النهار

دخول نحو خمسة آلاف لاجئ من ناغورني كارباخ إلى أرمينيا... وإردوغان يلتقي علييف
المصدر: "أ ف ب"
دخول نحو خمسة آلاف لاجئ من ناغورني كارباخ إلى أرمينيا... وإردوغان يلتقي علييف
كارباخ.
A+   A-
دخل ما يقرب من خمسة آلاف لاجئ من ناغورني كارباخ إلى أرمينيا الاثنين، فيما وصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى جيب ناخيتشيفان الأذربيجاني على مسافة مئات الكيلومترات فقط للقاء نظيره الأذربيجاني إلهام علييف.

وقالت الحكومة الأرمينية في بيان "حتى ظهر 25 أيلول، دخل 4850 نازحًا قسريًا إلى أرمينيا من ناغورني كارباخ".

بعد ظهر الأحد، دخلت مجموعة أولى من اللاجئين الفارين من ناغورني كارباخ، أرمينيا. ووصل بضع عشرات من سكان هذه المنطقة، معظمهم نساء وأطفال ومسنون، إلى مركز إيواء أقامته الحكومة الأرمينية في كورنيدزور عند الحدود الأرمينية-الأذربيجانية.
 
واتّهمت موسكو الاثنين أرمينيا بالسعي لقطع العلاقات الثنائية بعدما اتّهمت يريفان قوات حفظ السلام الروسية بالفشل في منع هجوم عسكري أذربيجاني في منطقة ناغورني قره باغ الأسبوع الماضي.

وقالت الخارجية الروسية إن "القيادة في يريفان ترتكب خطأ كبيراً عبر محاولتها المتعمدة تدمير العلاقات متعددة الأوجه والعائدة إلى قرون مع روسيا وجعل البلاد رهينة لألاعيب الغرب الجيوسياسية".

"أيام فظيعة" 
في مدينة غوريس، يعجّ المركز الإنساني الذي أُقيم في مبنى مسرح البلدية باللاجئين منذ مساء الأحد، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.

طيلة الليل، تدفّق لاجئون ليسجّلوا أسماءهم وللعثور على مسكن أو وسيلة نقل باتجاه مناطق أخرى في أرمينيا.

وصلت أنابيل غولاسيان (41 عامًا)، المتحدّرة من قرية ريف، للتوّ إلى غوريس في حافلة صغيرة مع خمسة من أبنائها السبعة فيما بقي الاثنان الآخران في يريفان مع زوجها.

عندما بدأ القتال الأسبوع الماضي في ناغورني كارباخ، لجأت غولاسيان وأسرتها إلى القاعدة الروسية في مطار ستيباناكيرت "عاصمة" ناغورني كارباخ، لكنهم طُردوا منها بعد ليلتهم الأولى فيها، وانتقلوا إلى مبنى مهجور وغير مسقوف.

وتقول لوكالة فرانس برس "كانت أيامًا فظيعة، كنّا نجلس جنبًا إلى جنب. أغنياء وفقراء، كلّنا في المكان نفسه".

تنتظر المرأة الأربعينية مع أسرتها أمام المركز الإنساني، وإلى جانبها بعض مقتنياتها.

وتضيف "كان الوضع سيئًا جدًا، لذلك تواصلنا مع رئيس إدارة قريتنا وسألناه إذا كان بامكاننا الرحيل. قال +نعم لكن إذا ذبحكم الأتراك (وهي التسمية التي يعتمدها كثيرون للإشارة إلى الأذربيجانيين) لن نتحمّل المسؤولية+".

"ليس لدي مكان أذهب إليه" 
تضم فالنتينا أسريان (54 عامًا)، التي كانت تسكن في بلدة فانك، أصغر أحفادها بحرارة بين ذراعيها، وجنبها باقي أحفادها، قائلة "من كان يظنّ أن الأتراك سيدخلون هذه القرية الأرمينية التاريخية. إنّه أمر لا يُصدّق".

وتضيف "الآن أصبح الأتراك هناك، يقيمون في (فندق) تايتانيك (المحلي). قصفوا القرية، كان هناك جرحى، قُتل زوج أختي. كنّا في الملاجئ، أي فعليًا أقبية منازلنا، ونُقلنا إلى المطار في اليوم التالي".

وتشير إلى أنه تمّ توفير حافلات لإعطاء الأولوية لإجلاء الأشخاص الذين خسروا منازلهم على غرارها.

وتتابع "ليس لديّ أقارب هنا، ولا أي مكان أذهب إليه".

وستتكفّل الدولة الأرمينية بإقامتها في فندق في مدينة غوريس.

وأعلنت سلطات ناغورني كارباخ الأحد أن المدنيين الذين شردتهم أعمال العنف الأخيرة سينقلون إلى أرمينيا بمساعدة جنود حفظ سلام روس ينتشرون في المكان منذ الحرب السابقة بين الطرفين في العام 2020.

وتعهدت أذربيجان السماح للمتمردين الذين يستسلمون الانتقال إلى أرمينيا.

ويخشى كثيرون أن يفر السكان المحليون بأعداد كبيرة فيما تعزز القوات الأذربيجانية سيطرتها.

إضافة إلى القلق المهيمن على سكان ناغورني كارباخ البالغ عددهم نحو 120 ألفا، يبقى الوضع الإنساني صعبا أيضا.

وقال أحد مراسلي وكالة فرانس برس إن "العاصمة" ستيباناكيرت المحاصرة من قبل القوات الأذربيجانية، محرومة من الكهرباء والوقود فيما يعاني سكانها من نقص في المواد الغذائية والأدوية.

لقاء إردوغان علييف
 
قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يزور جيب ناختشيفان الأذري، اليوم الاثنين إنّ انتصار أذربيجان في الهجوم الذي شنّته الأسبوع الماضي في منطقة كراباخ يفتح نافذة لفرصة التطبيع في المنطقة.

وأضاف إردوغان، متحدّثاً إلى جانب نظيره الأذربيجاني إلهام علييف بعد مراسم وضع الأساس لخط أنابيب غاز من ناختشيفان إلى منطقة إغدير التركية، أنّه يأمل أن تتخذ أرمينيا "خطوات صادقة" لاغتنام هذه الفرصة لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.

وتابع أنّ نجاح أذربيجان في عمليّة كراباخ مصدر فخر لتركيا، وهنّأ الجيش الأذربيجاني على إظهار "حس المسؤولية" تجاه المدنيين في المنطقة.
 
من جهته، أّكد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الاثنين خلال لقاء مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أنّ حقوق الأرمن في ناغورنو كراباخ ستكون "مضمونة".

وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع إردوغان إنّ "سكان ناغورنو كراباخ، بغضّ النظر عن انتمائهم الإتني، هم مواطنون أذربيجانيون. وستضمن الدولة الأذربيجانية حقوقهم".
 
في هذا الإطار، من المقرر أن يشارك الرئيسان التركي والأذربيجاني في مراسم وضع الحجر الأساس في خط جديد لنقل الغاز وتدشين مجمع عسكري أذربيجاني في جيب ناخيتشيفان الواقع بين أرمينيا وإيران والذي الحق بأذربيجان في العام 1923 من دون أن يكون متصلا جغرافيا بباكو.

ويتناقض الموقف التركي مع انسحاب روسيا الظاهر من المنطقة فيما يرى بعض الخبراء أن الرئيس علييف يعتبر أن ضم ممر زانغيزور الأرميني على طول الحدود مع إيران سيسمح بإقامة التواصل الجغرافي حتى ناخيتشيفان ومع تركيا كذلك.

وفيما يواجه تظاهرات مناهضة منذ الثلاثاء، ألقى رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان باللوم وإن ضمنا على روسيا، لعدم دعمها أرمينيا بعد انتصار الجيش الأذربيجاني على الانفصاليين الأرمن في ناغورني كارباخ.

وقال عبر التلفزيون "تبين أن الأنظمة الأمنية الخارجية التي تنخرط أرمينيا في إطارها غير فاعلة لحماية أمنها ومصالحها" في إشارة شبه مبطنة إلى العلاقات مع موسكو الموروثة من الحقبة التي كانت فيها أرمينيا إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

الاثنين، رفض الكرملين على لسان الناطق باسمه دميتري بيسكوف هذه الانتقادات، قائلًا "نحن نرفض بشكل قاطع كل المحاولات لتحميل المسؤولية للجانب الروسي وقوات حفظ السلام الروسية (في ناغورني كارباخ) التي تتصرف ببسالة" رافضًا أي "مآخذ" عليها أو اتهامها بالتقصير.

وأضاف "تبقى أرمينيا حليفتنا وحكومتها قريبة منا وشعبها قريب منّا"، لافتًا إلى أن "الحوار" بين موسكو ويريفان مستمرّ على عدّة مستويات دبلوماسية "خصوصًا في هذه الأيام الصعبة".

وأكّد أن روسيا ستستمر في "تأدية واجباتها" ولا سيّما في "ضمان احترام حقوق سكان كارباخ".

رغم أجواء الأزمة، سيعقد اجتماع مقرر بين علييف وباشينيان منذ فترة طويلة في إسبانيا في الخامس من تشرين الأول، على ما أعلنت السلطات الأرمينية.

وسيحضر الاجتماع كذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium