توصل سفراء دول الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعهم الأربعاء في بروكسيل، الى اتفاق حول نص رئيسي لإصلاح سياسة الهجرة في أوروبا، متغلبين على التحفظات الإيطالية، قبل انعقاد قمة التكتل الجمعة في إسبانيا.
يهدف القانون الذي تجري مناقشته إلى تنسيق استجابة مشتركة في حال تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي، كما حدث أثناء أزمة اللاجئين 2015-2016، مما يسمح خاصة بتمديد مدة احتجاز المهاجرين على الحدود الخارجية للتكتل.
وسيتعين الآن التفاوض على النص الذي أعلنته الرئاسة الاسبانية للتكتل، مع أعضاء البرلمان الأوروبي.
واجه النص، وهو الجزء الأخير من "ميثاق اللجوء والهجرة" الأوروبي والذي يتطلب موافقة الدول الأعضاء، اعتراضات من ألمانيا لعدة أشهر، لأسباب إنسانية.
وتم التوصل أخيرًا إلى توافق في نهاية أيلول، مما جعل من الممكن الحصول على موافقة برلين، لكن إيطاليا أعربت بعد ذلك عن عدم موافقتها.
وتركز رفضها على دور المنظمات غير الحكومية في إنقاذ المهاجرين، بحسب مصادر دببلوماسية، وتتهم روما برلين بتمويل العديد من منظمات الإغاثة غير الحكومية في المتوسط.
وطالبت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني الأسبوع الماضي بأن تقوم المنظمات غير الحكومية التي تنقذ المهاجرين في المتوسط، بإنزالهم في البلدان التي ترفع أعلامها على السفن التي تستخدمها.
وتم التفاهم أخيراً على صياغة هذه النقطة ما سمح بنيل النص دعم كل من إيطاليا وألمانيا.
والأربعاء، امتنعت كلّ من النمسا وسلوفاكيا وتشيكيا عن التصويت، وعارضته بولندا وهنغاريا، وفقا لمصدر ديبلوماسي.
وعلق وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بالقول "إنها نتيجة إيجابية للغاية، نجاح لإيطاليا. عندما تقرر أوروبا، عليها أن تأخذ في الاعتبار رأي الجميع".
واعتبر المستشار الألماني أولاف شولتس أن الاتفاق على هذا النص يشكل "منعطفا تاريخيا من شأنه أن يحد بشكل فعال من الهجرة غير النظامية في أوروبا ويخفف بشكل دائم العبء عن دول مثل ألمانيا".
وكانت المفوضية الأوروبية وإسبانيا التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي الدورية لمدة ستة أشهر، قد عربتا عن ثقتهما في احتمال التوصل إلى اتفاق قبل انعقاد المجلس الأوروبي غير الرسمي الجمعة في غرناطة (جنوب إسبانيا). وستكون قضية الهجرة الملحة في قلب مناقشات رؤساء الدول والحكومات.
- "معايير انسانية" - وأثار المأزق الذي أحاط "بحل الأزمة" هذه، الإحباط داخل الاتحاد الأوروبي، أمام ارتفاع أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى حدوده الخارجية والوضع في جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.
وينص الاتفاق على وضع نظام استثنائي أقل حماية لطالبي اللجوء من الإجراءات المعتادة في حال حدوث تدفق "جماعي" و"غير مسبوق" للمهاجرين.
وهو يمدد احتمال احتجاز المهاجرين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لمدة قد تصل إلى 40 أسبوعًا، ويسمح بإراسة لطلبات اللجوء بشكل أسرع ومبسط لعدد أكبر من الوافدين (للقادمين من بلدان معدل قبول طلباتهم أقل من 75 بالمئة)، للتمكن من إعادتهم بسهولة أكبر.
كذلك، ينص على تفعيل سريع لآليات التضامن بين الدول الأعضاء في رعاية اللاجئين، ولا سيما بإعادة توطين طالبي اللجوء أو المساهمة المالية.
في تموز، فشل الاجتماع في التوصل إلى الغالبية اللازمة لإقرار الميثاق. وامتنعت ألمانيا بشكل خاص عن التصويت بسبب معارضة حزب الخضر، العضو في الائتلاف الحاكم، الذي طالب بإيواء القُصَّر وعائلاتهم.
ورحبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الأربعاء بالقول "لقد ناضلنا بنجاح لتجنب تخفيف الحد الأدنى للمعايير الإنسانية، مثل الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية (...)".
وفي سعي للضغط على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودفعها إلى الاتفاق، قرر البرلمان الأوروبي وقف مفاوضات بشأن نصّين آخرين في ملفّ الهجرة يهدفان إلى تعزيز الأمن عند الحدود الخارجية.
ومن المفترض على أي حال اعتماد هذا الميثاق الذي عرضته المفوضية الأوروبية في أيلول 2020 والذي يتضمن حوالي عشرة تشريعات، قبل الانتخابات الأوروبية المقررة في حزيران 2024.
وأكد وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا غوميز، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء "يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام، ونحن الآن في وضع أفضل للتوصل إلى اتفاق على مجمل ميثاق اللجوء والهجرة مع البرلمان بحلول نهاية هذا الفصل".
وقال وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيجارتو "ندعو بروكسيل إلى وضع حد فوري لسياسة الهجرة هذه وحصص إعادة التوطين القسرية (...) يعود سبب ضغط الهجرة المتزايد على أوروبا الوسطى بالكامل إلى بروكسل" التي "تدعم النموذج الاقتصادي للمهربين".