك".