النهار

الجريمة ترتفع في واشنطن... انقسام بين السياسيّين وحيرة لدى الباحثين
المصدر: أ ف ب
الجريمة ترتفع في واشنطن... انقسام بين السياسيّين وحيرة لدى الباحثين
مبنى الكابيتول في واشنطن (26 ايلول 2023، أ ف ب).
A+   A-
تتزايد أعمال العنف في العاصمة الأميركية، حيث أدى ارتفاع جرائم القتل بنسبة 28 بالمئة هذا العام إلى إرباك الباحثين، فيما يتبادل السياسيون توجيه الاتهامات ومنهم من يوجهها إلى الشرطة.

وبينما ما زالت واشنطن بعيدة كل البعد عن أيام كان يُشار فيها إليها على أنها "عاصمة الجريمة" في الولايات المتحدة، في ظل انتشار المخدرات في التسعينيات، فإن ارتفاع جرائم العنف في المدينة يثير الذعر بين السكان ويخلق حالة من الانقسام بينهم.

كذلك، لقي بعض عمليات القتل صدى مروعًا. وبين الضحايا فتاة عمرها 10 سنوات ماتت برصاصة طائشة في عيد الأم، ومهاجر أفغاني فر من بلاده بعد سيطرة طالبان ليُقتل بالرصاص أثناء عمله سائقًا.

وما يثير حيرة الباحثين هو أن معدل جرائم القتل في واشنطن قفز بينما شهد تراجعًا في المدن الرئيسية الأخرى في الولايات المتحدة. ليس هذا فحسب، بل تضاعف كذلك عدد عمليات سرقة السيارات بقوة السلاح في المدينة، بحسب أرقام الشرطة. 

- حالة غريبة -
يقول ريتشارد روزنفيلد، عالم الجريمة في جامعة ميزوري سانت لويس، إن العاصمة واشنطن تعتبر حالة شاذة في ما يتعلق باتجاهات جرائم القتل، عند مقارنتها بمدن مثل نيويورك أو فيلادلفيا أو شيكاغو أو بالتيمور. ويضيف روزنفيلد أن التفسير وراء ارتفاع الجريمة "ما زال غامضا إلى حد ما". 

في هذه الأثناء، يطرح جوزف ريتشاردسون، الأستاذ في جامعة مريلاند والذي يدرُس برامج الوقاية من العنف في واشنطن، عدة نظريات. ويقول لوكالة فرانس برس "يمكننا التكهن بحدوث عدة أمور"، بما في ذلك التغيير الأخير في قيادة الشرطة. كذلك يعتقد أنه يتم التقليل من شأن ارتباط عدد كبير من حوادث إطلاق النار بتجارة المخدرات.

الفرضية الأخرى المطروحة هي زعزعة الاستقرار الناجمة عن التطوير العقاري الذي أدى إلى إخراج المستأجرين الفقراء من بعض الأحياء. ففي الولايات المتحدة، حيث خطوط الفقر موزعة غالبا على أسس عنصرية، كثيرا ما يتم اقتلاع الأميركيين السود من مناطق سكنهم.

لكن بعض الحجج التي طرحتها السلطات والسياسيون، مثل عدم وجود عدد كاف من رجال الشرطة، أو أن ثلثي الموقوفين لا يحاكمون، لا تقنع روزنفيلد، علمًا أن واشنطن ليست المدينة الوحيدة في الولايات المتحدة التي تنتشر فيها الأسلحة بأعداد كبيرة. 

بدلاً من ذلك، يقول روزنفيلد "يبدو أن واشنطن تعافت من الاضطرابات الناجمة عن الوباء بشكل أبطأ من العديد من المدن الأخرى"، تاركة مناطق معينة كانت ذات يوم "مزدحمة بالمشاة ... فارغة نسبيًا نتيجة لذلك". 

- ملاذ للجريمة - 
المدينة اليوم بعيدة كل البعد عما كانت عليه في الثمانينيات والتسعينيات، عندما كانت مساحات كاملة من واشنطن تعد خطرة. وما زال السياح الأجانب والمحليون يتدفقون على شوارع المدينة المليئة بالأزهار، ويمكن للعديد من السكان الاستمتاع بنوعية الحياة العالية فيها وسهولة الوصول إلى المرافق والخدمات وأماكن الترفيه. 

ومع ذلك، فقد تغيرت الأمور بما يكفي لتغيير عادات بعض سكان واشنطن، مثل أولئك الذين يتجنبون حاليًا الذهاب إلى محطات الوقود ليلاً، خوفاً من سرقة سياراتهم. 

حتى أن القسم القنصلي في سفارة المكسيك نشر بيانا على وسائل التواصل الاجتماعي يحذر فيه من أن المدينة "تشهد زيادة كبيرة في الجريمة في مناطق كانت تعتبر آمنة في السابق". 

كذلك، توجه أحد المطاعم في واشنطن إلى موقع إكس لطلب المساعدة لأن الزاوية التي يقع فيها صارت "ملاذا للجريمة والتحرش". 

- عدم اكتراث - 
صارت المناقشات حول سبب ارتفاع الجريمة وما يجب فعله حيال ذلك من القضايا السياسية الساخنة في بلد صدمت فيه وحشية الشرطة العالم في بعض الأحيان. 

ودعت باميلا سميث، التي تم تعيينها رئيسة لشرطة العاصمة هذا الصيف، إلى "نهج حكومي شامل" في وقت "يبدو أن هناك ارتفاعًا في عدد الأحداث الذين يرتكبون بعض هذه الجرائم". 

وفي الوقت نفسه، أثار عضو مجلس المدينة ترايون وايت عاصفة عندما دعا إلى نشر الحرس الوطني. 

وفي آذار، استدعى الجمهوريون في الكونغرس مسؤولي المدينة لجلسة استماع، متهمين سلطات المدينة وغالبية أعضائها من الديموقراطيين بأنها "متساهلة مع الجريمة". 

لكن جادا، وهي حارسة أمن سوداء تبلغ 28 عامًا تعمل في وسط المدينة وفضلت عدم ذكر اسم عائلتها، تساءلت عما إذا كان السياسيون والسلطات يكترثون بالفعل للجرائم التي تحدث في المدينة. 

وقالت لوكالة فرانس برس "معدلات جرائم القتل، أشعر بأنها في الغالب جرائم بين السود. ولأنها جرائم بين السود أو من هم من أصل أميركي لاتيني، لا أشعر بأنهم يكترثون لها. أشعر بأنهم يقفون متفرجين ويدعونها تحدث".

ولكن سواء اكترثوا للأمر أم لا، فإن عمليات القتل لا تتوقف. يوم الاثنين، في جنوب غرب المدينة، حيث تعيش جادا، قُتل مراهق آخر في إطلاق نار.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium