اتهمت أرمينيا أذربيجان بارتكاب "تطهير عرقي" و"جرائم ضد الإنسانية" في ناغورنو- كراباخ، في أعقاب عملية عسكرية شنّتها قوات باكو وانتهت باستسلام الانفصاليين الأرمن في الإقليم.
وتواصل نزوح السكان الأرمن بشكل جماعي من الإقليم الجمعة، غداة الإعلان عن حلّ الجمهورية الانفصالية المعلنة من جانب واحد، وعلى الرغم من دعوات أذربيجان لهم للبقاء.
- ما هو "التطهير العرقي"؟ -
نشأت العبارة خلال حروب البلقان في التسعينات من القرن الماضي.
وحددت لجنة الخبراء التي أنشأها قرار لمجلس الأمن الدولي وأوكل إليها بحث الانتهاكات المبلغ عنها للقانون الانساني الدولي في يوغوسلافيا السابقة، التطهير العرقي على أنه "سياسة هادفة تصمّمها مجموعة عرقية أو دينية واحدة لإزالة السكان المدنيين التابعين لجماعات عرقية أو دينية أخرى من مناطق جغرافية محددة، وذلك بأساليب عنيفة وتبعث على الرعب".
وأشار الخبراء الى أن الأساليب المستخدمة قد تشمل القتل، التعذيب، الاعتقال التعسفي، الاغتصاب، الترحيل، والهجمات المتعمدة على المناطق المدنية، والقابلة للتنصيف كجرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية.
وعادة ما يتمّ الخلط بين التطهير العرقي والإبادة الجماعية.
وفي حين أن الإبادة الجماعية هي محاولة القضاء على مجموعة معينة بناء على الجنسية أو العرق أو الاثنية أو الدين، يرتبط التطهير العرقي بمحاولة إزالة مجموعات معيّنة من أراضٍ معينة.
- ماذا في القانون الدولي؟ -
لا يعدّ القانون الدولي التطهير العرقي جريمة قائمة بذاتها، ولا يوجد تعريف له متعارف عليه دوليا.
لم يرد ذكر التطهير العرقي في معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي والتي تعنى بالنظر في أخطر الجرائم التي تطال البشر، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية وجرائم العدوان.
الا أن العديد من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي تتطرق الى التطهير العرقي، وأولها القرار 771 بشأن حرب البوسنة الصادر في آب 1992.
- أين وقع التطهير العرقي؟ -
في ما يلي أبرز حالات التطهير العرقي المفترضة بعد الحرب العالمية الثانية:
- بعد تفكك يوغوسلافيا في مطلع التسعينات، وجهت اتهامات الى القادة الصرب بالتطهير العرقي بهدف إقامة "صربيا الكبرى" خلال حروب البلقان. وجرى إبعاد أكثر من مليون من غير الصرب خلال حرب البوسنة (1992-1995).
كما اتهم الجيش الكرواتي وقوات كروات البوسنة بالتطهير العرقي خلال حرب البوسنة وحرب كرواتيا (1991-1995).
- اتهمت مليشيات "الجنجويد" التي استعان بها نظام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير في دارفور، بالتطهير العرقي خلال النزاع في هذا الإقليم الذي اندلع اعتبارا من 2003.
وتقدّر الأمم المتحدة بأن النزاع الذي استمر زهاء عقدين، أدى الى مقتل 300 ألف شخص وتهجير 2,5 مليونين، وتخللته أعمال نهب وقتل واغتصاب وحرق قرى.
- في 2017، اتهمت بورما بتنفيذ تطهير عرقي بحق الروهينغا في أعقاب حملة قمع عسكرية أدت الى نزوح واسع النطاق لأفراد هذه الأقلية المسلمة الذين تحدثوا عن وقوع أعمال قتل واغتصاب وحرق من قبل عسكريين وعصابات.
- ماذا جرى في كراباخ؟ -
اتهمت أرمينيا أذربيجان أمام مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، بارتكاب "تطهير عرقي" و"جرائم ضد الإنسانية" في كراباخ بعد عمليتها العسكرية. ونفت باكو الاتهامات، مؤكدة رغبتها في إعادة دمج سكان الإقليم، وغالبيتهم من الأرمن، كمواطنين يتساوون في الحقوق مع الأذربيجانيين.
وفي ظل القيود المفروضة على دخول الصحافيين الى ناغورنو- كراباخ، تعوّل وسائل الإعلام بشكل أساسي على شهادات الفارين عبر الحدود الى أرمينيا لمحاولة تبيان ما اذا كان خروجهم تمّ بمحض إرادتهم أو بالإكراه.
وأشار العديد من السكان الذين التقتهم وكالة فرانس برس، الى أن سلطات الإقليم الانفصالية طلبت منهم المغادرة قبل دخول القوات الأذربيجانية الى بلداتهم وقراهم، في حين قال آخرون إنهم لم يقدروا على تحمّل فكرة العيش تحت سلطة أذربيجان.
وقال الباحث في معهد العلوم السياسية في فرنسا بيرم بالجي لفرانس برس إنّ العديد من الفارين أقدموا على ذلك بسبب التاريخ المرير بين الأذربيجانيين والأرمن بين حربين خاضتهما باكو ويريفان بسبب كراباخ.
وخرجت أذربيجان خاسرة في الحرب الأولى مطلع التسعينات، والتي راح ضحيتها نحو 30 ألف شخص، وأرغمت الآذريين على الفرار من كراباخ وأرمينيا، والأرمن على الفرار في الاتجاه المعاكس.
ورغم انتهاء الحرب الثانية في خريف 2020 بتفوق أذربيجاني، يخشى العديد من الأرمن أن الآذريين ما زالوا يرغبون في الثأر لهزيمتهم في الحرب الأولى.